المدرعات الإثيوبية تتجه إلى معاقل المحاكم في الجنوب الصومالي .. والحكومة تدعوهم للحوار

مظاهرات معادية للوجود الإثيوبي في مقديشو.. والإسلاميون يدعون للمقاومة

TT

شهدت مقديشو وضعا بالغ التوتر امس مع تظاهر مئات الصوماليين لليوم الثاني على التوالي ضد الجيش الاثيوبي الذي دخلها الخميس وأخلاها الاسلاميون موجهين دعوة جديدة لمقاومة «الغزاة» الاثيوبيين. وفي نفس الوقت، دعا رئيس الوزراء الصومالي علي محمد جيدي امس الاسلاميين الى «الحوار». وقال جيدي في مؤتمر صحافي عقده في بلدة افغوي التي تبعد 20 كلم عن مقديشو غربا «ندعو فريق اتحاد المحاكم الاسلامية الصومالي الى الحوار والانضمام الينا». واضاف «اذا حاولت قوات المحاكم الاسلامية التي ما زالت موجودة الهجوم فانها ستحاصر وسيكون ذلك امرا مؤسفا»، في اشارة خاصة الى الاسلاميين الذين لجأوا الى معقلهم الاخير كيسمايو (500 كلم جنوب مقديشو).

وعلى ارض المعارك، توجهت وحدات عسكرية إثيوبية و16 مدرعة الى جنوب الصومال للزحف على مناطق جوبا التي لجأ اليها مقاتلو المحاكم الإسلامية بعد انسحابهم من العاصمة، وقد وصلت القوات الإثيوبية المزودة بالآليات العسكرية الثقيلة الى مدينة «بولا مرير» الواقعة بين مقديشو وكيسمايو المعقل المحصن التي لا تزال خاضعة لسيطرة المحاكم الإسلامية، وقد بدأت الطائرات الحربية الإثيوبية بالتحليق فوق أجواء المنطقة خلال اليومين الماضيين لكنها لم تقم بقصف المواقع التابعة للمحاكم الإسلامية. وكان الرئيس الصومالي عبد الله يوسف أحمد قد وصل امس الى مدينة أفغوي على متن مروحية عسكرية إثيوبية. وأجرى الرئيس يوسف لقاءات مكثفة مع ممثلي سكان العاصمة من السياسيين السابقين وزعماء القبائل ورجال الدين لترتيب الوضع الداخلي للعاصمة وانتشار القوات الحكومية والإثيوبية المساندة لها لحفظ الأمن فيها. وتأتي زيارة الرئيس الصومالي للمدينة بعد يوم واحد من وصول رئيس الوزراء علي محمد جيدي ووزير الداخلية حسين فارح عيديد الى نفس المدينة والى العاصمة مقديشو على متن مروحية عسكرية إثيوبية أيضا. وأفاد مصدر مقرب من مشاورات كل من الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء مع ممثلي سكان العاصمة بأنهم قدموا اليهما مجموعة من المطالب أبرزها عدم عودة أمراء الحرب الى العاصمة مقديشو، وكذلك بقاء القوات الإثيوبية خارج العاصمة واقتصار دخول المدينة على القوات التابعة للحكومة الصومالية.

وكان عدد كبير من أمراء الحرب الصوماليين الذين طردتهم المحاكم الإسلامية من العاصمة قبل نحو 7 أشهر قد عادوا على متن الدبابات الإثيوبية الى المناطق التي كانوا يحكمونها قبل مجيء المحاكم الإسلامية الى الحكم في العاصمة مقديشو. وعبر سياسيون صوماليون عن مخاوفهم بأن تؤدي عودة أمراء الحرب الى عرقلة جهود الحكومة الصومالية في بسط سيطرتها على العاصمة والمحافظات الأخرى من البلاد. وتواصل المظاهرات الاحتجاجية ضد وجود القوات الإثيوبية في مقديشو حيث أغلق المتظاهرون الغاضبون شوارع رئيسية في العاصمة وبدأوا بإحراق إطارات السيارات ورشق الجنود الإثيوبيين بالحجارة لكن لم تحدث مواجهات بين هذه القوات وبين المتظاهرين. من جهته، قال الشيخ شريف شيخ أحمد رئيس اتحاد المحاكم الإسلامية بأن قواته ستقاتل القوات الإثيوبية في كل مكان تتواجد فيه في الصومال، وقال بأن إثيوبيا ستهزم في الصومال في وقت قريب.

وجاءت تصريحات رئيس المحاكم الإسلامية في أول ظهور له بعد انسحاب مقاتلي المحاكم من العاصمة مقديشو، وقال الشيخ شريف الذي كان يتحدث عقب صلاة العيد في مدينة كيسمايو على بعد 500 كم الى الجنوب من العاصمة مقديشو على ساحل المحيط الهندي بأن الحرب ضد القوات الإثيوبية ستستمر لفترة طويلة حتى يتم إجبارها على مغادرة الصومال. ونفى رئيس المحاكم الإسلامية ما تردد من أن عددا من قادة المحاكم سيلجأون الى الخارج، وقال سيبقى قادة المحاكم في داخل البلاد لقيادة الحرب ضد إثيوبيا ولن يغادر أحد منا البلاد. وكان قادة المحاكم الإسلامية قد لجأوا الي كيسمايو إحدى أهم المدن الصومالية التي تقع على ساحل المحيط الهندي على بعد 500 كم الى الجنوب من مقديشو. ودعا الشيخ شريف كافة الشعب الصومالي الى حمل السلاح في وجه «المحتلين» الإثيوبيين.

وتجري أيضا في أجزاء أخرى من العاصمة مظاهرات احتفالية للترحيب بمقدم مسؤولي الحكومة الانتقالية الى مقديشو. وهناك مخاوف من أن تحدث حرب عصابات في العاصمة بين القوات الإثيوبية ومقاتلي المحاكم الإسلامية الذين بقوا غير ظاهرين في العاصمة والذين قد يتلقون أوامر من قادتهم ببدء حرب عصابات ضد القوات الإثيوبية. ومن جهة ثانية، ذكرت اللجنة الدولية للصليب الاحمر ان المعارك في الصومال اسفرت عن سقوط مئات القتلى في الايام العشرة الاخيرة بينما خضع 800 شخص من المدنيين والمقاتلين للعلاج وفر آلاف المدنيين من منازلهم.

وعلى الجبهة الدبلوماسية دعت الولايات المتحدة التي تدعم إثيوبيا مجددا الحكومة الصومالية للحوار مع مسؤولي المحاكم الاسلامية مؤكدة انه «لا يوجد حل عسكري» في الصومال.

وفي نيروبي، تحطمت طائرة كينية تحمل امدادات اغاثة ووقود الى الصومال المجاورة وانفجرت امس ولكن المسؤولين قالوا ان أفراد الطاقم ومجموعهم ثلاثة نجوا. وسقطت الطائرة ذات المحركين من طراز بافالو والمستأجرة للجنة الدولية للصليب الاحمر بعد خمس دقائق من اقلاعها من مطار جومو كينياتا الدولي في نيروبي.

وقال جان كلود شيسو المسؤول باللجنة الدولية للصليب الاحمر عن طاقم الطائرة «لا يمكننا تصور كيف نجوا. الطائرة تحولت الى حطام. لم يتبق منها شيء». وقالت بياتريس ندوتا رئيسة شرطة المطار ان الطائرة التي كانت تحمل أكثر من عشرة براميل وقود تعرضت لمشاكل في المحرك.