بلير في القاهرة: على المجتمع الدولي إحياء عملية السلام لأن البديل سيكون مظلماً

دعا المجتمع الدولي لدعم أبو مازن ولمح إلى إمكانية «السير قدماً بدون حماس»

TT

أكد رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أن المباحثات التي أجراها مع الرئيس المصري حسني مبارك أمس تناولت العديد من التطورات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط، خاصة قضية الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، مشيراً إلى أنه «حان الوقت لإيجاد حل لهذه المشكلة الآن». وقال بلير إن خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي ألقاه (أمس) يعد مهماً في هذا الوقت الحساس، ويعكس رغبة أبو مازن في تحسين الأوضاع المعيشية للشعب الفلسطيني الذي يعاني منذ فترة طويلة. وأضاف بلير في المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد ظهر أمس في مقر السفارة البريطانية بالقاهرة أن الرئيس الفلسطيني يعمل من أجل التوصل إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة الجميع بما فيها حماس. ولمح إلى عزمه المضيّ قدما بدون حماس إذا كانت غير راغبة في أن يكون لها دور إيجابي.

وأعرب عن إيمانه بأنه آن الأوان للمجتمع الدولي للقيام بدعم سلطة الرئيس عباس لإحداث تقدم في التوصل إلى حل للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وقال: «إنني أعلم أن هناك من يقول إن الأوضاع تراجعت بالنسبة للقضية الفلسطينية، وأنه لم يحدث تقدم فيها، ولذا أعتقد أن البديل سيكون مظلماً إذا لم يتم إيجاد حل للقضية، وعلى المجتمع الدولي العمل من أجل إحياء عملية السلام». وأكد رئيس الوزراء البريطاني أنه يتعين على المجتمع الدولي التدخل، خاصة أن الرئيس الفلسطيني المنتخب يرغب في إظهار زعامته، وأن يقف وراءه ويدعمه في التوصل إلى حل للقضية بإقامة دولتين تعيشان في سلام جنبا إلى جنب. وأوضح أن المباحثات التي سيجريها في الأيام القليلة المقبلة.. «ستكون مهمة في هذا الوقت الحساس». وتأتي محادثات رئيس الوزراء البريطاني مع الرئيس مبارك، في إطار سعيه لتنشيط عملية السلام في وقت يتزايد فيه التوتر بين الفرقاء الفلسطينيين وبينهم والجانب الإسرائيلي. ووصل بلير إلى مصر أمس قادما من تركيا وسيسافر إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية والإمارات العربية المتحدة في إطار جهود تبذل من أجل تحقيق السلام في الشرق الأوسط. وصرح السفير سليمان عواد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية بأن المشاورات التي جرت بين الرئيس مبارك ورئيس الوزراء البريطاني كانت «شديدة العمق». وتطرقت إلى تفاصيل الوضع الراهن، خاصة فيما يتعلق بالوضع في لبنان والعراق ودارفور، بينما استأثر الحديث عن إطلاق سبل عملية السلام في الشرق الأوسط بالجانب الأكبر من هذه المشاورات.

ورداً على سؤال حول النشاط المتزايد في المنطقة بشأن المسألة العراقية، قال السفير سليمان عواد إن مصر تتطلع إلى أدوار بناءة تقوم بها كل دول الجوار حول العراق، مشيراً إلى أن مصر تشارك، رغم أنها لا تربطها حدود مشتركة مع العراق، في كل اجتماعات دول الجوار، وأنها تتطلع لدور إيجابي، ليس فقط من جانب إيران، ولكن من كافة الشركاء الإقليميين بما يحقق استقرار المنطقة ويحاصر الإرهاب والعنف، ويستعيد الهدوء والاستقرار والسيادة ويحفظ وحدة أراضي العراق من مخاطر التقسيم. وعما إذا كانت مباحثات الرئيس مبارك وبلير قد تطرقت للأوضاع في العراق، قال السفير عواد إن ذلك تم في ضوء التوصيات التي تضمنها تقرير «بيكر ـ هاملتون»، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء البريطاني مهتم للغاية مع الإدارة الأميركية باحتواء التدهور الحادث في العراق ودعم العملية السياسية. وردا على سؤال عما يتردد من أن السعودية ستقوم بدعم السنة في العراق، قال السفير عواد إن تهميش السنة في العراق يرسل رسالة خاطئة تضيف إلى البعد الطائفي والمذهبي في العراق، وهو ما لا تعترف به مصر. وأكد عواد أن مصر تعترف بشعب العراق شعبا واحدا بعيدا عن أية طائفية أو مذهبية، وأن تهميش السنة يعترض بناء وفاق عراقي وطني نسعى إليه، مشيراً إلى أن القاهرة استضافت مؤتمراً يمهد للوفاق العراقي أخيرا. وقال إن تهميش السنة في العراق يعبئ قوى السنة في العالم العربي وخارجه لمناصرة السنة في العراق، وأن مصر لا تريد ذلك، وإنما تريد أن يقوم العالم الإسلامي والعربي بمناصرة شعب العراق شعباً واحداً يعمل من أجل عراق واحد بعيدا عن مخاطر الحرب الأهلية أو التقسيم.

وأضاف عواد أن بلير ذكر خلال مباحثاته مع الرئيس مبارك أن الاتحاد الأوروبي يستضيف الآن جالية ضخمة من المسلمين، وأن الحوار مع العالم الإسلامي بات ضرورة ملحة. وأن الرئيس مبارك أكد لبلير أن مصر تشجع حوارا حقيقيا وجاداً بين الحضارات والأديان يقوم على التكافؤ والاحترام المتبادل والاعتراف بالآخر.

والتقى رئيس الوزراء البريطاني والوفد المرافق شيخ الأزهر، الدكتور محمد سيد طنطاوي، بمقر المشيخة بعد ظهر أمس، وقال الدكتور طنطاوي إن المقابلة تناولت الموضوعات التي تهم الإسلام والحضارات الأخرى. وأضاف أنه أوضح لرئيس الوزراء البريطاني أن الإسلام دين يمد يده للسلام ويدعو إليه ولا يعتدي على أحد، مشددا على ضرورة التعاون من أجل صالح الإنسانية جميعا، نافيا أي تصادم بين تلك الحضارات. وقال: «إننا في الإسلام نأخذ من حضارة الغرب ما يتماشى مع الشريعة الإسلامية ومصلحتنا وفي حدود ما أحل الله، كما يأخذ الغرب من حضارة الشرق ما يفيد الإنسانية».