استمرار التحفظات داخل إدارة بوش حيال قدرات المالكي

الاستخبارات الأميركية ترى أن من الصعب التكهن بأفعال رئيس الوزراء العراقي

TT

بينما يدرس البيت الأبيض نقلا اسرع للمسؤوليات الى الحكومة العراقية، تبقى شكوك واسعة داخل وخارج ادارة الرئيس جورج بوش، حول ما اذا كان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، قادرا على تنفيذ الخطوات الضرورية لتحقيق الاستقرار في البلاد، وفقا لمصادر مطلعة على المراجعة المستمرة للسياسة.

وعبر الرئيس بوش، مجددا، عن دعمه للمالكي في حديث معه دام نصف ساعة عبر الفيديو يوم الجمعة الماضي، ومن الواضح أن المسؤولين لا يجدون بديلا عمليا للسياسي الشيعي المتمرس. وقال البيت الأبيض انه يشعر بالارتياح من دعوة المالكي، أول من امس، الى المصالحة الوطنية والسيطرة على الميليشيات. وقالت مصادر مطلعة، ان مراجعة ادارة بوش تستمر في العودة الى موضوع ما اذا كان رئيس الحكومة العراقية الهشة يمتلك القدرة على متابعة تنفيذ الخطوات، التي رفضها حتى الآن خلال فترة الأشهر الستة التي قضاها في السلطة، مثل السعي الى مصالحة اوسع بين الطوائف العراقية المتصارعة، وحل الميليشيات المسؤولة عن الكثير من الفوضى في بغداد. وتلقي نقاط ضعف المالكي ظلال الشك على قدرة الولايات المتحدة على نقل مسؤولية اكبر عن المدن الى العراقيين، والانتقال الى مزيد من دور الدعم، وبالتالي سحب قواتها البالغة 140 ألفا من البلاد.

وتعتقد الاستخبارات الاميركية، ان المالكي يتعرض الى ضغوط هائلة، وبالتالي فانه شخص يصعب التكهن بأفعاله. ويعتقد القادة العسكريون الأميركيون انهم قادرون على التعامل معه، ولكن فقط عبر الكثير من العمل والصبر. ويرتاب مسؤولو وزارة الخارجية بشأن آفاقه، ولكنهم يجادلون بأنه آن الأوان لكي يمارس السيطرة، وبالنسبة للولايات المتحدة أن تتخذ موقف التحفظ تجاه حكومة بغداد، وفقا لمسؤولين مطلعين على المشاورات الأميركية.

غير أن الخوف المشترك هو أن أية استراتيجية أميركية جديدة يمكن أن تحول هيمنة اكبر الى المالكي، وانه يمكن بالتالي ان يكون عاجزا او غير مستعد لاتخاذ الخطوات الصارمة المطلوبة. ويمكن أن تعود الولايات المتحدة ثانية الى المربع الأول.

وتساءل مسؤول مطلع على المشاورات، مشترطا عدم الاشارة الى اسمه، بسبب كون مراجعة السياسة ما تزال مستمرة، قائلا «ماذا لو اننا نعتمد على المالكي ويخيب، بالتالي، أملنا؟ تلك حصيلة يتعين علينا ان نتجنبها».

ويقول كثير من خبراء السياسة الخارجية ان ادارة بوش ربما تتمنى الكثير من المالكي. وقال وزير الدفاع السابق فرانك كارلوتشي، الذي عمل في ادارة ريغان، ولديه صلات وثيقة مع كبار مسؤولي الادارة الحالية، ان «الرئيس قد راهن على نحو استثنائي على هذا الرجل. وآمل في ان يتمكن المالكي من تحقيق النجاح ولكن الحظوظ اقل من 50 في المائة».

ومنذ غزو 2003، ظلت الولايات المتحدة تعاني من عدم القدرة على تشخيص الزعماء العراقيين الأكثر شعبية. ووضع بوش الكثير من الأمل والجهد على المالكي، الذي كان حتى صعوده إلى منصب رئاسة الحكومة الشخصية الثانية في حزب الدعوة الشيعي.

لكن العلاقة ازدادت تشنجا مع تصاعد العنف وعبّر المسؤولون الأميركيون عن مشاعر الضيق تجاه عدم استعداد المالكي لمواجهة الميليشيات. وأدى تسرب مذكرة، كتبها مستشار الأمن القومي ستيفن هادلي، يوم 8 نوفمبر (تشرين الثاني) إلى الصحافة، إلى إثارة شكوك الإدارة الأميركية حول قدرات المالكي، متسائلة حول ما إذا كان رئيس الحكومة العراقية «راغبا وقادرا على تجاوز الاجندات الطائفية التي يتم الترويج لها من قبل أطراف سياسية أخرى». لكن مسؤولين في إدارة بوش ظلوا منذ ذلك الوقت يقللون من شأن المذكرة، قائلين إنهم مقتنعون بتوفر الإرادة لدى المالكي كي يقوم بتغييرات صارمة، لكنه بحاجة إلى مساعدة أميركية أكبر لتقوية «قدراته»، مثل السيطرة على القوات المسلحة العراقية.

من جانبه، قدم جون نيغروبونتي، مدير الاستخبارات القومية، تقييما للمالكي حينما التقى بمراسلي صحيفة «واشنطن بوست» الأسبوع الماضي. واعترف بأنه من الصعب على المالكي مواجهة الصدر بسبب الدور الذي يلعبه أنصار الصدر في كتلته البرلمانية. وأضاف نيغروبونتي: «أظن أن رئيس الوزراء يفهم وسيوافق على أن المتطرفين في أقصى طرفي الموشور العراقي يجب التعامل معهم».

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»