السعودية ومصر تنتقدان توقيت إعدام صدام.. ودعوات عربية لإحلال السلام في العراق

حماس تعتبره اغتيالا سياسيا.. وليبيا تعلن الحداد 3 أيام

TT

قالت وكالة الأنباء السعودية «واس» أمس، إنه ساد «شعور من الاستغراب والاستهجان أن يأتي تنفيذ الحكم بحق الرئيس العراقي السابق صدام حسين في «الشهور الحرم وفي اول ايام عيد الاضحى المبارك». وجاء التعليق من قبل المحلل السياسي لدى وكالة الانباء السعودية قبل ان تنتقد مصر بدورها توقيت الاعدام. وتكللت ردود الأفعال العربية حول إعدام صدام أمس مطالبة بإحلال السلام في العراق.

وجاء في وكالة الانباء السعودية أمس: «راقبت الأوساط السعودية والعربية والاسلامية باهتمام اخبار اعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين صبيحة اول ايام عيد الأضحى المبارك». وأضافت: «تابعت هذه الاوساط ردود الفعل التي اعقبت عملية الاعدام بين مؤيد ومستنكر ومتحفظ ومستدرك على عقوبة الاعدام».

وانتقد المحلل السياسي محاكمة صدام، قائلاً: «قبلها كانت محاكمة الرئيس صدام حسين محل رفض ومتابعة من هذه الاوساط وما مرت به المحاكمة من تغيير للقضاة، وظروف الاحتلال التي اجريت المحاكمة في ظلها، وما تزامن معها من سيادة اعمال العنف الطائفي والمذهبي والخلاف السياسي على الساحة العراقية». وتابع: «كان من المتوقع لدى كثير من المتابعين والمراقبين ان تستغرق محاكمة رئيس سابق حَكَم العراق لعقود من الزمن، وقتاً اطول ومداولات مفصلة واجراءات قانونية محكمة ودقيقة وبعيدة عن التسييس».

وشدد المحلل على «شعور الاستغراب والاستهجان، ان يأتي تنفيذ الحكم في الشهور الحرم وفي اول ايام عيد الاضحى المبارك، الذي تتجسد فيه وحدة المسلمين ويسود التقارب بينهم وملايين الحجاج منهم تلتقي على صعيد مبارك واحد تبحث عما يوحدها لا عما يذكرها بما يفرقها، كما ان ملايين المسلمين تنتظر ان ينظر العالم كله، لا القيادات السياسية في الدول الاسلامية فقط، باحترام لهذه المناسبة العظيمة وهيبتها ومكانتها في نفوس وضمائر المسلمين، لا ان يستهان بها».

من جهته، دعا الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي أكمل الدين احسان اوغلي العراقيين إلى «التحلي بالهدوء»، مشددا على ضرورة ألا يؤثر هذا الاعدام على «عملية المصالحة» في العراق. واعرب أمين عام المنظمة، التي تتخذ من مدينة جدة مقراُ لها، «عن قلق بالغ إزاء ما قد يحدث خلال الساعات القادمة»، محذرا من «العنف الطائفي». وأكد أوغلي ان «عملية المصالحة لا ينبغي ان تتاثر بتنفيذ عملية الاعدام»، داعياً العراقيين الى «التطلع الى المستقبل والعمل من أجل إعادة إعمار بلدهم».

وأعربت وزارة الخارجية المصرية بدورها مساء أمس عن أسفها لتنفيذ حكم الاعدام في الرئيس العراقي المخلوع مع بدء احتفال المسلمين بعيد الاضحى المبارك. وذكرت «وكالة أنباء الشرق الاوسط المصرية» أن الخارجية تأسف «لقيام السلطات العراقية بالمضي قدما في تنفيذ الحكم بإعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين وأن يكون ذلك في أول أيام عيد الاضحى المبارك وأثناء أداء مناسك الحج ودون مراعاة لمشاعر المسلمين أو حرمة هذا اليوم الذي يمثل مناسبة للعفو والتسامح».

ونقلت الوكالة ما قاله علاء الحديدي الناطق باسم الخارجية المصرية: «نأمل في ألا يؤدي تنفيذ حكم الاعدام في الرئيس العراقي السابق في هذا التوقيت الذي يمر فيه العراق بلحظات فارقة بعد فترة وجيزة من مؤتمر المصالحة الوطنية الذي عقد في بغداد منذ أيام قليلة إلى مزيد من التدهور في الاوضاع وإذكاء روح الانتقام والثأر من هذا الفعل، بدلاً من بذل الجهود لرأب الصدع داخل البيت العراقي والتأكيد على الوحدة الوطنية وتكريس عملية المصالحة الوطنية».

ومن جهتها، اعتبرت الجامعة العربية تنفيذ الحكم «نهاية مأساوية للنظام العراقي السابق». وأعرب الناطق الرسمي باسم الأمين العام للجامعة العربية المستشار علاء رشدي عن أمله في «ألا يساهم تنفيذ حكم الإعدام في تدهور الأوضاع الأمنية على الساحة العراقية»، مؤكداً ضرورة النظر إلى المستقبل للحفاظ على العراق ووحدته والاستمرار في جهود المصالحة بين الأطراف العراقية حتى يخرج العراق من الأزمة الحالية. وأعربت الحكومة الاردنية عن أملها بألا تكون هناك «تداعيات سلبية» جراء تنفيذ حكم الاعدام بالرئيس العراقي السابق. ونقلت وكالة الانباء الاردنية الرسمية «بترا» عن الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية ناصر جودة قوله: «نأمل بألا تكون هناك تداعيات سلبية جراء تنفيذ حكم الاعدام بالرئيس العراقي السابق صدام حسين من شأنها ان تؤثر على وحدة وتماسك الشعب العراقي».

