قندهار : مقتل 30 عنصرا من طالبان في عملية «صقر القمة» بينهم عدد من قادتهم

مقتل مدني في هجوم انتحاري على قافلة لـ«الناتو».. وإعادة إحياء الجيش الأفغاني ما زالت بعيدة المنال

TT

أدت غارة جوية شنتها القوات التي يقودها حلف شمال الاطلسي على جنوب افغانستان هذا الاسبوع الى مقتل نحو 30 مقاتلا من طالبان من بينهم عدد من القادة، حسب ما صرح حاكم ولاية قندهار امس .

وقصفت طائرات تابعة للقوة الدولية للمساعدة في إرساء الأمن في افغانستان (ايساف) معسكرا يستخدم موقعا لقيادة طالبان في منطقة بانجواي في ولاية قندهار الاربعاء الماضي.

الا ان التحالف لم يكشف عن معلومات حول الضحايا وقال انه يعمل على تقييم اعدادها. وذكر حاكم قندهار اسد الله خالد في مؤتمر صحافي امس بعد اربعة ايام من الغارة «طبقا للتقارير الاسختباراتية، قتلنا 30 من طالبان بمن فيهم عدد من قادتهم».

واضاف ان القادة المحليين الملا عبد الوالي والملا شير جان والقائد الملا عبد النافع كانوا من بين قتلى الغارة.

وشن مئات من قوات ايساف تدعمهم قوات الامن الافغانية هذا الاسبوع عملية واسعة في بانجواي، معقل طالبان المعروف الذي خاضت فيه القوات في منتصف سبتمبر (ايلول) عملية «ميدوزا» الواسعة التي قتل فيها اكثر من الف مسلح.

وتشن قوات «ايساف» عملية «صقر القمة» بمشاركة جنود من بريطانيا والدنمارك واستونيا في امتداد لعملية ميدوزا. ويشن عناصر طالبان خلال السنة الجارية اعنف هجماتهم وكثفوا العمليات الانتحارية لا سيما في شرق وجنوب البلاد حيث معقلهم التقليدي. وسقط نحو اربعة الاف قتيل معظمهم من المتمردين والمدنيين وبعض الجنود الافغان والاجانب خلال السنة الجارية في افغانستان اي اربعة اضعاف ما سقط خلال 2005 حسب تقرير رسمي. إلى ذلك أعلنت وزيرة الدفاع الفرنسية ميشال اليو ماري امس سحب 200 عسكري من القوات الخاصة الفرنسية من افغانستان خلال الأسابيع المقبلة.

وأدلت الوزيرة بهذه التصريحات خلال زيارة الى قاعدة هاوكيي الفرنسية في ساروبي على بعد خمسين كلم شرق كابل.

وبعد ان ذكرت بأن قوة حلف شمال الاطلسي اصبحت الآن منتشرة في كافة ارجاء افغانستان، قالت الوزيرة إن فرنسا تعتزم القيام «باعادة تنظيم شاملة لانتشارها» و«سحب القوات الخاصة» خلال «الأسابيع المقبلة».

وكانت اليو ماري التي تقوم بزيارة تستغرق ثلاثة ايام الى افغانستان قادمة من منطقة جلال اباد (شرق) حيث تفقدت الجنود المائتين الذين يشكلون وحدات النخبة. ونشرت القوات الخاصة الفرنسية في يوليو (تموز) 2003 في اطار عملية «الحرية الدائمة» التي اطلقتها الولايات المتحدة بعد اعتداءات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 للإطاحة بنظام طالبان وتفكيك تنظيم «القاعدة». من جهة اخرى قالت الوزيرة ان مدربين فرنسيين سيبدأون في تدريب القوات الخاصة في الجيش الأفغاني «لأنه من المهم بالنسبة لنا ان يمسك الأفغان بزمام الأمور بأنفسهم وبقواتهم». وذكرت ان فرنسا قررت ابقاء قواتها الجوية «التي تدخلت مرارا لدعم قوات حلف شمال الأطلسي» لفترة طويلة وكذلك نشر مروحيات جديدة. وافاد مصدر مقرب من الوزيرة ان الجنود الفرنسيين سيبدأون اعتبارا من 2007 تدريب كوادر مدربي القوات الخاصة الافغانية. وأضاف المصدر ان نحو 10% من القوات الخاصة الفرنسية تشارك باستمرار في العمليات في أفغانستان، وان سبعة من عناصرها قتلوا. وأوضح المصدر ان «القوات الخاصة كانت مفيدة من حين لآخر لكنها الآن لم تعد ضرورية لأن الحلف الأطلسي لديه مساهمات في هذا المجال». من جانب آخر تتولى فرنسا قيادة القوة الدولية للمساعدة على ارساء الأمن في افغانستان (ايساف) التي يقودها الحلف الأطلسي، بمنطقة كابل وعديدها ألفا جندي، 1100 منهم فرنسيون.

