وفاة رئيس تركمانستان وإشاعات حول ترشيح ابنه غير الشرعي لخلافته

بعد 21 عاما قضاها في السلطة

TT

توفيَّ الرئيس التركمانستاني، صابر مراد نيازوف، إثر نوبة قلبية مفاجئة عن 66 سنة، وذلك بعد 21 عاما قضاها في السلطة. وكانت المصادر الرسمية قد أعلنت الخبر في وقت مبكر من صباح امس في الوقت الذي تقول فيه مصادر المعارضة ان الوفاة حدثت منذ بضعة ايام، مؤكدة ان عددا من الاطباء الاجانب قاموا بزيارته منذ اسبوعين وخلصوا الى اتفاق حول خطورة اي تدخل جراحي.

وبعد ساعات من وفاة نيازوف يتسلم الرئاسة لفترة انتقالية نائب رئيس الحكومة في تركمانستان جوربانجولي برديمحمدوف حتى يتم انتخاب رئيس جديد للبلاد. تولي نيازوف منصب الأمين العام للحزب الشيوعي في تركمانستان إبان الحكم السوفياتي السابق. ثم انتخب أول رئيس للبلاد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991. وعُرِفَ عن نيازوف الذي كانت المعارضة الداخلية ومعها الاوساط الديمقراطية الروسية تصفه بـ«الطاغية والدكتاتور»، حبه للسلطة والانفراد بالقرار وملاحقته للمعارضة وخنق حرية الكلمة الى جانب النرجسية التي دفعته وبطانته الى الافراط في مظاهر عبادة الفرد. وعلى صعيد آخر، حقق اكبر قدر من الاستقرار في الفضاء السوفياتي السابق فيما أغدق الدعم على مواطنيه بعد إعلانه تقديم الغاز والكهرباء والمياه والخبز بأسعار زهيدة، قام فيما بعد بإلغائها حتى عام 2030. وكان نيازوف قد تربَّى في ملجأ للأيتام بعد استشهاد أبيه في الحرب العالمية الثانية، ومصرع أمه واثنين من اشقائه في احداث الزلزال الذي ضرب العاصمة عشق اباد عام 1948. كما انتشرت تماثيله في كل ارجاء البلاد، فيما فرض مؤلفه «روح نامة» ميثاقا اخلاقيا ثقافيا حفظته كل الامة التركمانية بموجب مرسوم رسمي. وينص الدستور التركماني على ان يقوم بأعمال الرئيس في حالة خلو المنصب رئيس البرلمان على ان يدعو الى انتخابات رئاسية في غضون شهرين شريطة عدم ترشحه لخلافة الرئيس. غير ان رئيس البرلمان اوفيسغيلدي عطايف وحسب وكالة «انترفاكس» لا يستطيع اليوم الاضطلاع بهذه المهمة نظرا لمثوله امام التحقيق في اتهامات جنائية، مما جعل القائمين على الدولة يوكلون هذه المهمة الى رئيس الحكومة جوربان اوغلي بيردي محمدوف. وثمة من يستند الى تقليد سوفياتي شيوعي قديم طالما اتبعته موسكو، وكان يقضي بان الشخصية التي تتولى رئاسة اللجنة المكلفة بالاشراف على مراسم الدفن هي التي دائما تتولى خلافة الزعيم الراحل، في اشارة غير مباشرة الى ان محمدوف الذي اختير لرئاسة لجنة الاشراف على الدفن يظل صاحب الفرصة الاوفر حظا لخلافة نيازوف في هذه الجمهورية التي تعد من اغنى الجمهوريات السوفياتية السابقة بثرواتها من الغاز والنفط.

وكان محمدوف الأقرب الى جانب الرئيس، وقد مثله في كل قمم رؤساء بلدان منظمة الكومنولث التي عزف نيازوف طوال السنوات الاخيرة عن حضورها. وقالت «اذاعة صدى موسكو» ان اشاعات تتردد حول ان محمدوف هو الابن غير الشرعي لنيازوف، في الوقت الذي ثمة من يقول فيه باحتمالات ان يخلف الرئيس ابنه الشرعي مراد نيازوف، 39 عاما، استنادا الى ما قيل خلال صيف عام 2006 حول ان الرئيس نيازوف يعد ابنه لخلافته حين اختاره لرئاسة وفد بلاده في المباحثات الحكومية المشتركة مع الامارات العربية المتحدة. غير ان الدستور ينص صراحة على ألاَّ يقل عمر المرشح للرئاسة عن اربعين ولا يزيد على السبعين الى جانب حتمية ان يكون من مواليد تركمانستان في الوقت الذي ولد فيه مراد نيازوف في 18 ابريل (نيسان) 1967، وهو ما يحول دون ترشيح مراد الى جانب انه من مواليد لينينغراد الروسية، وعدم تمتعه بخبرات رجل الدولة وافتقاده للاتصالات الوثيقة التي يمكن ان تدعم ترشيحه تجاوزا لشرطي تاريخ ومحل الميلاد نظرا لان تركمانستان كانت آنذاك جزءا من الدولة السوفياتية التي تعتبر لينينغراد احدى كبريات مدنها. وفيما تستعد رموز المعارضة في المهجر للعودة الى الوطن بعد رحيل «الدكتاتور» على حد وصفهم، تتباين تقديرات ممثلي الاوساط السياسية الروسية تجاه تطورات الوضع وماهية الشخصية التي قد تخلف نيازوف. وفيما يقول سيرغي ماركوف، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية، باحتمالات الحرب الاهلية واحتدام الصراع بين اطراف الساحة السياسية والقبلية، يقول فياتشيسلاف نيكونوف رئيس مؤسسة «بوليتيكا» للدراسات السياسية باحتمالات الاستقرار واستمرار سياسات الرئيس الراحل خلال الفترة القريبة المقبلة بعيدا عن محاولات فضح او ادانة سياسة عبادة الفرد، مشيرا الى ان الشعب التركماني في معظمه كان يبارك توجهات زعيمه السابق مع احتمالات جنوح القيادة الجديدة نحو علاقات اوثق مع البلدان السوفياتية السابقة. غير ان هناك آخرين يقولون باحتمالات احتدام الصراع حول الخلافة الى جانب ظهور مشكلة الارصدة المالية الكبيرة التي سبق أن ترددت اشاعات حول ان الرئيس الراحل اودعها البنوك الاجنبية باسمه الشخصي.