فورد: رفض نظريات المؤامرة في اغتيال كينيدي ونجا من محاولتي اغتيال

«ووترغيت» أوصلته الرئاسة .. ثم حرمته من التجديد لها

TT

جيرالد رودلف فورد (ولد في 14 يوليو/تموز 1913 تحت اسم ليزلي لينش كينغ الإبن، وتغيّر اسمه بعد تبنيه)، هو نائب الرئيس الأميركي الأربعين بين عامي 1973 و1974، والرئيس الثامن والثلاثون من 1974 حتى 1977. وهو الرئيس الأميركي الوحيد الذي شغل المنصبين من دون أن يُنتخَب لأي منهما. وفي 14 يوليو 2004 صار ثاني رئيس يبلغ سن الواحدة والتسعين بعد رونالد ريغان، وقبل نحو شهر بقليل صار الرئيس الأطول عمرا في تاريخ الولايات المتحدة. وقد توفي بعدما بلغ سن 93 سنة و122 يوماً.

ولد فورد ليزلي لينش كينغ ودوروثي آير غاردنر، وقد انفصل والداه بالطلاق بعد سنتين على ولادته وتزوجت والدته جيرالد فورد الذي أعطاه اسمه بعدما تبناه. نشأ في مدينة غراند رابيدز، ثاني كبرى مدن ولاية ميشيغان، وشب متمتعاً بلياقة بدنية عالية أهلته للتفوق في العديد من الرياضات. وأسهم تفوقه الرياضي في تمويل تعليمه العالي في أرقى جامعات أميركا، إذ حصل على منحة خاصة بالمتفوقين في لعبة كرة القدم الأميركية فدخل جامعة ميشيغان ـ آن أربر وتخرج فيها بشهادة البكالوريوس عام 1935.

مارس فورد المحاماة وخاض غمار السياسة ضمن صفوف الحزب الجمهوري ـ القوي تقليدياً في غراند رابيدز ـ إبان مرحلة ما بعد انتهاء الحرب. وحقق نجاحه السياسي الأول عام 1949 عندما انتخب عضواً في مجلس النواب واحتفظ بمقعده في المجلس طوال 24 سنة بين 1949 و1973. كما تعزز موقعه داخل الكتلة الجمهورية ليصبح عام 1965 رئيسا للأقلية الجمهورية فيه. ومما يسجل لفورد أنه حظي على الدوام بشعبية كبيرة في دائرته إذ كان يعاد انتخابه بنسبة 60 في المائة على الأقل. كذلك عرف عنه نزاهته واستقامته بجانب خبرته القانونية، مما أهله لكي يسمى في عداد أعضاء اللجنة التي تولت دراسة جريمة اغتيال الرئيس جون كينيدي والتي كلفت حسم أمر الشائعات التي انتشرت حول هذا الأمر. وتوصلت اللجنة يومذاك الى ان الاستنتاج القائل بأن الجاني لي هارفي اوزوالد ارتكب جريمته من دون شركاء، ولكن ـ كما هو معروف ـ لم تفلح اللجنة في كبح جماح نظريات المؤامرة. وكان فورد حتى يوم وفاته فجر أمس آخر أعضاء اللجنة الأحياء، وآخر المدافعين عن صحة استنتاجها.

وفي السنوات الثماني (1965 ـ 1973) التي ترأس فيها فورد الأقلية الجمهورية، كسب صداقة الكثير من النواب من الحزبين بفضل موضوعيته واعتداله ولطف معشره، وهذا بالرغم من مناوأته القوية لبرنامج الرئيس (الديمقراطي) ليندون جونسون المسمى «المجتمع الكبير» (الرامي أساسا لمحاربة الفقر والظلم العنصري) إضافة الى مهاجمته سياسة حرب فيتنام.

في يوم 10 أكتوبر (تشرين الأول) 1973 استقال سبيرو آغنيو، نائب الرئيس ريتشارد نيكسون، من منصبه فطلب هذا الأخير الى جيرالد فورد ـ وهو يعلم انه من أخلص أنصاره ـ شغل المنصب بموجب التعديل الدستوري 25 الذي طبق وقتها للمرة الأولى. يومذاك كانت قيادات الحزب الديمقراطي تشعر بأن الخناق أخذ يضيق على الرئيس نيكسون نفسه مع اشتداد اللغط في ما عرف بـ «فضيحة ووترغيت». وبالتالي، أفهم الديمقراطيون الرئيس ـ وكانت لهم الأغلبية في الكونغرس ـ بأنهم لن يوافقوا على شخصية جمهورية يمكن أن تكون مرشحة جدياً للرئاسة، وذلك تحسباً منهم لأي طارئ في البيت الأبيض.

وبالفعل تجاوز نيكسون والجمهوريون الشخصيتين الأبرز من قادة التيارات المؤثرة في الحزب وهما حاكم نيويورك المعتدل نيلسون روكفلر وحاكم كاليفورنيا المحافظ رونالد ريغان، ورسا الاختيار على جيرالد فورد زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب. ويوم 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 1973 وافق مجلس الشيوخ على الترشيح بـ 92 صوتاً مقابل ثلاثة أصوات معارضة. وفي 6 ديسمبر (كانون الأول) أقر مجلس النواب التعيين بـ387 صوتاً مقابل 35 صوتا معارضاً. لكن مع تهاوي رئاسة نيكسون تحت وطأة الفضيحة، واضطرار الرئيس في 9 أغسطس 1974 إلى الاستقالة، تسلم جيرالد فورد الرئاسة معلناً «انتهى كابوسنا القومي الطويل». وفي 20 من الشهر نفسه رشح نيلسون روكفلر لشغل منصب نائب الرئيس، مرة أخرى بموجب التعديل الدستوري 25. وبعد مرور شهر أصدر الرئيس الجديد عفوا عن نيكسون «عما ارتكبه من جرائم وما لم يرتكبه»، وهي خطوة يعتقد الكثير من المراقبين انها لقيت استياء في الشارع الأميركي أسهم في خسارته انتخابات 1976 الرئاسية أمام متحديه الديمقراطي جيمي كارتر.

ولكن قبل انتصار كارتر، وبفضل ووترغيت وتداعياتها، حقق الديمقراطيون مكاسب كبيرة في انتخابات مجلسي النواب والشيوخ، مما اضطر فورد لاستخدام الفيتو الرئاسي عشرات المرات لنسف مشاريع القوانين الديمقراطية. وخلال ولايته شهد الاقتصاد الأميركي تراجعاً الى درجة تقترب من الكساد.

وفي 5 سبتمبر (ايلول) 1975 في مدينة ساكرامنتو (عاصمة ولاية كاليفورنيا) بينما كان فورد يصافح عدداً من الجمهور الذي احتشد لاستقباله، وضع أحدهم مسدساً على بطنه لكنه لم يطلق النار ولم يصب أحد بسوء. وبعد 17 يوما حاولت امرأة اغتياله في سان فرانسيسكو لكن أحد الحضور أحبط محاولتها عندما نجح في انتزاع المسدس منها.

ويعتقد كثيرون ان العفو الرئاسي غير المشروط الذي أصدره فورد عن نيكسون، والتردي الاقتصادي، ساهما بشكل رئيسي في خسارة فورد انتخابات 1976.