الرئيس الصومالي يعلن إغلاق باب المفاوضات مع «المحاكم» ويتهمها بأنها «دكان» لـ«القاعدة»

اتفاق في اليمن على مواصلة الحوار

TT

تصاعدت الحرب الكلامية بين الحكومة الصومالية والمحاكم الإسلامية بعد ان اعلن الرئيس الصومالي عبد الله يوسف أحمد بأن باب محادثات السلام مع المحاكم قد أُغلق، وإن القتال قد يندلع في أي وقت. وجاء ذلك التصعيد في الوقت الذي كثفت فيه قوات الحكومة الصومالية الانتقالية التي تساندها وحدات من الجيش الإثيوبي دورياتها حول مدينة بيداوة التي تتخذها مقرا لها، والتي تحاصرها مليشيات المحاكم الإسلامية منذ عدة أسابيع وتتزايد المخاوف من اندلاع مواجهات بين الطرفين.

وقال الرئيس الصومالي، في تصريحات أدلى بها الليلة قبل الماضية، إن باب محادثات السلام مع المحاكم الإسلامية قد أغلق وأنه يتوقع الحرب في أي وقت بسبب تصرفات المحاكم، وأضاف الرئيس الصومالي بأن تنظيم القاعدة افتتح «دكانا» له في الصومال، في إشارة الي المحاكم الإسلامية. وأكد يوسف في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بيداوة «أنه سعى كثيرا لإنجاح عملية السلام مع قادة المحاكم الإسلامية، لكنهم في المقابل كانوا يصرون على التذرع بحجج واهية للتهرب من استحقاقات عملية السلام ويحاولون الضغط على السلطة الانتقالية صاحبة الشرعية الوحيدة في البلاد».

واعتبر يوسف «أن المحاكم الإسلامية لم تكن يوما جادة في عملية السلام» التي ترعاها الجامعة العربية والحكومة السودانية، مشيرا إلى «أنها تتحمل مسؤولية الفشل في عقد الجولة الثالثة من هذه المفاوضات التي كان مقررا عقدها الشهر الماضي في العاصمة السودانية الخرطوم».

وأضاف: «نحن ذهبنا رغم يقيننا من أنهم غير جادين ولكنهم تحدثوا عن شروط وحاولوا تمييع الملف، وهذا ما رفضناه وسنرفضه».

وقال يوسف: «صبرنا نفد ولم يعد بوسعنا الجلوس معهم على طاولة واحدة قبل أن يتخلوا عن كل ما ممارساتهم الشريرة ضدنا»، مضيفا: «أن من واجبي ومسؤولياتي أن أقود شعبنا إلى مستقبل أفضل. ومن أجل الشعب الصومالي الذي عانى طويلا من حرب أهلية طاحنة، لم يعد بإمكاننا السكوت والتزام الصمت حيال هؤلاء المتطرفين». وحث دولا، لم يسمها، قال إنها مصدر لإرهابيين يشاركون في صفوف المحاكم الإسلامية على «وقف عملية تنقلاتهم، والتعاون مع حكومته، لخدمة السلام الإقليمي في منطقة القرن الأفريقي». وقال «ان المحاكم انتهكت الاتفاق الذي تم التوصل إليه في محادثات السلام السابقة على نحو صارخ».

واتهم يوسف المحاكم الإسلامية بالضلوع في محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها قبل شهرين لدى خروجه من مقر البرلمان الصومالي في بيداوة، وتعهد بأنه لن يسمح للمحاكم الإسلامية بإنشاء دولة إسلامية في الصومال.

وقال معلقا: «أنا مسلم ورئيس دولة مسلمة ولسنا بحاجة إلى أي شخص لكي يزايد علينا أو يستخدم الدين ستارا لأهدافه السياسية».

وجاءت تصريحات الرئيس الصومالي في أعقاب تصريحات أدلت بها جينداي فريزر مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية، والتي قالت فيها ان المحاكم الإسلامية خاضعة لسيطرة خلية القاعدة في شرق أفريقيا.

وفي نفس الوقت، ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية ان شيخ شريف احمد رئيس مجلس المحاكم الاسلامية الصومالية وشيخ شريف حسن آدم رئيس البرلمان الصومالي اعلنا في عدن (جنوب اليمن) تمسكهما بالحوار لحل المشكلة الصومالية.واكد الجانبان في بيان مشترك «تمسك مجلس المحاكم الاسلامية بالحوار مع الحكومة الفدرالية الانتقالية الصومالية كوسيلة لحل الخلافات والقبول بمشاركة كافة الأطراف المعنية ووقف أي تحركات تقود إلى مواجهات عسكرية من قبل أي طرف». وصدر البيان اثر محادثات استمرت ثلاثة ايام بين الجانبين برعاية الرئيس اليمني علي عبد الله صالح. واكد البيان استئناف الطرفين الحوار الذي كان بدأ في الخرطوم من أجل الوصول إلى حلول سياسية تكفل المشاركة في السلطة لجميع الأطراف.

من جانبها، اتهمت المحاكم الإسلامية الرئيس يوسف بأنه ضد السلام في الصومال، وقال الشيخ حسن طاهر عويس رئيس مجلس شورى المحاكم الإسلامية بأن «الرئيس يوسف في عمره لم يعمل من أجل السلام في الصومال وتصريحاته الأخيرة بمثابة صرخات الغريق الذي يتعلق بالزبد». وأضاف الشيخ عويس الرجل الثاني في تنظيم المحاكم بـ«أن المحاكم الإسلامية ملتزمة بمبدأ الحوار والتفاوض مع الحكومة الانتقالية في أي مكان وفي أي وقت لتجنيب البلاد الحرب أهلية التي يطبل لها الرئيس يوسف».وقال الشيخ عويس «ان تصريحات الرئيس يوسف المتعلقة بغلق باب المحادثات من شأنها ان تعمق من الأزمة الحالية وتجر البلاد الي مشاكل جديدة». واتهم الشيخ عويس الحكومة الانتقالية بأنها تخضع لسيطرة إثيوبيا التي تملي عليها ما تريده لتحقيق أهدافها في الصومال. وعن المهلة التي حددتها المحاكم لانسحاب القوات الإثيوبية من الصومال، قال «سواء تكون هناك مهلة أو لم تكن فإننا نطالب بانسحاب القوات الإثيوبية من أراضينا. واذا لم تفعل ذلك فكل الخيارات بما فيها الحرب مفتوحة أمام المحاكم الإسلامية لإجبارها على الانسحاب».ونفى الشيخ عويس نية المحاكم الإسلامية شن هجوم على القوات الحكومية، لكنه قال «اننا سنقاتل القوات الإثيوبية الموجودة في كل مكان توجد فيه في الصومال». في هذه الأثناء، كثفت القوات التابعة للحكومة الصومالية الانتقالية التي تساندها وحدات الجيش الإثيوبي دورياتها الأمنية داخل وحول مدينة بيداوة التي تحاصرها قوات المحاكم الإسلامية من عدة جهات منذ عدة أسابيع وتخضع السيارات التي تدخل اليها لتفتيش دقيق من قبل القوات الحكومية.

وتتمركز قوات الحكومة الانتقالية ومقاتلو المحاكم الإسلامية في مسافات متقاربة على بعد 20 كم فقط من بيداوة. وعلى الرغم من حدوث مواجهات مسلحة بينهما إلا أن احتمالات وقوع صدام بينهما تزداد على مرور الأيام.