الجميل: لا حياة لأي صيغة تتنكر للوجود الإسلامي ـ المسيحي

الرئيس اللبناني الأسبق يحدد «مسلمات» الخلاص الوطني

TT

اكد الرئيس الاعلى لحزب «الكتائب اللبنانية» رئيس الجمهورية الاسبق امين الجميل «ان لا حياة لاي صيغة او دستور يتنكران للوجود الاسلامي ـ المسيحي المشترك». ودعا الى معالجة الوضع اللبناني عبر عقد مؤتمر وطني يجيب كل طرف فيه على سؤال «عن اي لبنان نريد» معلنا ان «وحدتنا الوطنية هي السلاح الذي يجب الا ينزع لئلا ندفع مرة اخرى ثمن حروب الآخرين».

موقف الرئيس الجميل اعلنه في احتفال حاشد اقامه حزب الكتائب امس لمناسبة اداء اربعة آلاف منتسب جديد اليمين، وفاء للوزير بيار امين الجميل الذي اغتيل في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

استهل الجميل كلمته بالقول: «من عمق جروحي الدائمة، جروح العائلة والحزب ولبنان، اتوجه اليكم ايها اللبنانيون والأصدقاء والرفاق. اشكر وقفتكم معنا. ان اقتسام الاحزان وان كان لا يلغي المأساة، فانه يخفف وطأتها... ايها الرفاق الجدد، اردتم ان تسمى دورتكم دورة بيار الجميل. ان كانت هذه الارادة عربون وفاء للشهيد الجديد، فهي اساسا اعتراف بنضاله من اجل قيامة الكتائب ولبنان من بين الانقاض. في زمن قصير، قصير جدا، بنى بيار ورفاقه ما تهدم من مجدنا القديم. ما زرعه شهيدنا في الاشهر الاخيرة نبت اليوم حزبا يتعافى، يرفع رأسه، يستعيد صدقيته».

ورأى «ان الازمة الوجودية التي نمر فيها اليوم، فرصة تاريخية لنؤكد لانفسنا، للعالم وللاجيال الطالعة، اننا شعب واحد عازم على الحياة المشتركة بأمن وحرية وسلام ومساواة مع احترام خصوصيات كل جماعة وطائفة. حان الوقت لنحسم مصيرنا مرة واحدة وأخيرة لئلا يبقى لبنان علامة استفهام وبنوه برسم التضحية. اجل، يحتاج اللبنانيون اليوم الى مشروع وطني جديد يوحدهم بعد تعدد المساحات وتنامي حركات التطرف وبروز مشاريع غريبة عن تقاليدنا اللبنانية. ان زج لبنان في الاستراتيجيات الخارجية يعيده الى لعبة المحاور في منطقة الشرق الاوسط فيما شكل تحرير الجنوب سنة 2000، ثم انسحاب الجيش السوري سنة 2005، نافذة لفك ارتباطه ولو نسبيا بمشاكل المنطقة. صحيح ان لبنان، بحكم موقعه الجغرافي وتنوع طوائفه ومذاهبه، معني دائما بما يجري حوله، لكن فن السياسة هو ان يكون تأثيره في محيطه اهم من تأثير محيطه فيه. والمؤسف انه فيما كانت شعوب الشرق الاوسط تحلم بان تصبح بلدانها مثل لبنان، نرى اطرافا لبنانيين يسعون الى تحويل لبنان شبيها ببعض دول المنطقة. انه استبدال الكابوس بالحلم، والقمع بالديمقراطية... معالجة هذا الواقع المرضي قلما يتم بوسائل تقليدية كتغيير حكومة او اجراء انتخابات نيابية جديدة، انما بعقد مؤتمر وطني يجيب في اثنائه كل طرف بشجاعة ومسؤولية عن السؤال التاريخي: اي لبنان نريد؟ وان بقي هذا السؤال من دون جواب نهائي بعد، فليس لان الجواب مفقود، بل لسببين. الاول هو ان غالبية الاطراف اللبنانية تريد بناء دولة لبنان لطوائفها ومذاهبها لا للشعب الصامد هنا منذ دهور ودهور. والثاني هو ان الاتفاق على لبنان وطنا نهائيا من ناحية حدوده واستقلاله، لم ترافقه بعد قناعة نهائية بدستوره وصلاحيات مؤسساته وشكل دولته. وكأن كل المواثيق الوطنية ليست سوى هدنات دستورية تنتظر معطيات ديموغرافية او موازين عسكرية جديدة».

واعتبر الجميل «ان كل اطار دستوري لبناني جديد يجب ان يكمل لا ان ينقض ما سبقه، فمثلما استخلصنا العبر من تجربة ميثاق 1943، حري بنا اليوم، اذا توافقنا، ان نستخلص العبر ايضا من تجربة اتفاق الطائف».

وفي ختام كلمته دعا الرئيس الجميل الى احترام «مسلمات» لخصها بالآتي: «الوجود المسيحي الحر والفاعل في لبنان الوطن والدولة، اذ بات لبنان الملاذ الاخير للمسيحيين في الشرق، الوجود الاسلامي ـ المسيحي المشترك، اذ لا حياة لأي صيغة او دستور يتنكران لهذا المعطى البديهي، المحافظة على النظام الديمقراطي لانه يحافظ على الحريات ويرعى بآلياته صيغة التعايش بين اللبنانيين».

وخلص الى القول: «لبنان يبحث عن حلول غير مبادرات فيما المطلوب حلول عبر ارادات وطنية. ظاهر الازمة السياسية الطائفية يدور حول الحكومة والمحكمة الدولية ورئاسة الجمهورية، بينما جوهرها يستهدف تغيير النظام وحكم الدولة وهوية المجتمع. اما الشرق الاوسط فيعيش مخاض التغيير من دون ان يكون هذا التغيير مرادفاً للتقدم والسلام. ان شعوب المنطقة العربية تنتقل من الانظمة المطلقة الى الفوضى المطلقة. ودولها تعيش على خط التماس بين الاستقرار والفتنة. تجاه هذه التطورات، وحدتنا الوطنية هي السلاح الذي يجب الا ينزع لئلا ندفع مرة اخرى ثمن حروب الاخرين.. عرفنا في تاريخنا تحديات اقسى واجتزناها. نحن اصحاب قضية متجذرة في هذا الشرق».