مجلس الشورى يلزم الحكومة الإيرانية بمراجعة تعاونها مع الوكالة الدولية

رسالة غير سياسية من نجاد إلى البابا تدعو للتعاون بين الأديان

TT

في أول رد عملي على القرار الدولي القاضي بفرض عقوبات على ايران، صوت مجلس الشورى الايراني امس بغالبية كبيرة على قانون يلزم الحكومة بمراجعة تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، وسارع مجلس صيانة الدستور الى الموافقة عليه. وينص القانون الذي تم تبنيه بغالبية 160 نائبا من الـ 203 الذين شاركوا في التصويت ، على انه «من واجب الحكومة بعد المصادقة على القرار 1737 التسريع في البرنامج النووي ومراجعة تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية». إلا انه يترك للحكومة اختيار الطريقة التي ستراجع بها تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ويصبح القرار نافذا بعد 15 يوما من توقيعه من الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الذي كان لمح الى أن قرار مجلس الأمن سيغير علاقة ايران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقال رئيس البرلمان غلام علي حداد عادل، ان مشروع القرار منح الحكومة سلطة اتخاذ قرار ما اذا كانت تريد حل الخلاف النووي عبر الوسائل السلمية في اطار معاهدة حظر الانتشار النووي.

وشرح ان «مشروع القرار هذا تحذير للحكومة لكي لا تضع مصير ايران بالكامل في أيدي الوكالة الدولية للطاقة الذرية والرد بشكل يتناسب مع الضغوط المفروضة».

واوضح ان «ذلك يمكن ان يتضمن الانسحاب من معاهدة الحد من الانتشار النووي او البقاء فيها. نترك للحكومة حرية اتخاذ القرارات». إلا انه اكد ان ايران «لا تنوي الانسحاب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولا معاهدة الحد من الانتشار النووي».

وأكد رئيس مجلس الشورى الاسلامي ان ايران مستعدة دائما للتفاوض في القضية النووية «على اسس منطقية وضمن أطر القوانين الدولية».

وقال حداد عادل خلال مناقشة المجلس للقانون الذي يلزم الحكومة باعادة النظر بتعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، ان هذه الوكالة «لم تشاهد أي انحراف للنشاطات النووية في البلاد». واضاف «في الوقت الذي يجري الحديث عن عقوبات على ايران، فان الكثير من البلدان الآسيوية تمتلك أسلحة نووية».

وأشار الى «ان الصين والهند وباكستان وكوريا الشمالية والكيان الصهيوني لديهم ترسانات نووية وقد اعلنت اليابان ايضا انها قادرة على إنتاج اسلحة نووية». وذكر بأن إسرائيل اعترفت اخيرا بحيازتها اسلحة نووية «ولكنها لا تواجه أي اعتراض عليها».

وأشار الى ان خروج ايران من معاهدة حظر الانتشار النووي والاستمرار في عضوية الوكالة الدولية للطاقة الذرية «أمر مفتوح في هذا الاقتراح».

وقد سارع مجلس صيانة الدستور الى الموافقة على القرار بشكل فوري. وأعلن نائب رئيس مجلس الشورى الإسلامي محمد رضا باهنر في تصريح نقلته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية أن مجلس صيانة الدستور لم يعتبر القرار «مخالفاً للشرع المبين والدستور»، شارحا انها المرة الاولى منذ الثورة الاسلامية عام 1979 التي يقر فيها المجلس مشروع قرار في خمس دقائق.

وقد حظي القرار ايضا بموافقة الحكومة. وقال نائب وزير الخارجية الايراني حميد رضا آصفي الذي دافع عن مشروع القانون باسم الحكومة «يجب ترك المسؤولين التنفيذيين يفسرون هذا القانون، أي وزارة الخارجية والمجلس الاعلى للأمن القومي». وقال آصفي «انني اعتقد بان رد الفعل المنطقي في شأن هذا القرار هو ان يلزم مجلس الشورى الاسلامي الحكومة بالتعجيل في نشاطاتها النووية السلمية واعادة النظر في تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية» وفقا لوكالة الانباء الايرانية الرسمية.

إلا أن كبير المفاوضين الايرانيين في الملف النووي علي لاريجاني استبعد لجوء ايران الى تدابير متشددة بعد تبني البرلمان القانون الجديد. وقال ان ايران «لا تزال تريد تسوية هذه المسألة بالطرق السلمية»، مضيفا «لا نريد ان نتبنى سلوكا راديكاليا، ان سياستنا تقوم على مواصلة نشاطنا النووي وفق القوانين الدولية»، حسب ما نقلت عنه وكالة ايسنا الطلابية.

الجدير بالذكر ان مشروع القانون الذي أقره مجلس الشورى لم يأخذ في الاعتبار مطالب بعض السياسيين الذين دعوا الى وقف أعمال التفتيش التي تقوم بها الوكالة الدولية بشكل كامل. وقد اختلف محللون ايرانيون حول ما اذا الرئيس يتمتع بصلاحية ما في هذا المجال، إذ وفقا للنظام الايراني، فان المرشد الاعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي له الكلمة الاخيرة في ما يتعلق بشؤون البلاد وليس رئيس الجمهورية.

