مصر : لجنة برلمانية مغلقة بدأت مناقشة التعديلات الدستورية للتأكيد على الاقتصاد الحر وتقليص صلاحيات الرئيس

اقتراح ضوابط على «الرئيس المؤقت» تمنعه من تعديل الدستور أو حل البرلمان

TT

بدأت لجنة الشؤون التشريعية والدستورية في مجلس الشورى (أحد مجلسي البرلمان) المصري أمس أول الاجتماعات البرلمانية الخاصة بالنظر في الطلب الذي أحاله الرئيس المصري حسني مبارك لمجلسي الشعب والشورى، حول إجراء تعديل في 34 مادة من الدستور الحالي الذي يرجع تاريخه لعام 1971، ووضع نصوص تغير من الطبيعة الشمولية للنظام الاقتصادي (الاشتراكي حسب نص الدستور الحالي) إلى الاقتصاد الحر وإعطاء المزيد من الفرص للأحزاب السياسة للمشاركة في الانتخابات النيبايبة والرئاسية، وأعلن الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) أمس أن التعديلات سوف تتضمن تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية لصالح مجلسي البرلمان (الشعب والشورى) ومجلس الوزارء (الحكومة). وقال المستشار عبد الرحيم نافع، رئيس لجنة الشؤون التشريعية والدستورية في «الشورى» عقب الاجتماع المغلق للجنة إنه تمت مناقشة سبع من مواد الدستور المطلوب تعديلها، واصفاً التعديلات التي ستستمر اللجنة في نظرها خلال اليومين المقبلين بأنها تمثل أوسع تعديل دستوري يجري في البلاد منذ وضع دستور 1971، مشيراً إلى أن أغلب دساتير العالم تخلو من نص يحدد التوجه الاقتصادي للبلاد.. «لأن التوجهات الاقتصادية تختلف وفقاً لحقب الزمان»، قائلاً إنه لا يوجد حالياً ما يسمى بالملكية الاشتراكية. وأكد أنه ليس هناك ربط بين إلغاء النصوص الدستورية الخاصة بالنظام الاشتراكي والإبقاء على تمثيل النواب في البرلمان بواقع 50% للنواب «العمال والفلاحين» و50% للنواب «الفئات». وحول المادة 88 الخاصة بالإشراف القضائي على الانتخابات النيابية قال «نافع» إن هذه المادة تتحدث عن صورة الإشراف وكيف يكون وهل على اللجان العامة أو الخاصة بشرط وجود آلية قضائية تشرف على صحة الانتخابات، موضحاً أن الهدف من أي نظام انتخابي هو الوصول بنائب إلى مجلسي البرلمان بإرادة المواطن سواء كان مرشحاً مستقلاً أو حزبياً. وأكد أن التعديلات الدستورية لا تتضمن اقصاء المستقلين عن خوض الانتخابات.

وأعلن الحزب الحاكم في بيان له أمس إن التعديلات الدستورية المقترحة من جانب رئيس الجمهورية تهدف إلى تعزيز مبدأ المواطنة باعتبار أن جميع المواطنين متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات بدون تفرقة بينهم بسبب عقيدة أو دين، والجميع شركاء في بناء الوطن والحفاظ على استقراره في مواجهة محاولات نشر الفتنة والتطرف، وأن هذا الهدف سوف يتحقق عن طريق تعديل المادة الأولى من الدستور، بحيث يتضمن النص الجديد التأكيد على أن نظام الدولة يقوم على مبدأ المواطنة كأساس للحقوق والواجبات، ويرتبط بذلك أيضاً بتعديل المادة الخامسة بحيث يتم النص على حظر مباشرة أي نشاط سياسي أو حزبي أو قيام الأحزاب على أساس الدين أو الجنس أو الأصل. وأضاف بيان الحزب الحاكم أن المقترحات الخاصة بتقوية دور البرلمان ستجري صياغتها بحيث يحصل البرلمان على دور جديد في التصويت بالثقة على برنامج الحكومة بعد تشكيلها، لضمان أن الحكومة الجديدة تحوز ثقة مجلس الشعب (البرلمان) وتتماشى مع الأغلبية الموجودة به، وسيكون للمجلس حق التصويت بقبول أو رفض البرنامج، قائلا إن الصياغة سوف تنص على أن «التصويت برفض البرنامج بمثابة التصويت بعدم الثقة في الحكومة وما يترتب عليه من تقديم الحكومة لاستقالتها».

