قاتل كاهانا: الأصوليون في السجن كمن يسبح في بحر الظلمات..والحراس أسماك قرش

الأصولي المصري في رسالة جديدة لـ الشرق الاوسط: رفعت قضية بسبب حبسي انفراديا لأكثر من 5 سنوات

TT

قال نصير الاصولي المصري البورسعيدي، الذي اتهم بالتورط في قتل الحاخام مائير كاهانا، زعيم حركة كاخ العنصرية في نوفمبر (تشرين الثاني) 1990، ثم اتهم في قضية تفجيرات نيويورك عام 1993، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة، في رسالة جديدة تلقتها «الشرق الأوسط» من سجنه الاميركي، ان هناك رسائل متبادلة بينه وبين بابا الفاتيكان والبيت الابيض، في ما يتعلق بمشروعه للسلام في منطقة الشرق الاوسط. وارسل نصير نسخا من رسالتين الى بابا الفاتيكان، الاولى بتاريخ 22 اكتوبر (تشرين الاول) الماضي، والثانية في 7 ديسمبر (كانون الاول) الماضي، وكذلك رد الفاتيكان على رسالته الاولى بتاريخ 22 نوفمبر الماضي، وفيها يبارك البابا افكاره من اجل احلال السلام. وارسل نصير وهو فنان تشكيلي خريج كلية الفنون التطبيقية بمصر 1979 ايضا صورة فوتوغرافية حديثة ملونة له.

وقال نصير، الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة، انه موضوع في الحبس الانفرادي في الزنزانة رقم 104، في الدور الاول من الوحدة «دي» في سجن سوبر ماكس فلورنس، في ولاية كولورادو الاميركية، منذ اكثر من خمس سنوات. وتحدث عما اعتبره معاناة الاصوليين داخل سجن كولورادو الاميركي.

وقال ان ادارة السجن تحاول وصم الاسلاميين في هذا السجن بأخطر الجرائم الارهابية، وتراقب اتصالاتنا مع عوائلنا خارج الاراضي الاميركية، بزعم اننا خطر على الامن القومي الاميركي، واننا نخطط لاعمال ارهابية في الولايات المتحدة. وأضاف نحن مراقبون على مدار الساعة.

واوضح ان رسائل التهنئة، التي ارسلها الى اهله في بور توفيق في مصر منتصف رمضان، والى شقيقته في الكويت، لم تصل اليهم، وقد عرف ذلك من خلال اتصاله الهاتفي بهم الاسبوع الماضي. وقال ان تأخير البريد القادم اليهم والصادر منهم امر عادي، وهو نوع من العقاب موجه ضد الاصوليين المحتجزين في هذا السجن.

واوضح ان ادارة السجن تعاقب الاسلاميين المحتجزين، بسبب استمرارهم في الشكوى ضدهم. وافاد بأن ادارة السجن تزعم انهم يضعوننا تحت برنامج سيخرجنا من الحبس الانفرادي الانعزالي. وقال ان سجله في الحبس نزيه ونظيف منذ اكثر من 12 عاما. ووصف وضع الاصوليين في السجن الاميركي بانهم مثل من يسبحون في بحر الظلمات، وقال نحن نواجه الحراس «عديمي الرحمة»، وهم بالنسبة الينا مثل «أسماك القرش».

