عودة موسى إلى بيروت تنتظر «الجو المناسب» و«14 آذار» تعتبر أن المبادرات أصبحت خارج لبنان

سفير مصر ينقل إلى عون تمني القاهرة «ألا يخطئ أحد في الحسابات»

TT

غداة عطلة الأعياد بدت الساحة اللبنانية أشد ارتباكاً وبلبلة عما كانت عليه بالنسبة الى مصير المبادرات المحلية والخارجية الساعية الى فتح طريق يقود الفرقاء المتنازعين الى التلاقي حول حل للأزمة المستعصية بفعل «انشطار» المواقف السياسية بين قوى الاكثرية الداعمة لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة وقوى المعارضة التي مضى 33 يوماً على اعتصامها في وسط بيروت، وتلويحها بمزيد من التصعيد تحت عنوان حمل الحكومة على الاستقالة لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وفيما أكد عضو قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي النائب أكرم شهيب، باسم قوى «14 آذار»، ان «أي مبادرة أصبحت خارج إطار الواقع اللبناني»، عاود السفير المصري في بيروت حسين ضرار تحركه باتجاه القيادات السياسية، مشيراً الى ان مساعي الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى «تنتظر الجو المناسب».

وفي هذا السياق، زار السفير ضرار رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون. وأعلن انه نقل الى الأخير «رسالة من مصر تشدد على أهمية المسؤولية الملقاة على عاتق القادة السياسيين، لما لذلك من انعكاس على استقرار الوضع في لبنان». وأمل «ألا يخطئ احد في الحسابات السياسية»، داعياً الى «التحسب لأي خطأ قد يخل بالوضع العام فيحدث ما لا تحمد عقباه، وخصوصاً في ظل الوضع الدولي المتوتر والإقليمي المعقد».

وأشار ضرار الى ان «مساعي الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى تنتظر الجو المناسب». ونقل عن الأخير انه مستعد لمعاودة تحركه «شرط ان تكون هناك مرونة وتقدم في المواقف». وتساءل: «ماذا سيفعل موسى اذا لم يبد اي طرف استعداده للتعاون؟ هل يكتفي بالتنقل بين المقار الرسمية؟». وطمأن (ضرار) الى انه لمس «سياسات حكيمة» في آخر لقاء جمعه بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله منذ ايام.

كذلك زار السفير المصري رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع. وتمنى على الجميع «ان يجدوا المخارج السلمية لما يحقق استقرار هذا البلد وخصوصاً ان المعادلة معروفة: لا غالب ولا مغلوب». وقال عقب اللقاء: «انني استطلع الموقف واحمل رسالة من مصر الى الزعماء الللبنانيين بالتنبيه الى خطورة الموقف الموجود على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي، لأن أمننا كلنا متكامل. والجميع من موقع المسؤولية يدرك ذلك. ويبدو ان التوجهات سليمة لنقي لبنان وشعبه من أي مخاطر». وأضاف: «نرجو ان يسود الهدوء والاستقرار لأن استقرار المنطقة متكامل. هذه هي طبيعة الرسالة. وأتمنى على الجميع ان يجدوا المخارج السليمة بما يحقق استقرار هذا البلد، وخصوصاً ان المعادلة معروفة: لا غالب ولا مغلوب، ولبنان يمشي في التوجهات السليمة المفضلة من شعبه».

وفي سياق مواقف القوى اللبنانية، قال النائب شهيب في حديث اذاعي بث امس: «ان قوى 14 آذار لا تملك إلا الموقف والكلمة. وهي تعتبر ان موضوع تشكيل حكومة وحدة وطنية غير وارد قبل اقرار مشروع انشاء المحكمة ذات الطابع الدولي». ولفت الى ان «مبدأ المحكمة مرفوض منهم (المعارضة) ونحن لا نستطيع ان نتنازل يوماً عن دماء شهداء الوطن». وشدد على «ان الحكومة الحالية تعمل كل ما في وسعها على الصعد كافة».

واعتبر شهيب أن «هناك هدفاً انقلابياً من وجود المعتصمين في الشارع»، لافتاً الى «ان أي خطأ في الحسابات السياسية يمكن ان يؤدي الى ما لا نريده جميعاً وخصوصاً الكلام الذي سمعناه قبل الاعياد من التصعيد الى قطع الطرق». وأكد ان «اي مبادرة اصبحت خارج إطار الواقع اللبناني».