وقال المحلل السياسي سعيد ليلاز لوكالة رويترز للانباء «هذا القانون لا يمنح أي سلطة اضافية للحكومة عما تتمتع به بالفعل. الزعيم الاعلى الايراني له الكلمة الاخيرة بخصوص القضية النووية».

ولكن بعض السياسيين قالوا ان البرلمان الذي يسيطر عليه المحافظون أراد أن يوجه رسالة الى العالم فحواها أن المتشددين في ايران بامكانهم ارغام الحكومة على اتخاذ موقف أكثر تشددا.

وقال النائب المحافظ ابراهيم كارخنائي «لا يمكن لأي بلد ان يتخلى عن حقوقه المشروعة تحت التهديد».

لكن النائب الاصلاحي نور الدين ييرموذن دعا عبثا الى الاعتدال، معتبرا ان «رفض القرار يعني انه سيصدر قرار اشد منه بعد شهرين». وقال «يجب ترك الدبلوماسية تحاول اقامة جسور مع الدول الاخرى للخفض من التوتر»، حسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

وحاول نواب اخرون عبثا ادخال تعديل اخر على الوثيقة ينص على ان يوكل تسيير الملف النووي الى المجلس الاعلى للامن القومي الذي يرأسه علي لاريجاني الذي يعتبر اكثر اعتدالا من الرئيس محمود احمدي نجاد.

واعلن النائب الاصلاحي عراج نظيمي ان «الهدف من هذا التعديل هو عندما يتخذ قرار ان لا يأتي خطاب يشوش عليه»، في اشارة الى تصريحات الرئيس احمدي نجاد.

وفي فيينا، افادت مصادر دبلوماسية ان مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد يعقد اجتماعا استثنائيا في يناير (كانون الثاني) للمصادقة على العقوبات الدولية على ايران.

وذكر دبلوماسي اوروبي ان «اجتماع يناير لم يتقرر بعد. وفي حال عقد سيكون اجرائيا ومقتضبا». وقال ان مجلس الحكام «قد يعطي تعليمات الى امانة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتطبيق القرار».

وافاد المصدر ان الاجتماع المحتمل قد يبحث في الجوهر «ما اذا كان الايرانيون يرتكبون حماقات».

وافاد مصدر آخر ان البرادعي قد يدعو الى اجتماع منتصف يناير إلا ان مجموعة دول تفضل انتظار موعد الجلسة العادية في مارس (آذار) عندما يرفع البرادعي تقريره الى مجلس الامن الدولي.

من جانب آخر، سلم وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد رسالة الى البابا بنديكتوس السادس عشر، كما افادت وكالة الانباء الايرانية الرسمية. وقال احسان جهانديده، احد المسؤولين في المكتب الاعلامي للرئاسة الايرانية، إن الرسالة «غير سياسية»، شارحا ان «الرئيس احمدي نجاد شدد في رسالته على التعاليم المشتركة للانبياء وضرورة بناء علاقات سياسية وانسانية جديدة استنادا الى هذه التعاليم». وشدد ايضا على ان «العلاقات غير العادلة القائمة حاليا (بين الدول في العالم) تتطلب تعاونا بين مختلف الديانات لمعالجة هذا الوضع».

واضاف ان الرئيس الايراني يعتقد ان «التعاون بين الاديان الإلهية ضروري من اجل ايجاد حل للبشرية». وقد أعلن الفاتيكان في بيان ان البابا بنديكتوس السادس عشر استقبل امس في الفاتيكان وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي في ختام الجلسة العامة. وسلمه الأخير رسالة من الرئيس محمود احمدي نجاد.

وجاء في البيان انه «خلال اللقاء هنأ المسؤولان البابا بمناسبة عيد الميلاد واعربا عن ارتياحهما للعلاقات الدبلوماسية القائمة بين الفاتيكان وايران منذ خمسين سنة».

وخلص البيان الى ان «البابا اكد الدور الذي يرغب الفاتيكان الاضطلاع به من اجل السلام في العالم ليس كسلطة سياسية بل دينية ومعنوية. ودعا الى تسوية مشاكل الشعوب دائما عن طريق الحوار في اطار التفاهم المتبادل والسلام».

وسبق ان وجه الرئيس احمدي نجاد رسائل الى الرئيس الاميركي جورج بوش والمستشارة الألمانية انغيلا ميركل والشعب الاميركي. وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، وجه احمدي نجاد رسالة الى الشعب الاميركي طلب فيها خصوصا رحيل القوات الاميركية من العراق.

وفي يوليو (تموز) اعلن في رسالته الى انغيلا ميركل ان المانيا كانت مستغلة من قبل «الصهاينة الجشعين» منذ اكثر من 60 عاما.

وفي مايو (ايار) الماضي وفي رسالته الاولى التي وجهها الى الرئيس الاميركي جورج بوش انتقد بشدة السياسة الاميركية لا سيما في العراق.