وفاة رئيس المجلس البلدي اليهودي الأسبق للقدس عن 95 عاما

الإسرائيليون يعتبرونه أبا القدس الموحدة

TT

توفي في اسرائيل، أمس، تيدي كوليك، الذي يعتبره الاسرائيليون «ابو القدس الموحدة» عن عمر يناهز 95 عاما.

ويعتبر كوليك شخصية مهمة، كونه صنع مسيرة تاريخية طويلة من العطاء لاسرائيل ولسياستها الحربية والاحتلالية، ولكنه في الوقت نفسه صحا على الواقع وبدأ يكتشف مدى الأخطاء الفاحشة في السياسة الاسرائيلية عموما وسياسته شخصيا في بلدية القدس أيضا. وقال في أحد تصريحاته، إن هذه الأخطاء كلفت اسرائيل وشعبها ثمنا باهظا كان من الممكن تفاديه. ودعا في آخر لقاء صحافي معه عام 2002 لاتخاذ قرار مبدئي في السياسة الاسرائيلية بعدم اتخاذ أي قرار بشأن المناطق ومستقبل الشعب الفلسطيني من دون التنسيق مع قادته.

ولد كوليك في النمسا سنة 1911، وبدأ ينشط في الحركة الصهيونية منذ نعومة أظفاره. هاجر الى فلسطين في العام 1938. برز في نشاط مميز خلال الحرب العالمية الثانية، حيث تمكن من اقناع النازيين الألمان بإنقاذ مجموعات يهودية بإرسالها الى فلسطين. ثم نشط في مجال العلاقات مع الولايات المتحدة، حيث كان من الأقلية التي فضلت هذه العلاقات على أوروبا، ولذلك عينه رئيس الحكومة الاسرائيلية الأول، ديفيد بن غوريون، ملحقا سياسيا في السفارة الاسرائيلية بواشنطن. وكان له دور أساسي في توطيد العلاقات بين المخابرات الاسرائيلية والأميركية.

استدعاه بن غوريون لتولي منصب المدير العام لديوان رئيس الوزراء، وبقي فيه عشر سنوات. وعندما انشق بن غوريون عن حزب العمل وأقام حزب «رافي» انسحب كوليك معه، وخاض في سنة 1965 انتخابات المجلس البلدي في القدس وفاز برئاسته وبقي فيه 28 سنة، الى أن هزمه ايهود أولمرت في انتخابات 1993. وعلق كوليك على ذلك قائلا: «بنى أولمرت كل دعايته الانتخابية ضدي على مسألة الجيل، فراح يذكر الناس بأنني بلغت الثمانين. ولولا ذلك لبقيت رئيسا للبلدة عشر سنوات أخرى».

برز كوليك بشكل خاص سنة 1967، اذ قاد بنفسه عملية هدم حي المغاربة بالبلدة القديمة المجاور لحائط المبكى من أجل توسيع ساحته. وكان هذا المشروع بداية لسلسة مشاريع لما سماه «توحيد المدينة المقدسة»، بشقيها. وأدار كوليك سياسة بناء هائلة في القدس وأقام العديد من الأحياء اليهودية الاستيطانية وبنى فيها متحف القدس. وفي ايامه الأخيرة في البلدية بدأ يكتشف خطأ هذه السياسة وسعى لمصالحة العرب، فاهتم بالمقدسات الاسلامية والمسيحية وبالأحياء العربية وأقام متحفا اسلاميا غنيا بالمواد والوثائق وطرح مشروعا لتقسيم القدس بطريقة يتاح فيها للفلسطينيين أن يديروا شؤونهم بأنفسهم. واعترض بشدة على سياسة حكومات اليمين واعتبرها متطرفة وهاجمها بشدة.