وأضاف أن التعديلات المقترحة تتضمن أيضاً التخفيف من الإجراءات المتعلقة بتقرير مسؤولية رئيس مجلس الوزراء، بحيث يكون لمجلس الشعب دوراً أكبر في سحب الثقة من الحكومة من دون الحاجة للجوء إلى الاستفتاء، حيث ان الوضع الحالي يعطي لرئيس الجمهورية سلطة عرض موضوع النزاع بين مجلس الشعب والحكومة على الاستفتاء الشعبي، فاذا جاءت نتيجة الاستفتاء مؤيده للحكومة اعتبر المجلس منحلا، وإلا قبل رئيس الجمهورية استقالة الوزارة. وقال البيان إن التعديلات المقترحة سوف تعتبر أن صدور قرار من مجلس الشعب بسحب الثقة من الحكومة يؤدي إلى تقديم الحكومة استقالتها، ويكون قبول هذه الاستقالة وإعادة طرح الثقة بالوزارة في ذات دور الانعقاد وفق ضمانات يتحقق بها التوازن بين السلطات التنفيذية والتشريعية. وقال البيان: «يرتبط بزيادة سلطات البرلمان في التصويت بالثقة على برنامج الحكومة عند تشكيلها، والتصويت بسحب الثقة من الحكومة دون اللجوء للاستفتاء، إعطاء رئيس الجمهورية سلطة حل البرلمان بدون اللجوء أيضاً إلى الاستفتاء»، وأن ذلك يهدف إلى تحقيق التوازن بين السلطة التنفيذية والتشريعية.. «وهو المبدأ الذي تأخذ به كل الدول التي تعطي للبرلمان هذه السلطات في مواجهة السلطة التنفيذية». وقال إن..«هذا الاقتراح يأتي مؤكداً على أنه إذا تم حل المجلس لسبب ما لا يجوز حله مرة أخرى لنفس السبب». وأضاف إن التعديلات المقترحة تتضمن إعطاء مجلس الشعب سلطة تعديل الموازنة العامة وتحديد أولوياتها، وذلك..«في إطار من الحفاظ على التوازن بين تقديرات الإيرادات والنفقات في الموازنة»، ووصف ذلك بأنه «يعتبر نقلة نوعية عن الوضع الحالي الذي يحظر على مجلس الشعب تعديل مشروع الموازنة العامة إلا بموافقة الحكومة».أما عن مجلس الشورى، المجلس الثاني في البرلمان، فقال الحزب الحاكم في بيانه إن التعديلات الدستورية المقترحة من رئيس الجمهورية سوف تشمل إعطاءه اختصاصاً تشريعياً..«بحيث يصبح من حقه الموافقة على عدد من الموضوعات التي يقتصر دوره الحالي تجاهها على مجرد الاستشارة غير الملزمة، مع الإبقاء على الدور الاستشاري للمجلس في قضايا أخرى». وقال البيان إن المقترحات ستؤدي إلى زيادة تمثيل الأحزاب في الحياة السياسية باعتبارها عماد النظم الديمقراطية، والآلية الأساسية للمشاركة السياسية والتعبير عن مطالب المواطن، وأن المقترح هو أن يتم.. «إعطاء المشرع القدرة على اختيار النظام الانتخابي الذي يكفل تمثيلاً أكبر للأحزاب السياسية في مجلسي الشعب والشورى ويزيد من تمثيل المرأة في هذين المجلسين». وأضاف أن تعديل المادة 76 سوف يأتي بشكل يؤدي إلى تيسير الشروط الدائمة لقيام الأحزاب بالتقدم لمرشحين لانتخابات الرئاسة، إلى جانب مواد أخرى تنظيم عملية إنشاء الأحزاب وممارسة الأنشطة السياسية بحيث يحظر مباشرة أي نشاط سياسي أو حزبي أو قيام الأحزاب على أساس الدين أو الجنس أو الأصل.

وعن المقترحات الخاصة بتطوير نظام الإشراف على الانتخابات قال الحزب الحاكم إنه يريد نصوصاً تضمن نزاهة الانتخابات وتوفر إشرافاً محايداً ومستقلاً عليها، موضحاً أنه تم تسجيل 1.9 مليون ناخب جديد عام 2006، وفي الفترة من 1999 حتى نهاية 2006 تم تسجيل 12 مليون ناخب جديد وهو ما تترتب عليه الحاجة لزيادة عدد لجان التصويت التي يصل عددها الآن إلى 30.741 لجنة فرعية يبلغ عدد المقيدين في كل لجنة في المتوسط 1200 ناخب، قائلاً إن المقترحات بالتعديلات الدستورية تستهدف ضمان إجراء الانتخابات البرلمانية في يوم واحد تجنباً لامتداد فترة الاقتراع لأيام طويلة. وحول المقترحات الخاصة بتوسيع اختصاصات مجلس الوزراء ووضع ضوابط على سلطات رئيس الجمهورية، قال الحزب الحاكم إنه سيتم توسيع لمدى الذي تشارك فيه الحكومة رئيس الجمهورية في أعمال السلطة التنفيذية.

كما سيتم وضع ضوابط على سلطات الرئيس المؤقت منها عدم قدرته على إقالة الحكومة أو حل البرلمان أو الدعوة لتعديل الدستور، لأن هذه السلطات يجب عدم استخدامها خلال هذه الفترات المؤقتة والعارضة.