وكان حزب البعث العربي الاشتراكي الاردني أقام مجلس عزاء رمزياً للرئيس العراقي السابق. ووضعت صورتان صغيرتان لصدام حسين عند مدخل مقر الحزب وسط عمان كتب تحتهما «عرس الشهيد البطل الرفيق المناضل صدام حسين». وفي الممر الذي يؤدي الى احدى الغرف حيث أقيم ما يشبه مجلس عزاء وضعت طاولة يعتليها سجل كتب عليه «سجل التهاني»، حيث تناوب المعزون على كتابة بعض كلمات التعزية بالمناسبة.

وعلى صعيد آخر، اعلنت ليبيا الحداد الوطني ثلاثة ايام على الرئيس العراقي السابق صدام حسين، الذي اعتبره الزعيم الليبي معمر القذافي بأنه «أسير حرب». ونقلت «وكالة الجماهيرية الليبية للانباء» عن القذافي قوله للصحافيين: ان «صدام حسين الذي أطاحته قوات الغزو الأجنبي ولم يطحه الجيش العراقي أو الشعب العراقي، هو أسير حرب حسب ما أعلنت الدول المحتلة عندما ألقت عليه القبض». وألغيت مظاهر الاحتفالات بعيد الاضحى ونكست الاعلام اعتباراً من أمس حداداً على صدام، بعد ان صرح القذافي أن: «معاهدة لاهاي وجنيف تنص على أن أسير الحرب يطلق سراحه عندما تنتهي العمليات العسكرية وحتى اذا تم الافتراض جدلاً أن تتم محاكمته، فان الدولة التي ألقت عليه القبض والتي أسرته هي التي تحاكمه اي أن أميركا وبريطانيا هما اللتان تحاكمانه». واعتبر ان «قيام محكمة عراقية بذلك فهو باطل وهو مهزلة ومسخرة».

ورأى القذافي انه يجب ان تقول محكمة العدل الدولية والجمعية العامة للامم المتحدة رأيهما في هذه القضية. واضاف: «لو كان العالم ما زال عنده ضمير وأنا واحد من المسؤولين في هذا العالم المنهار المنحط للأسف، لا بد أن تعرض قضية صدام حسين على الأقل على محكمة العدل الدولية وعلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وتفتي لنا».

ومن جهته، اعتبر الناطق باسم حركة المقاومة الاسلامية «حماس» فوزي برهوم في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، ان اعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين «اغتيال سياسي» و«يخالف كل القوانين الدولية». وقال برهوم ان اعدام صدام حسين شنقا «اغتيال سياسي يخالف كل القوانين الدولية» التي يفترض ان تحمي أسرى الحرب، متهما الولايات المتحدة بانها تخطت «كل الخطوط الحمر». وندد بمحاكمة «غير عادلة» واختيار لتنفيذ الاعدام قبيل بدء الاحتفال بعيد الاضحى. واضاف ان الاعدام شنقا تم في يوم العيد وهذا يشكل رسالة الى الشارع العربي بان الاميركيين «وجهوا تهديدات لجميع العرب».

وأدانت الجبهة الشعبية امس إعدام الرئيس العراقي صدام حسين في بغداد، معتبرة انها «جريمة» تهدف الى «مزيد من الانقسامات لتدمير العراق». وقالت الجبهة الشعبية في بيان في دمشق ان «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تدين جريمة اغتيال الرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي نفذتها قوات الاحتلال الاميركي البريطاني». وأضافت ان اعدام صدام يهدف الى «احداث المزيد من الانقسامات والصراعات الداخلية في العراق لتدميره وتقسيمه والسيطرة على مقدراته». وقالت الجبهة في بيانها ان «المحاكمة التي جرت في ظل الاحتلال الاميركي فاقدة لأي شرعية وتتناقض مع مبادئ القانون الدولي». ومن دمشق ايضاً، قال معتقل سياسي سوري بارز أمس، إن معتقلي الرأي في سورية يأملون أن يكون في اعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين «عبرة» لمنتهكي حقوق الانسان في العالم العربي. وأضاف المحامي أنور البني المعتقل مع سياسيين سوريين اخرين بسجن «عدرا» شمال دمشق منذ ثمانية أشهر في اتصال هاتفي بـ«رويترز»: «نتمنى ان يكون الاعدام عبرة لكل مرتكبي جرائم بحق شعوبهم وانتهاكات لحقوق الانسان في المنطقة وان يدركوا بأن لا أحد فوق الحساب وان يرتدعوا عن أفعالهم».

ومن جهته، قال الدكتور عصام العريان القيادي البارز بجماعة الإخوان المسلمين في مصر «محاكمة صدام مسرحية هزلية وتنفيذ الحكم بإعدامه هو الفصل الأخير في هذه المسرحية، وهو في الوقت نفسه رسالة موجهة لكل الحكام العرب بالدخول في الحظيرة الأميركية». واعتبر العريان أن إعدام صدام حسين لن يؤدى إلى الاستقرار بالعراق، قائلاً: «إعدام صدام لن يؤدي إلى الاستقرار بالعراق، بل سيؤدى إلى تدهور الأوضاع المتدهورة أساسا، كما سيغذي الطائفية، ولو أن الحكم صدر من محكمة عراقية عادلة لكان الأمر اختلف».