تفاقم أزمة مياه الشرب في موريتانيا .. والفقراء الأكثر تضرراً

آمال الموريتانيين معلقة على مشروع ضخم لجلب المياه من نهر السنغال

TT

تحولت معظم الصنابير المنزلية في العديد من أحياء العاصمة الموريتانية نواكشوط إلي مجرد جزء من ديكور البيوت، وأصبح شراء برميل الماء يوميا جزءا من النفقات الأساسية لكل عائلة موريتانية بعد تفاقم أزمة المياه الحادة التي شهدتها مدينة نواكشوط خلال العام الماضي، وما زالت متواصلة حتى الآن.

وتسببت هذه الأزمة في الارتفاع المذهل لأسعار المياه في المدينة، وشهدت خزانات الماء والصنابير العمومية المتناثرة في أنحاء متفرقة من العاصمة، إقبالا كبيرا من طرف المواطنين وطوابير الحمير التي تجر عربات محملة بالبراميل بسعة 200 لتر، وبمعدل برميلين لكل عربة، ويتزاحم حول هذه الخزانات عشرات النساء والأطفال والشيوخ الذين يحملون حاويات وأواني لنقل الماء. كما تصطف حول مضخات توزيع المياه الصهاريج المخصصة لنقل الماء لزبائن ميسورين في مقاطعتي «تفرغ زينه» و«لكصر»، وأحيانا إلى منتجعات ضواحي مدينة نواكشوط حيث يقضي كبار الأثرياء في العاصمة أوقات راحتهم بعيدا عن ضوضاء المدينة وهموم الحياة اليومية. وبات الماء في نواكشوط سلعة يتاجر بها البعض لتحقيق الأرباح والثراء، فيما يعاني باقي سكان المدينة الأمرين للحصول على الحد الأدنى الضروري منها للبقاء على قيد الحياة، في ظل انقطاع شبه كامل لشبكة التوزيع الحضرية عبر الأنابيب والحنفيات المنزلية، وتبقى كل آمال الموريتانيين معلقة على مشروع حكومي كلفته مليارات الدولارات لجلب مياه نهر السنغال إلى العاصمة نواكشوط، وهو مشروع ما زال قيد الإنجاز، ويرشح البعض تأخره عن موعده الذي كان مقررا عام 2009. وبادرت السلطات الموريتانية باتخاذ إجراءات عملية تهدف للحد من أزمة العطش المتفاقمة، من خلال تزويد المنازل في الأحياء الشعبية بهذا السائل الحيوي عبر صهاريج كانت الحكومة السابقة أعدتها لنقل المياه إلى حامية عسكرية في شمال موريتانيا. وفيما يعمد أصحاب الدخل المرتفع وكبار المسؤولين ورجال الأعمال في نواكشوط إلى إنشاء خزانات منزلية يتم استخدامها بواسطة مضخات كهربائية صغيرة لتوزيعها عبر الحنفيات المنزلية، تبقى جهود غالبية سكان الأحياء الفقيرة للحصول على الماء محصورة في نقله بواسطة الأواني المنزلية من أقرب مصلحة عمومية أو من جيرانهم الأوفر حظا وحتى من حنفيات المراحيض العمومية.

ورغم توفر «الشركة الوطنية للماء» على وسائل لوجيستية تمكنها من وضع حد لهذه الأزمة، فإن غالبية سكان مدينة نواكشوط ما زالوا يشكون من حدة نقص الماء الشروب، وارتفاع سعر البرميل «200 ليتر» الذي يتجاوز أحيانا 3 دولارات. وفيما يهتم المسؤولون في هذه الشركة ببيع هذه السلعة لطبقة معينة تسكن في الغالب الأحياء الراقية بأسعار زهيدة، يبقي سكان الأحياء الشعبية من الطبقات الأخرى تحت رحمة أصحاب العربات الذين يفرضون أسعارهم المرتفعة في ظل غياب أي بديل أمام المواطنين، حسب المهتمين بهذا الشأن.