وفي تصريح آخر، قال شهيب: «33 يوما بالصراع مع إسرائيل، ولو كنت أعلم لما أقدمت، (اشارة الى كلام لامين عام حزب الله السيد حسن نصر الله). فماذا عن 33 يوما من احتلال وسط بيروت وتعطيل الحياة فيها فهل كان يعلم؟ وهل يعلم انه يستكمل تدمير لبنان؟». وأضاف: «نحن نعلم أن ما يجري هو تنفيذ لوعد كرره (الرئيس السوري بشار) الأسد في أكثر من خطاب من انه يريد ان يدمر لبنان وان يحيي مساره التفاوضي مع اسرائيل على حساب دماء اللبنانيين وأمنهم واستقرارهم وازدهارهم، مستفيدا ممن يريد أن يهزم أميركا في لبنان المرشد الأعلى للاعتصام». وتابع: «لا تظلموا لبنان كما ظلمته اسرائيل. وكفاكم فجورا وشتائم عبر الشاشات الصفر والوجوه الصفر. فقد تعلمنا ان نحذر صفر الوجوه من علة...ونذكر حزب الله بأن وحدة لبنان ومصالح أهله لا تبنى بنقل الشريط الشائك وخطوط التماس من الحدود الجنوبية الى ساحات بيروت. ونذكر ايضا اصحاب المبادرة الجديدة التي عرفنا بنودها من السفيرين الفرنسي والاميركي بأننا نعلم انهم يريدون الحكومة لا المحكمة. ونعلم لماذا. وسبحان مغير الاحوال، نتهم بحكومة فيلتمان ونعرف بالمبادرة منه». وكان النائب شهيب زار أمس مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني مع وفد من الحزب التقدمي الاشتراكي ضم النائبين علاء الدين ترو ووائل ابو فاعور وأمين سر الحزب المقدم شريف فياض الذي قال: «ان سماحته هو رمز من رموز الوطنية في لبنان. وموقفه يشير الى الوجهة الوطنية الصحيحة، وهو بوصلة السياسة في هذا الزمن الذي يحاول البعض ان يهدم ما بناه الرئيس رفيق الحريري، ويحاول البعض ان يقفز فوق مؤسسات الدولية ليبني له مجدا باطلا. ان مفتي الجمهورية ركن من أركان الإسلام، وركن من أركان الوطنية في لبنان». في المقابل، أعلن نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم: «ان المعارضة ستجتمع خلال يومين لوضع تقويم لما حصل حتى الآن منذ بدء تحركها ودرس آفاق الحلول وأخذ سلسلة تحركات ستعلنها واحدة وراء أخرى للرأي العام»، مشيرا الى انها «قد تأخذ شكل تحركات نقابية وعمالية واختصاصية». وأكد: «ان مطلب المعارضة المقبل هو انتخابات نيابية مبكرة، اي عبر حكومة تضع قانونا انتخابيا عادلا ثم يصار الى تقصير ولاية المجلس النيابي، ثم دعوة الهيئات الناخبة لإجراء انتخابات تجسد التمثيل الحقيقي». وأضاف: «إن مبادرة الرئيس نبيه بري لم تكتمل فصولها بعد وجرى تسريب مجتزأ لها. وعندما يتم طرحها بشكل نهائي سنبدي رأينا»، مؤكداً أن «مبادرة عمرو موسى افشلها الطرف الآخر الذي انقلب على التفاهمات التي حصلت في جولة موسى الاولى»، مجددا «الترحيب بأي مبادرة ذات حلول مقبولة».

من جهته، تساءل النائب ابراهيم كنعان عضو تكتل ميشال عون عن «دور الحكومة المتخاذل في تقديم المبادرات». ورأى «ان المواقف المتشنجة لبعض السياسيين لا تخدم أحدا. وفي نهاية المطاف لا يمكن للنائب وليد جنبلاط الغاء حزب الله. ولا الأخير يمكنه الغاء النائب جنبلاط. والجميع مدعوون الى ملاقاة احدهم الآخر».