وكان نصير، قد كشف في رسالة سابقة الى «الشرق الاوسط»، انه مراقب داخل زنزانته من خلال كاميرا فيديو، تعمل على مدار الساعة، مشيرا الى ان عدد الاصوليين في سجن كولورادو لا يتعدى العشرة في المائة من مجموع السجناء، بينهم عمر عبد الرحمن الزعيم الروحي لـ«الجماعة الاسلامية» المصرية المحظورة، الذي يقضي عقوبة السجن المؤبد في قضية تفجيرات نيويورك عام 1993، بالاضافة الى اسلاميين آخرين ادينوا معه في نفس القضية، منهم ابراهيم الجبوني، وفاضل عبد الغني، وطارق الحسن. وقال نصير انه رفع قضية ضد ادارة السجن الاميركي بسبب سوء المعاملة رقمها 06-cv-01747. واشار نصير الى مطالبته في بنود قضيته بوضعه في سجن تحت حراسة متوسطة، اعتمادا على انه لم يخالف بنود لائحة السجون الاميركية منذ عام 1995. واوضح ان قضيته تعتمد على قانون التساوي في معاملة السجناء، مشيرا الى انه يتلقي معاملة مختلفة، فهو دون المساجين الاخرين يوضع في زنزانة في الحبس الانفرادي، وعلى سريره اياد حديدية مصممة خصيصا لتقييد يدي السجين ورجليه اثناء نومه، لذا فهو مضطر للنوم على ظهره طول الليل، مما يعرضه لالام فظيعة ولا يستطيع النوم لاكثر من ساعتين طوال 24 ساعة يوميا. واضاف انهم يخالفون المادة الثامنة من الدستور الأميركي، لانه موجود في الحبس الانفرادي لاكثر من خمس سنوات، رغم سجله النزيه. واشار الى ان ادارة السجن ترفض وضعه ضمن التجمع العام للمساجين رغم ثبوت قدرته على التعامل مع السجناء والحراس بأمان وسلام. وزعم ان الهدف من وضعه في الحبس الانفرادي هو العنصرية بسبب جنسه ودينه.

واوضح الاصولي المصري ان القضية التي رفعها ضد ادارة سجن ماكس الفيدرالي، تعتمد ايضا على انتهاكهم للمادة الاولى للدستور بالتقييد عليه بخصوص محاولة اتصالاته بالاعلام، ومنع وصول مجلات وصحف عربية اليه في حبسه الانفرادي، وكذلك مخالفتهم لحقوق السجناء المسلمين الدينية بمنع وصول أي مواد او كتب دينية مكتوبة باللغة العربية اليهم، ومنعهم من صلاة الجمعة، ومنعهم من توظيف امام مسلم دائم في السجن، ومنعهم من الاختلاء بالامام الزائر للحديث عن مشاكلهم الدينية بالسجن، مشيرا الى ان الامام الزائر يصاحبه موظف أمني يعرف العربية او ضابط من المباحث الاميركية يتحدث العربية، خوفا من تمرير رسائل، رغم ان ذلك يخالف القانون. واشار الى انه ارسل عدة رسائل الى منظمات حقوقية عربية واسلامية تعمل داخل الاراضي الاميركية، ولكن لا حياة لمن تنادي. والمنظمة الوحيدة التي تفاعلت مع قضية السجناء المسلمين هي منظمة مراقبة حقوق الانسان «هيومان رايتس ووتش» الاميركية.

وارسل نصير نسخا من رسائله الى منظمة «هيومان رايتس ووتش»، وردت مديرتها المحامية جنيفر داسكال عليه. وتحدث نصير في رسالته عن مشروعه للسلام، الذي ارسل ملخصه الى بابا الفاتيكان، والى الرئيس الاميركي بوش، وفيه يتحدث عن السلام في منطقة الشرق الاوسط، ويسمي المشروع بـ«دولة ابراهيم الفيدرالية»، وقال ان الهدف هو اقامة دولة فيدرالية في كل من فلسطين واسرائيل، تحت نظام ديمقراطي يساوي بين جميع من يعيش على تلك الارض، وتكون عاصمتها «اورشليم القدس»، على ان تكون ولاية فلسطين العربية هي كل الارض التي احتلتها اسرائيل في حرب يونيو ( حزيران) 1967. وقال ان سبب تسميته «دولة ابراهيم الفيدرالية» هو لحل المشاكل الدينية بين المسلمين واليهود والنصارى بخصوص مشكلة الارض. وطالب المعتدلين من الجانبين العربي والاسرائيلي بمراسلته على عنوانه في سجنه الاميركي شديد الحراسة. وقال: «سجنت مدى الحياة بسبب هذه المشكلة المتجذرة، وحسبي الله ونعم الوكيل».

وافاد بان مشروع دولة ابراهيم الفيدرالية باعتبارها الحل الامثل لضمان السلام في الاراضي المحتلة بين الفلسطينيين والاسرائيليين يحظى بتغطية من وسائل الاعلام الاميركية، وقد سعت «سي ان ان»، لاجراء مقابلة معه داخل السجن.

