مصر: الحزب الحاكم يرفض إضافة أية تعديلات دستورية لم ترد في مقترحات «مبارك»

الإخوان متخوفون من إقصائهم سياسيا وإطلاق يد الأمن لملاحقتهم

TT

أعلن صفوت الشريف، الأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) في مصر أمس أن الحزب (الذي يترأسه رئيس الدولة حسني مبارك) لن يفتح أي حوار حول تعديل أي مواد دستورية لم ترد في المقترحات التي أحالها (مبارك) يوم أول من أمس الثلاثاء للبرلمان. وقال الشريف إن انتخابات التجديد النصفي لـ«الشورى» التي ستجري يوم 24 أبريل (نيسان) المقبل ستكون بنظام الانتخاب الفردي المطبق حاليا، ولن تجري وفق مقترحات التعديل الدستوري التي طرحها الرئيس مبارك، مشيرا إلى أن التعديلات ما زال أمامها وقت كبير من الإجراءات حتى يتم إقرارها في البرلمان وطرحها للاستفتاء الشعبي العام قبل العمل بها.

وفي مؤتمر صحافي عقده الشريف الذي يرأس أيضا مجلس الشورى (أحد مجلسي البرلمان)، قال ردا على سؤال عن معارضة أحزاب معارضة لما تم طرحه من تعديلات دستورية، إن التعديلات التي أحالها الرئيس للبرلمان جاءت بعد ان أخذت آراء الأحزاب من خلال استطلاع الرأي الذي طرح علي النواب بمجلسي الشعب والشورى، وشارك فيها نواب أحزاب «التجمع» و«الوفد» و«التكافل» و«الجيل الجديد» و«الأحرار».

وفي أول اجتماع تعقده لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس الشورى أمس حول التعديلات الدستورية أكد صفوت الشريف أن المادة 76 الخاصة بالترشيح لانتخابات رئيس الجمهورية لم تكن مطروحة في برنامج الرئيس مبارك الانتخابي، لكنها طرحت بعد الآراء التي تناولتها في الحزب الوطني والأحزاب السياسية الأخرى في مجلسي الشعب والشورى. وقال إن تعديل المادة 88 من الدستور الخاصة بالإشراف القضائي على الانتخابات النيابية يستلزم إجراء تعديل تشريعي فوري على قانون مباشرة الحقوق السياسية. وحول عدم تعيين نائب للرئيس قال الشريف إن هذا حق للرئيس وإذا لم يكن هناك نائب له يحل رئيس الوزراء محل الرئيس عند وجود مانع ما يحول دون ممارسة الرئيس لمهام منصبه.

وحول إلغاء قانون الطوارئ قال الشريف إن الإرهاب جريمة منظمة لا يختلف أحد على مواجهتها ومحاربتها وهناك دول اعتبرت نفسها في حالة حرب ضد الإرهاب ودول أخرى رخصت قوانين لمقاومته ونحن لا بد أن يكون لنا ظهير دستوري يحدد الجرائم الإرهابية ويطبق في جرائم الإرهاب تحت إشراف قضائي. وأوضح أن التعديلات الدستورية الجديدة ستعرض للاستفتاء الشعبي أوائل شهر أبريل (نيسان) المقبل بعد تصديق مجلس الشعب عليها. وأضاف: «نحن لن نفتح حوارا حول مواد أخرى غير مطلوب تعديلها حتى لا يحدث خلط». وقال: «إننا ملتزمون دستوريا بطلب الرئيس مبارك في رسالته (للبرلمان) ونحن نقدر تلك المسؤولية الملقاة على عاتقنا، فنحن نمر بمنعطف تاريخي وأمام تعديلات دستورية هي الأوسع منذ عام 1971 لأنها تمس حياة المصريين سياسيا واجتماعيا واقتصاديا».

الى ذلك أعلنت الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر أمس عن خلافات عميقة مع الحزب الحاكم حول الإصلاح السياسي، وقالت إن التعديلات الدستورية التي أحالها الرئيس مبارك إلى البرلمان يوم أول من أمس (الثلاثاء) تأتي في ظل «تراجعٍ واضحٍ في عملية الإصلاح السياسي والدستوري التي أعلنها الحزب الحاكم وانتظرها الشعب المصري». وأعربت الكتلة النيابية عن مخاوف «الجماعة» من إقصائها عن ممارسة العمل السياسي وإطلاق يد الأجهزة الأمنية في ملاحقة أعضائها.

