ردود فعل دولية متباينة.. بين تأييد سيادة بغداد ورفض عقوبة الإعدام

تصريحات منددة بمحاكمة الرئيس العراقي السابق والتخوف من التصعيد الأمني

TT

اثار اعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين أمس ردود فعل متباينة في العالم، ففي حين اعتبرت لندن ان صدام «دفع ثمن جرائمه»، رأى الفاتيكان فيه «خبراً مأساوياً»، الا ان هناك اتفاقا على التنديد بعقوبة الاعدام مبدئياً، حيث عارضت معظم الدول الاوروبية هذه العقوبة، على رغم اعلانها احترام قرار الحكومة العراقية. وكانت وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت، بين اول المسؤولين الذين علقوا على اعدام صدام صباح امس، معتبرة انه «دفع ثمن جرائمه». لكنها حرصت على ذكر ان «الحكومة البريطانية لا تدعم اللجوء الى حكم الاعدام في العراق ولا في اي مكان آخر». واضافت بيكيت «لقد ابلغنا موقفنا الى السلطات العراقية، لكننا نحترم قرارها كدولة مستقلة».

واعلنت وزارة الخارجية الفرنسية ان «فرنسا التي تدعو على غرار جميع شركائها الاوروبيين الى الالغاء التام لعقوبة الاعدام، تبلغت بتنفيذ حكم الاعدام بصدام حسين»، داعية «جميع العراقيين الى التطلع الى المستقبل والعمل من اجل المصالحة والوحدة الوطنية». وقال الوزير الالماني المنتدب للشؤون الخارجية غيرنوت ايرلير، ان الحكومة الالمانية «تتفهم ارتياح ضحايا نظام صدام حسين اثر اعدام الرئيس العراقي السابق، لكنها لا تزال مصرة على معارضتها المبدئية لعقوبة الاعدام».

واعرب رئيس الحكومة الايطالي رومانو برودي عن قلقه من ان يؤدي اعدام صدام الى تأجيج التوتر في العراق، على ما افادت به وكالة «انسا» الايطالية. وكان برودي قد وصف اعدام الرئيس العراقي بانه عمل «لاانساني» في وقت سابق.

ومن جهته، قال زعيم الحزب الراديكالي الايطالي والنائب الاوروبي ماركو بانيلا، في تصريح لـ«الشرق ‏الأوسط»: «إن الإعدام سلوك بربريّ ضدّ ‏الإنسانية وضد السلام».‏ وأعرب السياسي الإيطالي الذي أعلن إضرابا عن الطعام منذ ثلاثة أيام عن أسفه لأن السلطات العراقية لم تترك المجال للعالم كي يشاهد صدام وهو يواجه ‏محاكمات علنية لتهم أخرى موجهة إليه، مثل العدوان على الكويت، واستعمال أسلحة محرمة أثناء ‏الحرب مع إيران وكذلك استخدام الغاز داخل العراق.‏ ويشار إلى أن السياسي الإيطالي بانيلا قد أعلن الإضراب عن الطعام والشراب في محاولة «لمنع اعدام» صدام. ‏ودعا النائب الحكومة الايطالية الى «تعبئة المجتمع الدولي لمنع إعدام صدام حسين». ورددت الناطقة باسم الممثل الاعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي كريستينا غالاش، موقف الاتحاد الاوروبي الرافض لعقوبة الاعدام، قائلة ان الاتحاد «يدين الجرائم التي ارتكبها صدام حسين وعقوبة الاعدام ايضا». وايدت وزارات خارجية فنلندا والنمسا واسبانيا والسويد والنرويج وسويسرا هذا الموقف المعارض لعقوبة الاعدام.

ومن جهتها، اعتبرت وزيرة الخارجية اليونانية دورا باكويانيس ان «اعدام الدكتاتور صدام حسين يشكل محطة مأساوية جديدة في تاريخ العراق الصاخب. ونأمل في ان تكون هذه المحطة الاخيرة»، مذكرة بان اليونان الغت عقوبة الاعدام شأنها شأن الدول الاوروبية الاخرى.

واعلن الناطق باسم الفاتيكان فيديريكو لومباردي، في تصريح لاذاعة الفاتيكان، ان اعدام الرئيس العراقي السابق «خبر مأساوي»، محذرا من «خطر ان يغذي روح الانتقام ويسبب اعمال عنف جديدة».

