الخرطوم: الأمم المتحدة تتحدث عن عمليات اغتصاب في دارفور وتصمت عن ارتكاب جنودها ذات الجرائم في الجنوب

حاكم نيو ميكسيكو يسعى لإقناع البشير بقبول نشر قوات دولية في دارفور

TT

كثفت الحكومة السودانية، على شتى الاصعدة، حملتها الهجومية على الامم المتحدة، على خلفية التقارير التى كشفت اخيرا عن قيام جنود من البعثة الخاصة للمنظمة الدولية بعمليات اغتصاب لفتيات قاصرات في جنوب السودان. فيما اوضحت مصادر دبلوماسية مطلعة في الخرطوم ان المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة اليان الياسون سيطرح خلال زيارته للعاصمة السودانية غدا على المسؤولين افكارا تحمل جدولا زمنيا للعملية السلمية في دارفور، كما تشمل الافكار وقفا لإطلاق النار تمهيدا لمفاوضات تكون مكملة لاتفاق ابوجا الهش لسلام دارفور. وفي غضون ذلك يبدأ حاكم ولاية نيوميكسيكو الأميركية بيل ريتشاردسون اليوم زيارة الى السودان قال إنه يسعى خلالها إلى إقناع الرئيس عمر البشير لقبول نشر المزيد من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في دارفور. غير أن المسؤول الديمقراطي والمرشح المحتمل للرئاسة في انتخابات 2008 أضاف في حديث لوكالة اسوشييتد برس أنه لا يتوقع تسوية للخلاف بين الخرطوم والأمم المتحدة بشأن عدد القوات خلال الزيارة.

وأشار ريتشاردسون الذي كان سفيرا في الأمم المتحدة في عهد الرئيس السابق بيل كلينتون إلى أنه يسعى لتحقيق ثلاثة أهداف خلال الزيارة وهي زيادة عدد قوات الأمم المتحدة في دارفور، وتحسين الوضع الإنساني وتعزيز وقف إطلاق النار في الإقليم. ومن المتوقع أن يلتقي ريتشاردسون بالرئيس السوداني في الخرطوم اليوم قبل لقائه غدا في دارفور قادة المتمردين. وألمحت المصادر الدبلوماسية المطلعة الى ان الافكار التي يحملها الياسون الى الخرطوم قد تذهب الى طرح لقاء اممي افريقي مع الحركات الرافضة لاتفاق أبوجا تمهيدا للمفاوضات بينها وبين الحكومة، قبل ان ترجح المصادر نفسها بان المفاوضات المرتقبة ستكون فى مقر الاتحاد الافريقي بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا بدلا من الاريترية اسمرا .

من جانبه، قال الصادق المقلي مدير ادارة السلام بوزارة الخارجية السودانية في تصريحات صحافية أن زيارة المبعوث الاممي تأتي في اعقاب المشاورات الدبلوماسية التي اجراها الامين العام للامم المتحدة، بحضور د. سالم احمد سالم مبعوث الاتحاد الافريقي للعملية السلمية وذلك في اطار دعم عملية السلام وتعزيز وقف العدائيات تمهيداً لعقد المفاوضات بين الحكومة ورافضي ابوجا تحت مظلة مشتركة بين الاتحاد الافريقي والأمم المتحدة وفق ما نص عليه اجتماع اديس ابابا وقمة السلم والامن الافريقى بابوجا.

وتشمل لقاءات الياسون المكلف من المنظمة الدولية بالتحرك الدبلوماسي في اتجاه حل ازمة دارفور، الرئيس عمر البشير ونائبه الاول سلفا كير ميارديت، وكبير مساعدي رئيس الجمهورية مني اركو مناوي، ووزير الخارجية الدكتور لام اكول. ويصل المبعوث الخرطوم قادما من اديس ابابا التي اجرى فيها مباحثات واسعة مع مسؤولي الاتحاد الافريقي شملت رئيس مفوضيته الفا عمر كوناري ورئيس مجلس السلم والأمن سعيد جينيت، ومع مسؤولين أفريقيين آخرين تم خلالها بحث الإجراءات الواجب اتخاذها للتوصل إلى حل دائم للأزمة في دارفور.

