اعتقال الذراع المالية للمحاكم الإسلامية وأحد قادتها في وسط الصومال

إلغاء زيارة المسؤولة الأميركية جينداي فريزر إلى مقديشو

TT

ألغت جينداي فريزر مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الافريقية زيارة كانت من المقرر أن تقوم بها الى مقديشو امس، بسبب توتر الاوضاع الأمنية في العاصمة الصومالية، واستعيض عن ذلك بسفر وفد مكون من الحكومة الصومالية وممثلي سكان العاصمة مقديشو الى نيروبي لعقد اللقاء هناك. وفي غضون ذلك اعتقلت القوات الحكومية الشيخ «فارح معلم» مسؤول المحاكم الإسلامية في منطقة «هيران« بوسط البلاد، فيما اعتقلت السلطات الكينية الشيخ «أبو بكر عمر عدان» الذراع المالية للمحاكم الإسلامية ورجل الأعمال الصومالي المعروف لدى عبوره الحدود من جنوب الصومال الى كينيا.

في هذه الأثناء شكلت الحكومة الصومالية لجنة أمنية خاصة لمعالجة الوضع الأمني في العاصمة وتهيئتها لانتقال الحكومة والبرلمان اليها، وفي الوقت الذي شهدت العاصمة امس هدوءا نسبيا أمس، اندلعت مظاهرات عنيفة في مدينة «بلد وين» كبرى مدن وسط الصومال (340 كم شمال مقديشو) احتجاجا على اعتقال القوات الأثيوبية لقائد القوات الحكومية هناك.

ولم تكشف الحكومة الصومالية الانتقالية عن أسباب إلغاء زيارة جينداي فريزر لمقديشو امس، لكن الحكومة أكدت توجه وفد صومالي كبير يقوده رئيس الوزراء الصومالي علي محمد جيدي الى العاصمة الكينية نيروبي للقاء المسؤولة الأميركية، وتوقف جيدي في بيداوة حيث مقر الحكومة الانتقالية للقاء الرئيس الصومالي عبد الله يوسف أحمد الذي عاد لتوه من زيارة قصيرة قام بها الي أديس ابابا. ويضم الوفد الصومالي الذي توجه الى العاصمة الكينية الى جانب رئيس الوزراء عددا كبيرا من ممثلي سكان العاصمة مقديشو من سياسيين سابقين ورجال أعمال وقادة منظمات المجتمع المدني، ومن المقرر أن يتم عقد اجتماع موسع بين هذه القيادات وبين الطاقم الدبلوماسي الأميركي تقوده جينداي فريزر والتي قضت الأيام الماضية في جولة مكوكية بين أديس أبابا ونيروبي وعدن وجيبوتي. وقد ترددت في العاصمة أنباء عن تنظيم مظاهرات من قبل المعارضين لدعم الولايات المتحدة الحكومة الإثيوبية بتدخلها في الصومال عسكريا لصالح الحكومة الصومالية الانتقالية، وربما تم الغاء زيارة فريزر تفاديا للحرج.

وفي العاصمة مقديشو شكلت الحكومة الصومالية لجنة أمنية خاصة لمعالجة الوضع في العاصمة وتهيئة الجو لاستقرارها تمهيدا لنزع السلاح بشكل تدريجي وانتقال الحكومة والبرلمان اليها، بدلا من بيداوة التي تتخذ منها الحكومة الصومالية مقرا لها خلال الأشهر الماضية. وتتكون هذه اللجنة الأمنية من 10 أشخاص يرأسها نائب وزير الدفاع الصومالي «صلاد علي جيلي» ويضم نوابا في البرلمان وعسكريين ورجال دين.

وتأتي هذه الخطوة بعد يوم من المظاهرات العنيفة التي عمت العاصمة مقديشو يوم أمس، والتي قتل فيها شخصان وأصيب فيها 7 آخرون بجراح. وعلى الرغم من دخول القوات الحكومية العاصمة مقديشو مدعومة بالقوات الأثيوبية وفرار ميليشيات المحاكم الإسلامية منها منذ اكثر من أسبوع، الا أن الحكومة لم تتخذ حتى الآن خطوات عملية لملء الفراغ الذي تركته المحاكم الإسلامية.

من جهة اخرى ألقت القوات التابعة للحكومة الصومالية القبض على أحد قادة المحاكم الإسلامية بعد ان قرر الاستفادة من العفو الذي منحته الحكومة لقادة المحاكم الإسلامية اذا تخلوا عن سلاحهم ونقل الشيخ «فارح معلم» مسؤول المحاكم الإسلامية في منطقة «هيران» بوسط الصومال الى مدينة «بلد وين» وعفي عنه في حفل حضره زعماء القبائل والمسؤولون الحكوميون في المنطقة وأخلي سبيله، لكن فرضت عليه الإقامة الجبرية لمدة ثلاثة أشهر.