من جهة اخرى قتل مدني أفغاني وأصيب ثلاثة آخرون أمس في هجوم انتحاري بسيارة مفخخة استهدف قافلة لقوات حلف شمال الأطلسي في شرق افغانستان، حسب مسؤولين محليين.

وأكد متحدث باسم القوة الدولية لإحلال الأمن في افغانستان (ايساف) والتابعة لحلف الأطلسي انفجار سيارة مفخخة لدى مرور قافلة أميركية تابعة لإيساف، لكن «الاعتداء لم يخلف ضحايا بين قوات ايساف». وأكد المتحدث باسم حاكم الولاية المحاذية لباكستان والتي تشهد عدة هجمات على القوات الأجنبية أن الهجوم وقع في منطقة نادر شاه كوت. ومنذ مطلع السنة الجارية قتل أربعة آلاف شخص معظمهم من المتمردين والمدنيين وبعضهم من رجال الشرطة والجنود الافغان في معارك او هجمات، أي أكثر بأربعة اضعاف مقارنة مع العام 2005 حسب تقرير رسمي.

وقد شهدت أفغانستان هذا العام أكثر من مائة هجوم انتحاري وهو أعلى بخمس مرات من معدل العام لماضي. ويأتي الهجوم بعد اربعة أيام من هجوم مماثل في مقاطعة زابل الجنوبية عندما فجر انتحاري نفسه في قافلة من عربات الشرطة مما ادى الى مقتل خمسة مدنيين وجرح 28 شخصا. وعادة ما توجه السلطات الافغانية اصابع الاتهام في هذه الحوادث الى مسلحي طالبان، الذين يشنون حملة مسلحة في الجنوب. ويذكر أن أكثر من 3500 شخص قتلوا خلال السنة الحالية في أفغانستان، فيما يعتبر أكثر الأعوام دموية منذ الإطاحة بنظام حكم طالبان قبل 5 سنوات.

ومن ناحية اخرى في كابل منذ ربيع عام 2002 قام عسكريون فرنسيون بتدريب أربعة آلاف ضابط في افغانستان، لكن جهود حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة لإعادة إحياء الجيش الأفغاني تبدو مع ذلك غير كافية ولا تبعث على الأمل بامكان تبديل سريع للقوات الدولية في هذا البلد. وأكدت وزيرة الدفاع الفرنسية اثناء زيارتها التاسعة الى كابل ان تدريب الجيش الأفغاني «يشكل عنصرا اساسيا لاستقرار افغانستان». لكن مع عديده البالغ 36 ألف رجل ما زال الجيش الوطني الجديد في افغانستان يعتبر في مراحله الاولية.

واعتبر اللفتنانت كولونيل الأفغاني باباغول حقمال، كبير المدربين التكتيكيين في مدرسة الضباط التي فتحت عند ابواب كابل، ان المسافة ما زالت بعيدة لقيام جيش قادر على ان يحل مكان 32 ألف جندي في القوة الدولية للمساعدة على إرساء الامن (ايساف) التابعة للحلف الأطلسي حتى وان تم بلوغ الهدف لرفع عديد الجيش الوطني الى 70 ألفا بحلول عام 2009.

وأكد ان «70 الف رجل عدد غير كاف حتى لولاية كابل وحدها» في حين تواجه افغانستان حركة تمرد لطالبان وناشطين آخرين معادين للحكومة. وقال هذا الضابط «يلزمنا 200 ألف رجل مجهزين بأسلحة حديثة، وإلا فسيكون العدو اقوى دائما»، داعيا الى اجراء تدريب لقيادة مروحيات ودبابات افغانية وانشاء وحدات كوماندوس وقوات خاصة ضمن الجيش الوطني.