واشار الى انه ركز في اجراءات التقاضي على انه يقدم مشروع دولة ابراهيم الفيدرالية «خدمة للامن القومي الاميركي». وقال ان «هذا المشروع هو الوسيلة الوحيدة لوقف الارهاب في المنطقة»، مشيرا الى انه يطالب في القضية كذلك بالافراج عن جميع السجناء السياسيين، الذين ادينوا في الولايات المتحدة على خلفية الصراع العربي ـ الاسرائيلي.

وقال الاصولي المصري، ان السلام في منطقة الشرق الاوسط مصطلح غير مفهوم، لان كلا الجانبين، الفلسطيني والاسرائيلي، ينظران الى القضية بشكل مختلف ولن يصلا ابدا الى تسوية. وكان نصير قد كتب قصة طويلة داخل السجن الاميركي، اشبه بعمل روائي تحت اسم «الجوهرة المفقودة»، وهي تتحدث عن انخراط اصوليين مقربين من القاعدة في تجارة الماس في دول غرب افريقيا، والقصة فيها كثير من الخيال الروائي، ورسم نصير برؤية فنية التشابكات بين الاسلاميين، بحثا عن الكنز المفقود، ووقوع البعض منهم في ايدي المباحث الاميركية، اثناء عملية التنقل بين دول القارة السمراء. وارسل نصير النسخة الوحيدة من قصته الى «الشرق الأوسط»، لعلها تجد طريقها الى عالم النشر، على حد قوله.

وتحدث نصير، وهو فنان متخصص في النحت وخريج قسم التصميمات الصناعية بكلية الفنون التطبيقية بجامعة القاهرة عام 1979، في رسالة سابقة عن خدمة جديدة في السجن الاميركي عبر شاشة التلفزيون، وهي تقديم «برامج تعليمية» عبر قنوات مغلقة، مثل الجامعة المفتوحة.

وتطرق الى تلقيه دروسا في علم النفس عبر الشاشة الصغيرة، مثل برنامج «التحكم في الغضب» الذي اجتازه بنجاح، بالاضافة الى برامج اخرى عن «تاريخ الحرب العالمية» و «تاريخ اوروبا»، مشيرا الى انه في نهاية البرامج ترسل ادارة السجون اسئلة تحريرية في صورة امتحانات، ثم ترسل الاجوبة الى اساتذة في الخارج لتصحيحها. وقال يوم الجمعة مثلا تقدم برامج دينية اسلامية من الساعة 12 الى الخامسة، والامر يتكرر يوم السبت بالنسبة لليهود، والاحد بالنسبة للمسيحيين. واضاف ان البرامج الدينية الاسلامية عوضت حرمانه من لقاء الائمة في السجون الاميركية.

وكان نصير قد اوضح في رسالة سابقة لـ«الشرق الاوسط» الى ان السبب في وضع اسمه على لائحة الاتهام في قضية تفجيرات نيويورك عام 1993، الى جانب عمر عبد الرحمن الزعيم الروحي لـ«الجماعة الاسلامية» المصرية، رغم وجوده في السجن الاميركي منذ نهاية عام 1990، يعود الى زيارة اثنين من المتهمين الرئيسيين في القضية له، وهما محمد سلامة ومحمود ابو حليمة، وكلاهما صادر ضده حكم بالسجن لمدة 107 اعوام. وقال إنه يتابع أعمال المقاومة في العراق من خلال تلفزيون ملون صغير موضوع في زنزانته، عبر قنوات «سي بي إس»، و«فوكس» و«إن بي سي»، التي كانت تقدم خدمات إخبارية على مدار الساعة.

والاصولي المصري له بعض «الشطحات العلمية»، منها دراسة علمية عن اهرامات مصر ارسلها لـ«الشرق الأوسط»، منذ عدة اشهر اشار فيها الى ان الاهرامات التي بناها الفراعنة في مصر، بنيت اساسا بسبب حدوث زلزال في مصر في الزمن القديم. وقال ان وظيفة الاهرامات هي تثبيت الارض المسطحة الخالية من الجبال الطبيعية، لامتصاص اكبر كمية من الهزات الارضية.