تجارة السلاح في السوق السوداء تزدهر في بغداد

من مصادرها الرئيسية التهريب خصوصا من سورية وعناصر الشرطة العراقية

TT

بغداد ـ ا.ف.ب: «يبلغ سعر الصندوق الذي يحتوي على 700 خرطوش كلاشنيكوف 450 دولارا الآن، فمع تصاعد العنف ترتفع الاسعار»، هكذا قال حيدر، 31 سنة، أحد تجار السلاح في العاصمة العراقية، مرتديا سترة من اللون البيج وقميصا ورديا تمَّ كيُّهُ بعناية وحذاء لامعا. يبدو حيدر الذي يرفض الافصاح عن اسمه الحقيقي، انيقا مثل كبار رجال الاعمال. ويوضح انه منذ الاعتداء الذي استهدف المراقد الشيعية في سامراء في فبراير (شباط) الماضي «ازدادت المبيعات بنسبة كبيرة جدا». وكان هذا الاعتداء بمثابة المفجر للعنف الطائفي المتصاعد في العراق. ويضيف هذا التاجر الذي يبيع بالجملة «بدأت الميليشيات الشيعية تطلب اسلحة والمجموعات السنية المسلحة ايضا فهم الزبائن الرئيسيون». ويعترف بان «ارباحه ازدادت خلال الأشهر الاخيرة». ويقول محمد، وهو تاجر تجزئة، ان «افرادا كذلك يطلبون اسلحة للدفاع عن انفسهم وعن عائلاتهم».

وطبقا لقاعدة العرض والطلب التقليدية قفزت الاسعار وتضاعف بعضها اربع مرات منذ الربيع، حسب هذا التاجر. وبات سعر الكلاشنيكوف القديم يراوح بين 200 و350 دولارا، اما الكلاشنيكوف الحديث فيراوح سعره بين 400 و600 دولار بينما يصل سعر المدافع الآلية الروسية، التي تستخدم بكثرة، الى 3000 او 4000 دولار.

ويروي محمد انه «بعد الحرب مباشرة (2003) كان هناك سلاح في كل مكان. وفي بغداد كان التجار يحاولون اجتذاب الزبائن ويصرخون: صفي حساباتك بـ250 دينارا (اقل من نصف دولار)». ويستطرد ضاحكا «كانوا يبيعون في الشوارع قنابل يدوية من مخازن الجيش ولكي يتأكد الزبائن من انها تعمل كانوا يلقونها أمامهم في أية قطعة ارض خلاء».

وبدأ حيدر البيع بالمفرق عام 2003 اذ كان يتدبر بعض الاسلحة يمينا ويسارا ولكنه بعد ذلك اصبحت لديه شبكة كاملة تمده ببضاعته. ويؤكد احمد حسين، وهو تاجر تجزئة أيضا، ان هناك مصدرين للسلاح»، موضحا ان المصدر الاول هم «المهربون الذين يأتي معظمهم من ايران وبعضهم من سورية»، والمصدر الثاني هو «عناصر الجيش والشرطة الذين يبيعون اسلحة ولكن بصفة خاصة ذخائر». ويضيف «عرض عليَّ شرطي ان اشتري الرشاش الآلي الذي كان موجودا في سيارته مقابل 3 آلاف دولار فلم يكن الامر يتطلب اكثر من تفكيك الرشاش». ويتابع ان رجال الشرطة يحصلون على رواتب ضعيفة لذلك فبعد تعرضهم لهجوم يمكنهم ان يبيعوا الذخائر ثم يقولون لرؤسائهم انهم فقدوها اثناء الهجوم». ويشير حيدر الى ان «بعض كبار الضباط يهربون ايضا اسلحة وذخائر».

واذا كانت الانقسامات الطائفية تمزق العراقيين، فان لتجار السلاح على العكس لغة مشتركة: النقود التي يربحونها، لذلك فان حيدر يعمل مع شيعي يستطيع التحرك من دون مواجهة مشكلات في مدينة الصدر الشيعية، معقل ميليشيا جيش المهدي التابعة لحركة مقتدى الصدر، والتي تعد المركز الرئيسي لسوق السلاح. ويشرح حيدر انه لا يمكنه «تخزين السلاح في منزله، اذ يقوم الأميركيون بتفتيش المنازل بانتظام ولكنهم لا يطأون بأقدامهم مدينة الصدر، لذلك فالشيعة يمكنهم تخزين السلاح». ويقسم حيدر انه لا يبيع متفجرات ولا مدافع هاون او صواريخ ار بي جي.

ويتابع ان التجارة في هذه النوعية من الاسلحة «خطيرة جدا». ويضيف وهو يبتسم نصف ابتسامة، «لكن اذا اردت قنبلة يدوية الصنع فانني يمكن ان اوفرها لك».

ويتعين على تجار السلاح ان يغدقوا على رجال الشرطة فنقل بضاعتهم اصعب من الحصول عليها. ويوضح حيدر ان هناك «نقاط تفتيش في كل مكان، ولكن عموما تكفي مئة دولار للمرور».

غير انه لا يغامر بالمرور في احياء لا يعرفها ولا يبيع إلا لاشخاص يثق بأنهم لن يشوا به. ويقول «ان عقوبة تجارة السلاح 15 عاما او اكثر».

وهل يشعر حيدر بانه يساهم في المجازر اليومية؟ لا يبدو ذلك، فهو يقول: «أمي تتوسل الي ان اكف عن هذا، ولكن المشكلة بالنسبة لي عكسية فعندما يتوقف العنف لن يكون هناك سوق وساعتها قد اضطر لبيع ساعات اليد».