وشدد هذا الضابط الذي تدرب في فرنسا على انه «بدون قوات جوية وبدون دبابات ومصفحات لن يكون ممكنا القيام بحرب». وامس كان عشرات الأفغان يتدربون وفق القواعد الأميركية على القتال عن قرب بمسدسات بلاستيكية وسكاكين خشبية في المعسكر الفسيح التابع لمدرسة الضباط الممولة من الولايات المتحدة. وقد اشاد اللفتنانت كولونيل فريدريك دامبيار، قائد المدربين الفرنسيين، بهؤلاء الجنود وهو يراقب تحركاتهم ووصفهم بأنهم «في غاية الصلابة وهم قادرون على تحمل الظروف الصعبة». لكنه لفت ايضا الى تنوع التجنيد بين «مجاهدين سابقين وضباط سابقين في الجيش الوطني خدموا في الحقبة الشيوعية وآخرين التحقوا بطالبان إبان تسلمهم الحكم».

وبحسب الضابط الفرنسي فان «70 في المائة من المتدربين يأتون من منطقة كابل و20 في المائة من الشمال و10في المائة فقط من الجنوب».

ويرى اللفتنانت كولونيل حقمال ان هذا الوضع هو انعكاس لعدم رضا الأفغان في الولايات الجنوبية عن الحكومة. وهم «يتجهون نحو طالبان» على حد قوله. الى ذلك لفت الكولونيل جان برونو المكلف اعادة تنظيم الجيش الأفغاني لدى القوات الأميركية الى صعوبة أخرى تتمثل في نسبة الهروب خصوصا بين الرجال في الرتب العليا الذين «حتى وان لم ينتقلوا الى الطالبان فهم يسعون للعودة الى منازلهم». وقد عرف الجيش الأفغاني تاريخا فوضويا منذ نهاية الحرب ضد السوفيات في عام 1989. فالمجاهدون استولوا على الحكم في 1992 مما تسبب بحرب اهلية. وبعد اربع سنوات من ذلك استولى الطالبان على الحكم في كابل وحاولوا الشروع في تشكيل جيش وطني لكن بدون التوصل مطلقا الى تجهيزه بقيادة فعلية. لكن يبقى بامكان افغانستان ان تفخر بتقليد حربي طويل، كما عبر وزير الدفاع الأفغاني عبد الرحيم ورداك مؤخرا بقوله «لقد دافعنا عن بلادنا طيلة خمسة آلاف سنة في وجه الهجمات العنيفة والغزوات الكبيرة» على مر التاريخ.

الى ذلك وصف الرئيس الأفغاني حميد كرزاي امس التقرير الذي اصدرته مؤخرا منظمة هيومن رايتس ووتش، وطالبت فيه بملاحقات بحق مسؤولين افغان كبار يشتبه في ارتكابهم جرائم حرب بأنه «غير صحيح» و«خاطئ» كما اعلنت الرئاسة الافغانية. وجاء في بيان صادر عن الرئاسة ان الرئيس كرزاي «يعتبر التقرير الذي نشرته «هيومن رايتس ووتش» الثلاثاء بانه غير صحيح ويأسف لنشره». واضاف البيان ان «قادة الجهاد لعبوا دورا ايجابيا لضمان السلام واعادة إعمار الدولة وتعزيز المؤسسات الوطنية في السنوات الخمس الماضية»، مشيرا الى المجاهدين الذين حاربوا الاجتياح السوفياتي (1979 ـ 1989) قبل ان تغرق البلاد في حرب اهلية (1992 ـ 1996).

واعتبر الرئيس ان «تقارير خاطئة نشرتها منظمات دولية لا تساهم في السلام والاستقرار وتعزيز الحكومة الافغانية».

وكانت «هيومن رايتس ووتش» دعت الثلاثاء الماضي السلطات الأفغانية الى انشاء «محكمة خاصة» لمحاكمة المسؤولين المفترضين عن جرائم الحرب وبينهم من يتولى «حاليا مناصب عليا في الحكومة». واتهمت المنظمة الحكومة الافغانية والأمم المتحدة والمجموعة الدولية بالاعتماد منذ سقوط نظام طالبان في نهاية 2001 على «مجرمي حرب ومنتهكي حقوق الإنسان ومهربي مخدرات بدل ملاحقتهم امام القضاء». وأضاف البيان ان «عددا كبيرا من اعضاء الحكومة الحالية والبرلمان في أفغانستان كانوا ضالعين في جرائم حرب خلال المعارك التي ادت الى مقتل او نزوح مئات الآلاف في كابل في مطلع التسعينيات وأدت الى تصاعد نفوذ حركة طالبان». وأشارت المنظمة خصوصا الى النواب عبد الرسول سياف ومحمد قاسم فهيم وبرهان الدين رباني، الرئيس الأفغاني السابق، وكذلك الى وزير الطاقة إسماعيل خان ونائب الرئيس كريم خليلي.