وقال سفير السودان لدى الامم المتحدة، عبد المحمود عبد الحليم في تصريحات صحافية ان الياسون ابلغه اخيرا انه يهدف من تحركه الحالي لإنعاش العملية السلمية والعمل مع كافة الاطراف من اجل احداث اختراق في مفاوضات دارفور المتعثرة بين الحكومة والحركات المسلحة الرافضة لاتفاقية أبوجا، وأضاف ان المبعوث لخص له مهمته الحالية، في العمل مع القيادة السودانية والأطراف المعنية لإيجاد مخرج للازمة. وواصلت الحكومة السودانية حملتها الهجومية على الامم المتحدة على خلفية التقارير التي تحدثت اخيرا عن قيام جنود من البعثة الخاصة للمنظمة الدولية في السودان بعمليات اغتصاب لفتيات قاصرات في الجنوب، وكررت اتهامها للامم المتحدة بإخفاء الحقائق حول تلك «الجرائم».

واعتبر الصادق المقلي مدير ادارة السلام بوزارة الخارجية السودانية ان المنظمة الدولية مارست الصمت حيال ما قام به جنودها في الجنوب، وهذا كيل بمكيالين وازدواج معايير. وأضاف في تصريحات امس «في الوقت الذي تطلق فيه المنظمة الدولية انتقادات لاذعة وادعاءات بارتكاب اعمال اغتصاب في دارفور، تمارس الصمت حيال ممارسات قوات حفظ السلام التابعة لها في ذات الجرائم».

وفي سياق الحملة، اعلن وزير رئاسة حكومة الجنوب دكتور لوكا بيونق ان حكومة الجنوب استدعت رئيس بعثة الأمم المتحدة في الجنوب للمثول امامها اليوم بشأن ما يتردد عن عمليات اغتصاب للاطفال في الجنوب. وقال بيونق في تصريحات إن الاجراءات التي اتخذتها الامم المتحدة بإبعادها لأربعة متورطين وتحقيقاتها مع آخرين بنية سوء السلوك، هي اجراءات ادارية لا تداوي المشكلة لأنه اذا ما تأكد حدوثها فتلك انتهاكات واضحة في حقوق اساسية للاطفال يجب ان ترفع للجهات القانونية المختصة.

وقال ان الجهات المعنية فى الجنوب تكثف الان تحقيقاتها الميدانية في كل مواقع تواجد قوات اللجان العسكرية المشتركة لمراقبة وقف اطلاق النار في كل من مدن جوبا، وملكال وواو.

من جانبه، دعا الدكتور نافع علي نافع مساعد الرئيس السوداني ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم للشؤون السياسية والتنظيمية، الى أن تتولي الحكومة الاتحادية وحكومة الجنوب التحقيقات حول انتهاكات قوات الامم المتحدة لحقوق الإنسان في الجنوب، ووصف نافع عملية اغتصاب الاطفال في الجنوب التي ارتكبتها قوات الامم المتحدة بأنها تجاوز لحقوق الإنسان وإنها عملية يستنكرها الجميع وتوحد الارادة وتوحد الصف لمجابهة مثل هذه الانتهاكات. وقال ان الشعب السوداني استهجن هذه الظاهرة القبيحة التي تتعارض مع الاعراف والتقاليد. وأهاب بكل المنظمات الوطنية ان تبادر وتقف على حقيقة المعلومات حول هذا الموضوع.

من جهة اخرى نفت حركة جيش تحرير السودان بزعامة كبير مساعدي الرئيس السوداني مني اركو مناوي الموقعة على اتفاق سلام دارفور تسلمها مبلغ 7 مليارات جنيه سوداني من الحكومة السودانية وأكدت انها تسلمت 100 مليون جنيه في اطار الدعم اللوجستي غير العسكري خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة وطالبت مستشار الرئيس السوداني الدكتور مجذوب الخليفة ان يثبت بالنشر اتهامه ان تكون الحركة قد تسلمت تلك المبالغ.

وقال الناطق باسم الحركة الطيب خميس لـ الشرق الاوسط في اتصال هاتفي، ان مستشار الرئيس السوداني مجذوب الخليفة اتهم حركته باستلام مبلغ 7 مليارات جنيه سوداني وأضاف « هذا غير صحيح وعليه ان يثبت ذلك بالنشر ويوضح من الذي استلم المبلغ من قادة الحركة وتاريخ الاستلام وأوجه الصرف». وأضاف «لقد تسلمنا فقط 100 مليون جنيه كدعم لوجستي في شكل تموين غير عسكري في الاشهر الثلاثة الماضية ولدينا ما يثبت ذلك».