وكان لحلفاء الولايات المتحدة تصريحات تؤيد «سيادة العراق». واعلن رئيس الوزراء الاسترالي جون هاورد احد اشد المؤيدين للسياسة الاميركية في العراق، ان بلاده تحترم قرار السلطات العراقية باعدام صدام، رغم معارضتها المبدئية لعقوبة الاعدام. واضاف ان صدام «اقتيد الى القضاء بموجب محاكمة واجراءات استئناف عادلة». ومن جهته، قال نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي شيمعون بيريز في تصريحات نقلتها الاذاعة الاسرائيلية العامة، ان «صدام حسين سبب لنفسه خسارته هذه، انه رجل سبب الكثير من الشر لشعبه وهدد اسرائيل كثيراً».

وأكد الناطق باسم الخارجية اليابانية ان قرار تنفيذ الاعدام بحق صدام «اتخذته الحكومة الجديدة في العراق طبقا لدولة القانون. نحترم هذا القرار»، حسب ما جاء على لسان ناطق باسم وزارة الخارجية. وأملت كوريا الجنوبية، التي تشكل ثالث قوة عسكرية في العراق في «ان يتخطى العراق، حكومة وشعبا، بحكمة المصاعب الحالية لبلوغ الانسجام الوطني والاستقرار واعادة الاعمار الاقتصادي بهدف تطور العراق».

وقالت روسيا انها تشعر بالاسف لاعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وأبدت قلقها من أن ذلك قد يثير موجة جديدة من أعمال العنف في العراق. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الروسية في بيان أمس: «للاسف لم يجر الاستماع للمطالب المتكررة لممثلي العديد من الدول والمنظمات الدولية للسلطات العراقية بالاحجام عن تنفيذ عقوبة الاعدام». واعتبر ان «اعدام صدام حسين قد يؤدي الى تفاقم الوضع العسكري والسياسي وزيادة التوترات العرقية والطائفية».

وكانت دول عدم الانحياز، اكثر انتقاداً لاعدام صدام، اذ اعتبرت ماليزيا التي تتولى حالياً رئاسة منظمة المؤتمر الاسلامي، ان اعدام الرئيس العراقي السابق قد يؤدي الى تجدد العنف في العراق، مؤكدة انه يتوجب على الحكومة ان تعيد بناء الثقة. ودانت الهند، التي كانت تربطها علاقات جيدة بنظام صدام حسين، تنفيذ عقوبة الاعدام بحقه، معتبرة اياه «حدثا مؤسفا جدا». وقال وزير الخارجية براناب موخيرجي «كنا عبرنا عن أملنا في ألا ينفذ الاعدام. وقد خاب املنا». ونزل آلاف المتظاهرين الى الشوارع في كل من الهند وباكستان وبنغلاديش للاحتجاج على تنفيذ الاعدام بحق صدام. وعلى صعيد آخر، قال قائد كبير في حركة طالبان أمس، ان اعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين سيشحذ المعارضة الاسلامية ضد الولايات المتحدة. وذكر الملا عبيد الله أخوند وزير الدفاع السابق في حكومة طالبان والقائد الكبير في حركة طالبان، بأن اعدام صدام في عيد الاضحى يمثل استفزازا. وقال عيد الله لرويترز هاتفياً من مكان مجهول: «اعدام صدام يوم العيد هو تحد للمسلمين». وأضاف: «اعدامه سيرفع من روح المسلمين المعنوية. وسيتصاعد الجهاد في العراق وتزداد الهجمات ضد القوات المحتلة. الالاف من الناس سينهضون والكراهية لاميركا تملأ قلوبهم». ومن جهتها، اصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش، التي نشرت تقريراً ينتقد محاكمة صدام والاجراءات القضائية سابقاً بياناً ينتقد الاعدام. وقال ريتشارد ديكر، الذي يعمل في المنظمة الدولية، ان «صدام حسين كان مسؤولاً عن افظع الجرائم وانتهاكات حقوق الانسان، لكن افعاله وان كانت على درجة كبيرة من الوحشية، لا يمكن ان تبرر الاعدام، العقوبة الوحشية وغير الانسانية». واعتبر ان «التاريخ سيحكم بقسوة على المحاكمة غير النظامية في قضية الدجيل وعلى هذا الاعدام».