لبنان: التصريحات الأخيرة تصب الزيت على النار وجهود برّي قد تثمر «انفراجات» خلال أيام

الأعياد وتداعيات إعدام صدام تحسر النشاط السياسي

TT

مع حلول عيد الأضحى المبارك وانشغال العالم العربي بإعدام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، انحسرت أمس الحركة السياسية في لبنان في انتظار التطورات المتوقعة مع بداية العام الجديد، واقتصر التحرك على بعض التصريحات التي لم تخرج عن السجال القائم في اطار الاصطفافات الحادة في «معسكري» الموالاة والمعارضة.

وفي هذا الاطار قال عضو «كتلة التحرير والتنمية» البرلمانية بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري النائب غازي زعيتر «ان التصريحات والمقابلات التي سمعناها اخيرا ما هي الا صب الزيت على النار وتخدم الاجواء السلبية التي يمر بها الوطن»، مستغربا «ان لا يأتي ذكر اسرائيل وعدوانيتها على ألسنة هؤلاء السياسيين، وكأنهم باتوا يرون اننا نعيش في حالة صحية وعادية مع هذا العدو». وتحدث عن تصريحات النائب وليد جنبلاط الاخيرة التي وجه فيها اتهامات قاسية الى «حزب الله»، فقال: «من المؤكد مما نراه من ممارسات، ان هذه الحكومة اللادستورية تعيش في مأزق وهي رغم هذا المأزق ترفض كل المحاولات والسعي من اجل ايجاد مبادرة للخروج من هذا المأزق ونراهم اليوم يرفضون كل المبادرات التي قدمت وتقدم ان كانت عربية او داخلية. وهناك بعض السياسيين اللبنانيين الذين كانوا في الحد الأدنى يتمتعون بالحس الوطني والقومي نراهم اليوم ايضا كما انقلبوا ينقلبون على أنفسهم من حيث تحديد مواقعهم، ان كان على صعيد المقاومة او على صعيد التعاون او على صعيد الوحدة الوطنية بين اللبنانيين». واضاف: «ما نستطيع ان نقرأه من هذه المواقف التصعيدية... انها تصب الزيت على النار، اضافة الى انها تخدم الاجواء السلبية التي يمر بها الوطن». من جهته، قال النائب السابق فارس سعيد (من قوى 14 آذار) انه ليس متشائما بمستقبل لبنان «وما حصل في لبنان كان من الطبيعي حصوله، والزلزال الذي هز البلاد عام 2005 مع خروج الجيش السوري شكل نقطة تحول في حياة لبنان واللبنانيين ولا سيما بعودة لبنان الى دائرة الاهتمام الدولي والعربي». وأضاف: «عام 2006 أفسح في المجال للقوى المتضررة من خروج الجيش السوري من لبنان لإعادة ترتيب أحجامها وإعادة ترتيب ثورة مضادة لانتفاضة ثورة الارز بهدف اعادة اللبنانيين الى ما كانوا عليه قبل انتفاضة الاستقلال، اي التقابل بين الطوائف وتغليب عملية المحاصصة الطائفية على موضع الوحدة الداخلية وتخويف الطوائف من بعضها البعض». ورأى ان «عام 2006 اتسم باهتمام اضافي من المجتمع الدولي بالوضع اللبناني وباهتراء اضافي من اللبنانيين في معالجة شؤونهم الداخلية». وتابع: «لا شك في ان الطبقة السياسية خلال عام 2006 تصدعت والصورة اللماعة التي كان يتمتع بها بعض الاقطاب السياسيين مسلمين ومسيحيين قبل عام 2006 تراجعت عندما قرر حزب الله قسرا دخول الحياة السياسية الداخلية وتحويل دائرة اهتمامه من الصمود امام اسرائيل الى ترتيب وتحديد حجمه وحجم طائفته داخل عملية بناء الدولة، انعكس كل ذلك عليه سلبا». وقال ردا على سؤال: «ليست المرة الاولى التي يتعرض فيها البطريرك (الماروني نصر الله) صفير للانتقاد، لكنه لم يفقد شيئا من هالته ولا من بريقه». وأضاف: «في اطار الاهتمام الدولي الكبير بلبنان، شعرنا بان مجلس الامن طوال عام 2006 يكاد لا يعمل سوى على الملف اللبناني، وعاد لبنان الى دائرة الاهتمام الدولي بعد فترة تغييب استمرت ثلاثين عاما إذ كانت هناك عملية تلزيم من المجتمع الدولي للسوريين بالنسبة إلى الشأن الداخلي اللبناني». ولفت الى ان «الهجوم على مسيحيي 14 آذار ليس جديدا، ولا نزال نعتبر ان الوحدة الداخلية هي الكفيلة بتحقيق السيادة والاستقلال»، وقال: «الدروز عادوا الى المشروع اللبناني، والسنة دخلوا في هذا المشروع، والمطلوب اليوم ان يعود الشيعة الى المشروع اللبناني من اجل ولادة هوية لبنانية جديدة». واعتبر ان الكلام عن «التحاق المسيحيين برئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط وبقريطم (مقر زعيم تيار المستقبل النائب سعد الحريري) فيه الكثير من المبالغة، وهذا الكلام كان يحكى قبل خروج الجيش السوري من لبنان». ورأى: «على المسيحيين ان ينتزعوا الدور بأنفسهم وليس ان ينتظروا احدا لكي يعطيهم دورا أكان النائب جنبلاط او رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري او اي زعيم من الزعماء السياسيين او من الاقطاب المسلمين. الدور المسيحي اصبح معروفا، وقد أصدرت الكنيسة المارونية وثائق حددت فيها رؤيتها للدور المسيحي... ». أضاف سعيد: «ان شعار أمن المجتمع المسيحي فوق كل اعتبار الذي رفعته القوات اللبنانية في مرحلة من المراحل سقط وبالتالي اصبح شعارا شيعيا، فالطائفة الشيعية تبرز أمن المجتمع الشيعي فوق كل اعتبار. الموارنة تحديدا والقوات اللبنانية ذهبوا في اتجاه لبننة الخطاب على عكس (زعيم التيار الوطني الحر) العماد ميشال عون الذي كان ينتظَر ان يأتي بمشروع وبنظرة شمولية لبنانية، فاذا بنا نسمع ونقرأ ونتابع ان الخطر آت من السنة (...). ونسمع ايضا ان آل الحريري «ابتلعوا البلد» وكان لديهم وجود في ايام الوصاية السورية وتحالفوا معها واستفادوا منها. هذا المنطق حتى ولو كان جذابا في مرحلة من المراحل ويحرك بعض الغرائز الدفينة هو غير لبناني وغير جامع. الكل يدرك انه في حال غياب اي طائفة عن مشروع الشراكة سينفجر لبنان ولن يكون المشروع جامعا لكل اللبنانيين«. وقال: «لم يحصل أن اعطت الولايات المتحدة او اوروبا مرة فريقا من أفرقاء 14 آذار مالا او سلاحا بل هما تدعمان فكرة الدولة اللبنانية، ولا اعتقد ان الدولة اللبنانية تزعج احدا في لبنان الا المتضرر من وجودها». واعتبر أن «المبادرة الاستباقية» للنائب وليد جنبلاط في اتهام حزب الله بالمشاركة في عمليات الاغتيال، أمنت حماية مسبقة للوزير مروان حماده، لكونه مهددا بالقتل.