وقالت كتلة الإخوان التي تستحوذ على نحو 20% من مقاعد البرلمان إن الهدف من التعديلات الدستورية «ليس مجرد إقصاء فصيل بعينه، بل هو في الحقيقة إقصاء للغالبية العظمى من شعب مصر بمختلف اتجاهاته السياسية عن العمل السياسي ومنعه من ممارسة حقوقه بل ترهيبه بمصادرة حقه الطبيعي في رفضِ ما يفرض عليه من رؤية تعود به إلى عهود سالفة من التخلف والاستبداد»، فيما طرحت الجماعة خطة من ثلاثة محاور لمواجهة مشروع التعديلات الدستورية، تقوم على الاتفاق مع النواب المستقلين على عدم تمريرها خلال مناقشتها في البرلمان، وكذلك التحرك خارج البرلمان لدى الأحزاب والقوى السياسية، وثالثا العمل مع منظمات المجتمع المدني. وقال بيان أصدرته الكتلة البرلمانية في مؤتمر صحافي عقدته بمقرها في منطقة جسر السويس (شرق القاهرة): إن الاقتراحات بالتعديلات الدستورية التي قدمها رئيس الجمهورية للبرلمان، جاءت معبرة عن رؤية أحادية للحزب الحاكم.

ووصفت الكتلة النيابية لجماعة الإخوان المسلمين التعديل الذي طلب رئيس الجمهورية إدخاله على المادة الخامسة وذلك بإضافة ثالثة لها، بأنها «إضافة جاءت لتزيد القيود التي تكبل الحياة السياسية والحزبية». بينما قال رئيس الجمهورية في الطلب الذي أحاله لبرلمان إن السبب وراء طلبه إضافة فقرة ثالثة للمادة الخامسة يهدف إلى "تأكيد بعض الثوابت التي تحكم الشخصية المصرية ويتمسك بها الشعب، وذلك بعدم التفرقة بين المواطنين بسبب الدين أو الجنس أو الأصل، وأضاف: «أطلب إضافة فقرة ثالثة إلى تلك المادة بهدف حظر مباشرة أي نشاط سياسي أو حزبي أو قيام الأحزاب على أساس الدين أو الجنس أو الأصل فلا يصح في دولة يتيه تاريخها بوحدتها الوطنية وتفخر على مر العصور بتماسك شعبها وصلابة بنيانها أن تتوزع مصالحها ومناهج العمل السياسي والوطني فيها إلا على أساس المواطنة وحدها دون تفرقة بسبب الدين أو الجنس أو الأصل».

وردت الجماعة على هذا الطلب قائلة «إننا إذ نؤكد وجوبَ عدم التفرقة بين المواطنين على أساس الدين أو الجنس أو الأصل(..) فإن تطور الحياة السياسية وازدهارها رهين بقدرة النظام السياسي على التعاطي والتفاعل مع المقومات الأساسية للمجتمع واتجاهات الجماهير ورغباتها، وهو ما يصادره التعديل المقترح بحظر مباشرة أي نشاط سياسي أو حزبي متفاعل وملب لتلك المقومات»، وتقصد الجماعة بتلك المقومات الدين الإسلامي المنصوص عليه في المادة الثانية من الدستور، وتخشى الجماعة، حسب ما أفاد متحدثها الرسمي في البرلمان، الدكتور حمدي حسن، من أن يؤدي نص التعديل الجديد الى منع الجماعة من مواصلة ممارسة أنشطتها السياسية التي أدت لترشحها في البرلمان عام 2005، وحصول مرشحيها على 88 مقعدا من إجمالي عدد مقاعد البرلمان البالغة 454. وقالت الجماعة في بيان كتلتها البرلمانية «إن إعطاء ضمانة دستورية لملاحقة المواطنين تحت ذريعة مكافحة الإرهاب سيؤدي إلى إطلاق يد المؤسسة الأمنية على اختلاف أجنحتها وهيئاتها لتعبث بمقدرات الشعب دون عاصم ولا رقيب، واستمرار انتهاكها الدائم للحقوق والحريات، بل ولكرامة المواطنين، واستخدامها لقمع المخالفين السياسيين».

وبينما قام نواب الجماعة خلال المؤتمر بتوزيع مشروع كامل عن رؤيتهم لتعديلات الدستور طرح النواب بالتناوب، خطة أو سيناريو من ثلاثة محاور لمواجهة مشروع التعديلات التي اعتبرها الإخوان تهدف في المقام الأول لعزل ومنع الجماعة من العمل السياسي الأول داخل البرلمان، عبر الاتفاق مع النواب المستقلين، وبعض نواب الحزب الوطني «الغيورين علي مصلحة الوطن»، للوقوف ضد هذه التعديلات للحيلولة دون تمريرها، مؤكدين أن الأمر لا يتعلق بقانون وإنما بالدستور كوثيقة في الدولة.

أما المحور الثاني فيتعلق بتحرك آخر خارج البرلمان، بدعوة جميع القوى السياسية والشعبية لمنع تمرير التعديلات، وطرح رؤية الإخوان ومقترحاتهم على الشعب بكافة الطرق المختلفة .

وأوضحت كتلة الإخوان أن المحور الثالث لمواجهة الموقف يتمثل في العمل مع منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية، والنخب السياسية، لطرح رؤيتها من اجل منع تمرير التعديلات بشكلها الحالي.