النمسا وفنلندا تقاسمتا الرئاسة الأوروبية في 2006 .. والشرق الأوسط حاضر في كل مؤتمرات الاتحاد

ألمانيا أحد أطراف مجموعة الستة الكبار المفاوضة لإيران تتولى الرئاسة مطلع 2007

TT

خلال العام 2006 تولت كل من النمسا وفنلندا رئاسة الاتحاد الأوروبي، وخلال فترة عمل الرئاسة التي تستغرق ستة أشهر حاولت كل دولة ان تبذل كل المطلوب من اجل تحقيق نجاحات في سياسات الاتحاد الأوروبي. وجاء البيان الختامي للقمة الأوروبية الاخيرة في بروكسل ليتضمن تحديد الموقف الأوروبي من قضايا منطقة الشرق الأوسط. ويمكن القول ان تلك المواقف جاءت بعد مشاورات وزيارات ومجهودات قامت بها رئاسة الاتحاد الأوروبي سواء اثناء فترة الرئاسة النمساوية أو الفنلندية بمشاركة جهود خافيير سولانا، المنسق الأعلى للسياسات الخارجية في الاتحاد، وبنيتا فالدنر، مسؤولة ملف العلاقات الخارجية بالجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي. وكالمعتاد تأتي الرئاسة الجديدة ببرنامج عملها خلال الأشهر الستة التي تتولى فيها الرئاسة لتعرضه على البرلمان الأوروبي ثم تبحثه مع المفوضية الأوروبية وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد. وقبل أيام قليلة من تولي المانيا رئاسة الاتحاد الأوروبي انطلقت تصريحات من جانب عدد من المسؤولين في مؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل تظهر توقعات بقيام الرئاسة الأوروبية الجديدة بنشاط مكثف لإنهاء الصراع في منطقة الشرق الأوسط، وكالعادة تنطلق التصريحات والبيانات من مصادر الرئاسة الجديدة للاتحاد على مستويات مختلفة لتظهر ان ملف عملية السلام في الشرق الأوسط يتصدر أجندة عمل رئاسة الاتحاد الأوروبي ونقطة أساسية في خطط عمل المجموعة الأوروبية الموحدة. وحسب ما ذكرت مصادر المؤسسات الاوروبية في بروكسل فان المفوضة الأوروبية المكلفة العلاقات الخارجية، بنيتا فالدنر، قالت في تصريحات لها خلال مشاركتها في ندوة بألمانيا مؤخرا إن الاتحاد الأوروبي ينتظر أن تقوم برلين أثناء تسلمها رئاسة الاتحاد مطلع عام 2007 القيام بدور رائد لحل مسألة النزاع في الشرق الأوسط من خلال وضعها خططا سياسية وقيامها باتصالات مع جميع الأطراف المتنازعة في تلك المنطقة.

وأعربت عن أملها في ان تشهد المنطقة أثناء رئاسة ألمانيا الاتحاد الأوروبي نشاطا سياسيا مكثفا لتنشيط محادثات تؤدي الى إحلال الهدوء والعودة الى الحوار السياسي من جديد، مؤكدة أن المنطقة بحاجة ماسة الى السياسة والدبلوماسية الأوروبية والعربية أيضا.

وقالت ان أوروبا والدول العربية بحاجة ماسة الى السعي لوقف اطلاق النار والبدء بتبادل الأسرى الموجودين لدى الأطراف المتنازعة في تلك المنطقة، مضيفة أنه أصبح من الضروري اجراء لقاءات تجمع بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس وزراء اسرائيل ايهود اولمرت تعمل على التقارب بين الفلسطينيين والاسرائيليين، مؤكدة ان حكومة وطنية فلسطينية أصبح قيامها ضروريا للغاية من أجل وقف العنف والتقاتل الفلسطيني، وتساعد الأوروبيين في إعادة حوارهم مع السلطة الفلسطينية والبدء بتقديم المساعدات للشعب الفلسطيني، نافية أن أوروبا تريد قتل الشعب الفلسطيني وان وقف المساعدات لم يكن من ضغطا مارسته واشنطن على الاوروبيين.

وفي أعقاب ذلك أعلن وزير الخارجية الألماني، فرانك شتاينماير، ورئيس المجلس الوزاري الأوروبي ابتداء من الشهر القادم انه لن تكون هناك أي مبادرات أوروبية فردية بشأن حل قضايا وملفات منطقة الشرق الأوسط، وأكد أن العمل يجب أن يكون فقط في إطار اللجنة الرباعية الدولية (الولايات المتحدة، روسيا، الإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة) التي يجب العمل على إعطائها دفعة جديدة ومنحها المزيد من الصلاحيات.