من جهته، شدد وزير الصحة المستقيل الدكتور محمد جواد خليفة (المقرب من حركة «امل») على «أهمية قبول اللبنانيين بعضهم بعضا كشركاء حقيقيين في هذا الوطن الذي لا يقوم ولا يقوى الا بجميع ابنائه»، محذرا من «الوقوع في شرك الفتنة الطائفية والمذهبية». وآمل في «ان تشهد الايام القليلة المقبلة انفراجات على المستوى السياسي الداخلي بفضل الجهود التي تبذل على غير صعيد لا سيما ما يبذله رئيس المجلس النيابي نبيه بري».

ودان النائب السابق اميل اميل لحود (وهو نجل رئيس الجمهورية) «تعرض البعض في الطغمة الحاكمة وفي شكل متكرر، للمقاومة ورموزها لغايات لم تعد خافية على احد». واعتبر «ان الفريق الحاكم بات يلجأ الى اساليب شبيهة بما كان يلجأ اليه الطغاة، وما اكثرهم في التاريخ، وهم في الساعات الاخيرة قبل سقوطهم يمارسون آخر ما تبقى لهم من نفوذ للانتقام والتشفي». وختم مؤكدا «ان الخيار بات واضحا لجميع اللبنانيين: اما دعم ومؤازرة المعارضة الوطنية من اجل تحرير لبنان من حكومة فاقدة للشرعية، وإما دعم وتغطية من كان متورطا في الغزو الاسرائيلي الاخير، ومن ينفذ تعليمات السفارات بالحرف خدمة لمصالح الخارج على حساب مواطنيه».