أولمرت يقرر العودة إلى سياسة الاغتيالات «المركزة»

بعد أن رفض شن حملة واسعة ضد غزة لأنها ستضر بمخططات إسقاط حكومة حماس

TT

وسط تهديدات فلسطينية بالرد في العمق الاسرائيلي ورفض من الحكومة الفلسطينية ومطالبة الجميع بالتزام اتفاق التهدئة، وانتقادات اليسار الاسرائيلي لها، قررت حكومة ايهود اولمرت امس العودة الى سياسة الاغتيالات، المركزة كما وصفتها، بعد ان رفضت شن حملة عسكرية واسعة على قطاع غزة في الوقت الحاضر رداً على إطلاق صواريخ القسام على البلدات اليهودية، مبررة موقفها هذا بانه سينعكس سلبا على الظروف المناسبة لإسقاط حكومة حماس بقيادة اسماعيل هنية.

وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي قد رضخ الى ضغوط قادة الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى، فوافق على كسر التهدئة في قطاع غزة وسمح للجيش بأن يرد على اطلاق الصواريخ ولكن بشكل عيني ومحدود. وفي الاجتماع الطارئ، الذي عقد صباح أمس في أعقاب اصابة طفلين اسرائيليين من بلدة سدروت الليلة قبل الماضية، تقرر الرد على اطلاق الصواريخ بتصفية الخلية التي يتم اكتشافها قبل أو في أثناء الاطلاق أو بعده.

وحضر الاجتماع وزير الدفاع، عمير بيرتس، ورئيس أركان الجيش، دان حالوتس، ورئيس المخابرات العامة (الشاباك)، يوفال ديسكين، ورئيس المخابرات الخارجية (الموساد)، مئير دغان، وغيرهم. وطرح فيه الجنرالات ضرورة الرد بشكل شامل وحازم على اطلاق الصواريخ قائلين ان اسرائيل ضبطت نفسها شهرا كاملا وهذا يكفي. إلا ان أولمرت حاول التخفيف من حدة الجنرالات عندما لفت نظرهم الى ان هناك فصيلا فلسطينيا واحدا يخرق اتفاق وقف النار هو «الجهاد الاسلامي»، الذي يعمل بأوامر من ايران، حسب قوله، وعلى اسرائيل ان لا تنجر الى الأهداف الايرانية الرامية بالأساس الى إجهاض عملية اطلاق سراح الجندي جلعاد شليط. وأضاف ان سياسة ضبط النفس الاسرائيلية تحظى بتأييد واحترام دولي واسع وتتسبب في خسارة الفلسطينيين تعاطف الأوروبيين، وعليها أن تحافظ على هذا المكسب.

وتقرر في ختام الاجتماع الاعلان عن ان اسرائيل تواصل تمسكها بالتهدئة، باستثناء الحالات العينية التي يضبط فيها المسلحون الفلسطينيون في حالة اطلاق صواريخ، فتعطى للجيش حرية العلاج (أي التصفية).

وجوبه هذا القرار بهجوم من اليمين الاسرائيلي المعارض ومن قادة حركات الاحتجاج على سياسة الحكومة في بلدة سدروت (وهذه الحركة بقيادة أحد نشطاء الليكود ممن تم ترحيلهم عن مستوطنات غزة في السنة الماضية، الذين طالبوا الحكومة باطلاق يد الجيش وافساح المجال أمامه لاجتياح قطاع غزة وتدمير ما أمكن تدميره انتقاما لصواريخ القسام).

اما اليسار الاسرائيلي فحمل حكومة اولمرت مسؤولية انهيار التهدئة. وقال يوسي بيلين رئيس حزب «ميرتس» اليساري إن إسرائيل هي التي اعطت لحركات المقاومة الفلسطينية المبررات لقصف العمق الإسرائيلي بسبب اصرارها على تنفيذ عمليات الاغتيال والاعتقال في الضفة الغربية. وشدد بيلين على رفضه مزاعم قادة الجيش بأن العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية تهدف الى منع عمليات عسكرية تخطط حركات المقاومة للقيام بها في العمق الإسرائيلي.

وسينهي قرار العودة الى سياسة الاغتيال هدنة وافقت عليها فصائل المقاومة الفلسطينية جمعاء في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، شريطة ان تنسحب على الضفة الغربية، لكن اسرائيل، وعلى مدى الاسابيع الاربعة الماضية من عمر الهدنة، لم تطبقها في الضفة الغربية وواصلت عمليات التصفية والاعتقال والاقتحامات، الامر الذي اضطر فصائل المقاومة، لا سيما حركة الجهاد الاسلامي الاكثر تضررا، الى الرد بإطلاق الصواريخ على البلدات الاسرائيلية المتاخمة لقطاع غزة.

وتوعدت سرايا القدس ـ الجناح العسكري للجهاد الاسلامي بتصعيد قصف البلدات الاسرائيلية «ما دام العدو يرتكب جرائمه». وقال الناطق باسمها في بيان صحافي «اننا نؤكد ان القصف مستمر وسيتصاعد ما دام العدو يرتكب جرائمه من اعتقال وقتل وتدمير واستيلاء على الأراضي وسياسة العقاب الجماعي ضد أبناء شعبنا بأطفاله ونسائه وشيوخه وشبابه». وقال الناطق ان «رسالتنا لكم اوقفوا الاعتداءات فورا عن الضفة الغربية وغزة وإلا فانتظروا المزيد من الصواريخ الى سدروت وما بعد سدروت وعسقلان وما بعد عسقلان».

واكدت كتائب شهداء الاقصى ـ الجناح العسكري لحركة فتح في بيان لها «ردنا على تهديدات النازي اولمرت وعلى الممارسات والاغتيالات والاعتقالات وسياسة الابعاد التي تمارس بحق شعبنا في الضفة الغربية سيكون بإذن الله حاسما ومزلزلا في قلب الكيان المسخ. ونؤكد ان صواريخنا ستستمر طالما استمر العدوان على شعبنا».

ودعت كتائب شهداء الاقصى «كافة الفصائل الفلسطينية العسكرية لرص الصفوف والوقوف صفا واحدا من اجل مواجهة العدوان الصهيوني على قطاع غزة وضفتنا الفلسطينية ومن اجل افشال كل المخططات الصهيونية التي تهدف للنيل من صمود شعبنا ووحدته».

في تطور اخر كشفت الإذاعة الإسرائيلية باللغة العبرية امس النقاب عن أن مقربين من الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) عرضوا على اسرائيل شروطا «مريحة» من اجل الإفراج عن الأسير الإسرائيلي جلعاد شليط. ونقلت الإذاعة عن قدورة فارس عضو المجلس الثوري لحركة فتح، الذي كلفه ابو مازن ترؤس لجنة التفاوض مع اسرائيل بشأن الإفراج عن الأسرى، قوله إنه وأعضاء لجنته يدركون حساسية وضع حكومة أولمرت وبالتالي فهم يطرحون على اسرائيل شروطا «مريحة» للإفراج عن شليط.

غير ان فارس شدد على أن اسرائيل ستكون مطالبة رغم ذلك بالافراج عن اسرى ادينوا بعمليات قتل يهود. وشددت الإذاعة على أن الشروط التي يقترحها مقربو ابو مازن أخف بكثير من الشروط التي تتشبث بها حركات المقاومة المسؤولة عن أسر الجندي شليط وتحتفظ به.