أما في الشأن الإيراني فقد رحبت عدة عواصم أوروبية بقرار مجلس الأمن الأخير ضد إيران بسبب عدم امتثالها لمطالب المجتمع الدولي في وقف تخصيب اليورانيوم، وخاصة ان الاتحاد الأوروبي سبق أن وجه مرارا وتكرارا دعوات الى طهران لتنفيذ ما جاء في العرض الذي تضمن حوافز لتشجيع ايران على تنفيذ مطالب المجتمع الدولي والتي قدمها سولانا الى طهران في يونيو الماضي. وكانت ألمانيا التي ستتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي مطلع الشهر القادم عضوا بارزا في عملية التفاوض الدولية مع إيران حول مشروع الطاقة النووية إلى جانب الأعضاء الخمسة الدائمين بمجلس الأمن الدولي الرامية للتوصل لاتفاق مع طهران بشأن خططها النووية، وألمانيا ليست عضوا دائما بمجلس الأمن الدولي.

على صعيد الشأن العراقي كانت بروكسل قد شهدت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي انطلاق الجولة الأولى من المفاوضات الرامية الى التوصل لاتفاقات اقتصادية بين العراق والاتحاد الأوروبي، وعلى اثرها قالت فالدنر «لكي تحقق هذه الاتفاقية الأهداف المأمولة منها، لا بد من خلق جو من الاستقرار والأمن في العراق».

> دعوة فرنسية للعمل من اجل مؤتمر دولي للسلام في الشرق الاوسط :

شهدت قمة بروكسل انطلاق دعوة من الرئيس الفرنسي جاك شيراك الى الأسرة الدولية لكي تثبت أنها صاحبة مبادرة من خلال متابعة الاقتراحات التي قدمتها إسبانيا وفرنسا في جيرونا مؤخرا، وشدد الرئيس شيراك في مداخلة لدى اجتماع المجلس الأوروبي على ضرورة «تعزيز» قدرة الاتحاد الأوروبي على العمل والاقتراح، «ليس ليحل مكان الأطراف، أو فرض الحلول بل لبناء الثقة بينهم وإعطائهم الضمانات اللازمة».

وقال شيراك في ختام القمة «ان الوقت قد حان لكي يعمل المجتمع الدولي من اجل تعزيز وقف إطلاق النار المعلن بين إسرائيل وفصائل فلسطينية عبر اتفاق سياسي، وتكثيف إجراءات بناء الثقة وفتح أفق باتجاه الحل النهائي من خلال البدء بالعمل على عقد مؤتمر دولي».

وقال شيراك إن «التوصيات الصادرة عن قمة الاتحاد الأوروبي ستحدد الإطار الذي يجب العمل من خلاله»، وأضاف «يجب إعلان استعدادنا للعمل بشكل إيجابي على صعيد المساعدة والاتصالات السياسية في حال تشكيل حكومة وحدة وطنية، على أساس برنامج يعكس مبادئ اللجنة الرباعية».

وأكد انه يجب تغليب الحلول الواقعية أكثر من بعث الآمال الزائفة بخطط لا حظوظ لها بنجاح حقيقي»، ونحن متفائلون «لأن السلام العادل في الشرق الأوسط سيكون له وقع كبير ويسحب كل الحجج والتبريرات من المتطرفين الذين يستندون الى الوضع الحالي». ورأى الرئيس الفرنسي أن الطموح يجب أن يمتد إلى لبنان، حيث تواجه «الحكومة الشرعية والناتجة عن انتخابات حرة هجوما حقيقيا لزعزعة الاستقرار، وعلينا تأكيد دعمنا الكامل لهذه الحكومة ودعوة اللبنانيين إلى التوحد». وأشار شيراك إلى مبادرة الجامعة العربية لحل الأزمة اللبنانية، معتبرا أن حل الأزمة يتطلب ثلاث نقاط أساسية هي «العدالة من خلال إنشاء محكمة دولية، وفعالية الحكومة، ووحدة اللبنانيين»، منوها بأن تطبيق القرار1701 ومؤتمر «باريس 3» الذي سيعقد في 25 الشهر القادم، حول إعادة إعمار لبنان هما جزء من الحل السياسي. وقال «لبنان يحتاج دعمنا أكثر من أي وقت آخر». وختم شيراك مداخلته بالقول «الشرق الأوسط هو جارنا المباشر، وازدهارنا وأمننا يعتمدان على الاستقرار في هذه المنطقة المضطربة، ولا يمكننا أن نظهر منقسمين أو غير فاعلين في حين يتواصل العنف غير المسيطر عليه».

وفي إطار الحديث عن لبنان، أجمع رؤساء الدول الأوروبية من خلال البيان الختامي على دعوة سورية إلى وضع حد لتدخلها في شؤون لبنان والتعامل بفاعلية مع الوضع، «للمساهمة في استقرار لبنان والمنطقة بأسرها». كما جاء في البيان «إن على سورية العمل من أجل تحسين علاقاتها بالمجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي والاعتراف، بل التعاون مع المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة المسؤولين عن جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري».