القارة العجوز: احتفال بالخمسينية .. دولة تحتضر.. وزعيمان راحلان.. والعام عام النسوة

TT

يبدو 2007 كما لو أنه سيكون عام النساء في أوروبا أو القارة العجوز كما أصطلح على تسميتها.

ففي مارس (آذار) القادم تحتفل فنلندا بمرور قرن على دخول نسائها البرلمان وهي التي تحكمها حاليا امرأة هي تارجا هولينين، فيما فرغت سويسرا يوم 13 ديسمبر (كانون الاول) 2006 من تنصيب ميشلين كالمي ـ رتي (61 عاما) رئيسا للدولة لتصبح ثاني امرأة تفوز بهذا المنصب في تاريخ سويسرا، وذلك عبر جلسة للبرلمان الاتحادي حصلت فيه ميشلين، التي كانت إلى تاريخ تنصيبها وزيرة للخارجية، على 147 صوتا عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي.

أما على صعيد الفعل السياسي وحضور المرأة، فالعام 2007، وعلى الأقل خلال نصفه الأول الى يونيو (حزيران) القادم، فسيجعل من امرأة أخرى هي المستشارة الألمانية أنجيلا ماركل، نجمة ساطعة في قلب الحدث الأوروبي وليس مجرد الألماني، والسبب رئاستها الدورية للاتحاد الأوروبي، وتكتب أنجيلا للإيكونمست مقالا تقول فيه إن إعادة الحياة الى دستور أوروبي صغير على أنقاض محاولات فشل الدستور الكبير وسقوطه في استفتاءين ستكون ضمن أولويات رئاستها. وفي الجارة فرنسا، القطب الثاني الأكبر مع ألمانيا في الاتحاد الأوروبي، سيكون للمرأة حضور آخر من نوع خاص، يوم أن تخوض سيغولان رويال انتخابات الرئاسة عن الاشتراكيين لتنافس وزير الداخلية نيكولاس سيكوزي، ومع دلائل كثيرة نرشح السيدة الأنيقة لدخول الأليزيه أمام إخفاقات الميراث الشيراكي، توشك أوروبا أن تدشن حقبة جديدة من حكم النساء يكثر الحديث في تأويل دوافعها.

فمجرد فوز رويال في فرنسا أثار تساؤلات عدة يوم أن حصلت على 60 في المائة من أصوات المقترعين الاشتراكيين، تاركة لمنافسها دومينيك ستروس 20 في المائة، ولمنافسها الثاني لوران فابوس 18 في المائة والرجلان من أسود الحزب الاشتراكي، لكنهما تبخرا هكذا رغم تفوق دومنيك ستروس على رويال في المناظرات التلفزيونية، فلم ترجع بعض الصحف سبب الفوز الا الى إشراقة وابتسامة جميلة لرويال، فيما أرجع البعض الفوز إلى انقلاب في المزاج العام لدى شعوب القارة العجوز، مستذكرين هنا فوز رئيس الوزراء الإسباني ثباتيرو برغم خبرته المحدودة وصغر سنه. (ثباتيرو سيواجه عام 2007 برواية توماس كاتان مراسل صحيفة «التايمز» بمدريد بمآزق على جبهتين: جبهة الاقتصاد الإسباني الذي سيدخل حالة من عدم الاستقرار، وجبهة الإرهاب على صعيد ثوار الإيتا)، مثلما أرجعوا انقلاب المزاج إلى إسقاط الناخبين في فرنسا وهولندا لمشروع الدستور الأوروبي.

في غضون ذلك، وبلغة الأخبار، يعلو ضباب كثيف مستقبل إيطاليا والسبب عدم وجود خطاب سياسي واضح تجاه الاتحاد الأوروبي بل وتجاه مستحقات انخرطت فيها بالفعل معظم دول الاتحاد وبينها الخصخصة (إيطاليا لم تحزم أمرها بعد في ملكية الدولة لقطاعات خدمية كثيرة في وقت يتضاءل فيه الإنفاق على الاستثمار فيما يسخر كثيرون في أوروبا من تضاؤل الإنفاق الإيطالي على البحوث مثلا. في المقابل يرى كثيرون أن ذلك يتعدى كونه شأن إيطالي ـ إيطالي، بحساب ثقل إيطاليا السكاني في الاتحاد الأوروبي، فهي رابع دولة بـ58 مليون نسمة بعد ألمانيا الأولى بـ82 مليون نسمة، ثم فرنسا بـ61 مليون نسمة، فبريطانيا بـ60 مليون نسمة بميزة تقول إن الإيطاليين هم الأعلى تعميرا بين الأوروبيين وفق دراسات غير مؤكدة)، وبذات المقاربة يقترب اقتصادها من نفس الترتيب بناتج إجمالي محلي يصل الى 2.09 تريليون دولار في العام بعد ألمانيا الأولى أيضا بناتج إجمالي محلي يصل الى 3.28 تريليون دولار، وبريطانيا في المركز الثاني بفارق بسيط (كسر عشري) عن فرنسا، حيث لبريطانيا 2.57 تريليون وفرنسا 2.5 تريليون دولار.

مع مثل هذا المشهد تحتفل القارة العجوز في برلين بدعوة من أنجيلا ماركل بالشمعة الخمسين لمعاهدة روما التي أسست للبنات صرح الاتحاد الأوروبي الحالي يوم 25 مارس القادم، فيما يستعد فيها زعيمان كبيران في قامة توني بلير وجاك شيراك عن المسرح السياسي تاركين بلديهما في مفترق طرق سياسية على خلفية خلافتهما وقابلية رحيلهما لإهداء أوراق لأحزاب المعارضة.