لكن هذه الخطوة أثارت مشكلة بين سلطات الحكومة الصومالية والقوات الإثيوبية في المنطقة التي طالبت بتسليم مسؤول المحاكم، الذي ألقي القبض عليه الى القوات الأثيوبية، لكن قائد القوات الحكومية في المنطقة العقيد مختار أفرح، رفض ذلك بشدة وقال ان إجراءات إخلاء سبيل قائد المحاكم الإسلامية في المنطقة تمت بناء على عفو عام صدر من الرئيس الصومالي عبد الله يوسف أحمد، لكن قائد القوات الأثيوبية في المنطقة رفض ذلك وأمر باعتقال العقيد مختار أفرح قائد القوات الحكومية في المنطقة ونقله الى العاصمة مقديشو، وهو ما تم بالفعل حيث نقل الى مقديشو تحت حراسة مشددة من القوات الأثيوبية.

وأثار اعتقال العقيد أفرح غضب السكان المحليين في مدينة بلد وين الذين خرجوا الى الشوارع للاحتجاج على اعتقاله وحدثت مواجهات بين المتظاهرين والقوات الحكومية في بلد وين التي نشرت علي نطاق واسع في شوارع المدينة، مما أدى الى فتح الجنود الحكوميين النار على المتظاهرين وأدى ذلك الى مقتل شاب واحد في السادسة والعشرين من عمره. على صعيد آخر تفيد الأنباء الواردة من المنطقة الحدودية بين كينيا والصومال، بأن السلطات الأمنية الكينية ألقت القبض على الشيخ أبوبكر عمر عدان الذراع المالية للمحاكم الإسلامية ورجل الأعمال الصومالي المعروف، وقد اعتقل الشيخ عدان لدى عبوره الحدود من جنوب الصومال الى كينيا ولم تكشف السلطات الكينية فيما اذا دخل القيادي في المحاكم كينيا طالبا اللجوء أو كان هاربا من القوات الأثيوبية والحكومية التي تراقب المنطقة الحدودية بحثا عن قادة المحاكم الإسلامية الفارين، كما أن مصيره لا يزال غامضا فيما اذا ستسلمه كينيا للحكومة الصومالية او يتم نقله الى بلد ثالث.

الى ذلك علمت «الشرق الأوسط» أن وساطة سرية قامت بها الحكومة السودانية لإقناع قادة المحاكم الإسلامية المطاردين على مقربة من الحدود الصومالية الكينية من قبل القوات الإثيوبية والصومالية للاستسلام، وإعلان وقف نشاطهم المناهض لهذه القوات، قد باءت بالفشل، فيما كشف مصدر صومالي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» النقاب أمس عن أن مسؤولا سودانيا يعتقد أنه ضابط مخابرات قد اعتقل قبل يومين في مطار العاصمة الصومالية مقديشو، ومعه سبعة من مقاتلي المحاكم بينهم ثلاثة منهم من الرعايا السودانيين وثلاثة من باكستان، بالإضافة إلى صومالي واحد.

ولم يعرف بعد مصير الشيخ حسن طاهر اويس رئيس تنظيم المحاكم الإسلامية والشيخ شريف شيخ أحمد رئيس المجلس التنفيذي للمحاكم ورجلها الثاني، فيما تقول مصادر حكومية صومالية إنهما لا يزالا داخل البلاد، ولم يغادرا منطقة الأحراش عبر الحدود الكينية الصومالية التي دخلوها بعد هروبهما من آخر معاقلهما في مدينة كيسمايو الأسبوع الماضي.

من جهة أخرى قال أعضاء فى البرلمان الصومالي أمس لـ«الشرق الأوسط» إن هناك تحركات لإطاحة رئيس البرلمان شريف حسن شيخ آدم، على خلفية مواقفه المتعاطفة مع المحاكم الإسلامية، ولتغيبه عن رئاسة جلسات البرلمان أكثر من الحد القانوني المسوح به.

وعلى الرغم من أن مصادر صومالية رسمية، أكدت صحة هذه المعلومات، إلا أنها أبقت الباب مفتوحا أمام ما وصفته بمحاولة وساطة أخيرة تجرى عبر أطراف عربية من بينها ليبيا واليمن وجيبوتي، لإقناع الرئيس الصومالي عبد الله يوسف ورئيس وزرائه علي محمد جيدي بعدم الإقدام على تغيير رئيس البرلمان والتصالح معه.

وكان آدم قد أعلن بشكل مفاجئ قبل سقوط المحاكم الإسلامية الشهر الماضي تمرده على السلطة الانتقالية ودعها إلى التحاور مع الإسلاميين لاقتسام السلطة كما ندد بتواجد القوات الإثيوبية ودعها إلى الرحيل فورا من الصومال.