خلافات في مجلس الأمن حول بيان رئاسي لوقف القتال في الصومال

اعتراضات على تخصيص إثيوبيا في دعوة سحب القوات بالمسودة القطرية

TT

فشل مجلس الامن في التوصل الى اجماع على مسودة بيان رئاسي بشأن الصومال يدعو الى وقف الاعمال العسكرية وسحب القوات الاثيوبية من الاراضي الصومالية في اجتماعه اول من أمس، ليواصل مشاوراته أمس لليوم الثاني حول المسودة التي قدمتها قطر العضو العربي الوحيد في المجلس والتي ترأس أعمال مجلس الأمن لهذا الشهر. واعربت واشنطن وباريس عن معارضتهما للمسودة بسبب تخصصيها القوات الاثيوبية في الدعوة لسحب القوات الاجنبية في الاراضي الصومالية ووقف الاعمال العسكرية فيها دون الاشارة الى دول اخرى، كما عارضت المسودة بريطانيا وروسيا والصين والدولتين الافريقيتين في المجلس وهما غانا وتنزانيا. وجاء في مشروع البيان غير الملزم الذي درسه اعضاء مجلسي الامن في اجتماع طارئ الاوضاع في الصومال ان مجلس الامن يعبر عن قلقه الشديد من التصعيد الاخير للقتال «الذي قد يترك عواقب خطيرة على الامن والسلام في الصومال والمنطقة». ويدعو النص قوات الحكومة الانتقالية الصومالية المدعومة من اثيوبيا من جهة والقوات الاسلامية من جهة اخرى الى «وقف المعارك فورا واستئناف محادثات السلام» على اساس الاتفاقات التي تم التوصل اليها في الخرطوم.

وعلى رغم التعديلات الكثيرة، لم يكن ممكناً التوصل الى اتفاق. فقد عارضت وفود عدة الفقرة التي تطلب «انسحاب كافة القوات الاجنبية من الاراضي الصومالية على الفور ووقف عملياتها العسكرية في الصومال».

وأوضح السفير الفرنسي جان مارك دي سابليير موقف بلاده، قائلاً: «مصدر قلقنا هو الوضع الإنساني والمغامرة بزعزعة استقرار المنطقة من خلال توسيع النزاع إقليماً». وقد اطلع مبعوث الأمم المتحدة أعضاء المجلس على تطورات الوضع على الأرض وذكر أن المعارك قد أسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص وعن تهجير حوالي 35 ألف صومالي من أراضيهم إلى الدول المجاورة وبالتحديد كينيا. وأكد السفير الفرنسي بأنه ليس هناك أي حل عسكري لأزمة الصومال، مشدداً على ان «المسألة هي كيفية استئناف الحوار وانسحاب القوات الأجنبية وأن إثيوبيا هي ليست الدولة الوحيدة التي لها قوات في الصومال».

وأما الموقف الأميركي الرافض كلياً لمشروع البيان الرئاسي وفي الوقت ذاته شدد على أهمية استعادة الاستقرار والحوار والحل السياسي قبل سحب القوات الأجنبية من الصومال. وانتقد القائم بأعمال البعثة الأميركية السفير اليخاندرو ولف مسودة البيان، قائلا: «إن البيان يركز على دولة واحدة وأن الوضع في الصومال معقد جداً». وأضاف: «إن المحاكم الإسلامية قد وسعت عملياتها وهي تهدد الدول المجاورة وتنتهك حقوق الإنسان وأن إثيوبيا نفسها مهددة وهناك قوات لدول أخرى في الصومال وبالتحديد اريتريا». وقد دافعت الحكومة الانتقالية عن العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات الإثيوبية. وقال بادل محمد نائب السفير الصومالي لدى الأمم المتحدة «إن الحكومة الإثيوبية أرسلت قواتها بناء على دعوة من الحكومة الانتقالية وأن ما تقوم به هو شرعي وفق القانون الدولي». والمعروف انه من أجل أن يعتمد مجلس الأمن بيانا رئاسيا يحتاج إلى توافق جميع أعضاء مجلس الأمن، ومن شأن معارضة أي عضو من الاعضاء الـ15 اسقاط البيان دون اعتماد. وقال الموفد البريطاني الى الامم المتحدة بول جونستون ان «الامر الاساسي هو اعلان وقف اطلاق نار واجراء حوار يؤدي الى عملية سياسية شاملة، ومثل هذه النتيجة التي ستحسن الوضع في الصومال هي الاساس التي سيمكن من خلاله سحب القوات الاجنبية». واضاف ان «المطالبة فقط بسحب القوات الاجنبية لن يحقق شيئاً». ولفت جونستون الى ان اعضاء مجلس الامن يتطلعون للاجتماع المحتمل عقده بين الدول المجاورة للصومال والجامعة العربية والاتحاد الافريقي في نيروبي لحل الازمة.

ويأتي نص مشروع البيان الرئاسي بناءً على النداء الذي وجهه مبعوث الأمم المتحدة في الصومال فرانسوا لونسي فول الذي أطلع المجلس على التطورات الأخيرة في البلاد خصوصاً بعد تصاعد وتيرة المعارك بين قوات الحكومة الصومالية الانتقالية والتي تدعمها القوات الإثيوبية وميليشيات المحاكم الإسلامية التي تدعهما اريتريا منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ووصلت ذروتها عندما أعلنت إثيوبيا عن حربها الرسمية ضد المحاكم الإسلامية.

وحث مبعوث الأمم المتحدة مجلس الأمن على دعوة جميع الأطراف في الصومال على وقف القتال وإلى سحب القوات الإثيوبية من الصومال بدون شروط، قائلا: «إن الأزمة الصومالية قد دخلت في مرحلة خطيرة منذ نوفمبر الماضي». وأضاف: «سيكون وبالا على الشعب الصومالي الذي يعاني منذ فترة طويلة وقد يكون له أيضا عواقب وخيمة على المنطقة بأسرها».

ونوه فول بالاوضاع الانسانية الصعبة التي تواجه المدنيين، مؤكداً ان القتال قوض ايضا جهود تقديم معونات الى مليوني نسمة في جنوب ووسط الصومال تضرروا من الحرب او من الفيضانات الشديدة في المنطقة. وأضاف ان كل موظفي الاغاثة من الامم المتحدة والوكالات الخاصة تم اجلاؤهم عن المنطقة.

وقال فول ان امين عام الامم المتحدة كوفي انان تحدث مع رئيس وزراء اثيوبيا ورئيس كينيا هاتفياً مساء اول من امس ليكرر وجهة نظره بان الصراع لا يمكن حله عسكريا وانه يجب استئناف مباحثات السلام دون شروط مسبقة.