استطلاع: أربعة فرنسيين من خمسة لا يريدون شيراك مرشحا رئاسيا

المرشحة الاشتراكية «تصقل» صورتها في الخارج

TT

أربعة فرنسيين من أصل خمسة لا يريدون أن يترشح رئيس الجمهورية جاك شيراك لولاية رئاسية ثالثة. هذه الخلاصة جاء بها استطلاع للرأي أجرته مؤسسة IFOP ونشرت نتائجه أمس. وتفيد هذه النتائج أن 81 بالمئة من الفرنسيين (82 بالمئة بين أنصار اليمين و 79 بالمئة بين أنصار اليسار) لا يرغبون أن يخوض الرئيس الفرنسي غمار المنافسة الانتخابية، لا بل إن أكثرية ساحقة من الفرنسيين لا تريده أن يتدخل بتاتا في الجدل السياسي والحملة الانتخابية.

وتأتي هذه النتيجة قبل أقل من أسبوع على المؤتمر العام لحزب التجمع من أجل حركة شعبية اليميني الحاكم الذي سيكرس وزير الداخلية نيكولا ساركوزي مرشحا رسميا عن الحزب لينافس المرشحة الاشتراكية سيغولين رويال.

وتكمن أهمية الاستطلاع المذكور في أنه يقطع طريق المنافسة الرئاسية على جاك شيراك الذي حرص في الأيام الأخيرة وفي أكثر من مناسبة على التأكيد أنه «سيتدخل» في الجدل الانتخابي «من أجل إنارة الفرنسيين حول التحديات» السياسية والاجتماعية والاقتصادية المترتبة على الانتخابات. غير أن شيراك لم يقل أبدا ما إذا كان سيترشح، كما لم يعلن أنه عازف عن الترشح. وإذا كان الرئيس الفرنسي ،74 عاما، وبعد 12 عاما أمضاها في قصر الإليزيه يعتقد أنه ما زال المحور الذي تدور حوله الحياة السياسية الفرنسية فإنه مخطئ واستطلاعات الرأي المتلاحقة تبين بشكل دامغ هذه الحقيقة. وكان شيراك قد أكد أنه سيعلن موقفا نهائيا في الفصل الأول من العام الجاري. لكن المراقبين لا يروون كيف يستطيع الرئيس الفرنسي الذي استغل مناسبة راس السنة الجديدة وتقديم التهاني الرسمية له ليعود بقوة الى وسط الحلبة السياسية ويؤكد أنه هو الذي يرسم للحكومة «خارطة الطريق» ويعين لها المهمات التي يتعين عليها تحقيقها. وكما شيراك، فإن رئيس الحكومة دو فيلبان يحاول أيضا أن يحيط موقفه بغلالة من الغموض. فقد أعلن أنه لن يشارك في التصويت لصالح المرشح ساركوزي في المؤتمر العام «لأن الرئيس شيراك لم يعلن بعد موقفه».

وأردف دو فيلبان، في حديث صحافي ليل أول من أمس أنه «يكرس وقته لعمل الحكومة» رافضا القول ما إذا كان سيترشح أم لا. غير أن «السرية» التي يختبئ وراءها رئيس الحكومة غير كافية لتعمية المواقف. ذلك أن وضعه السياسي إن داخل حزب الإتحاد من أجل حركة شعبية أو بالنسبة للرأي العام الفرنسي لا يؤهله لمنافسة وزير الداخلية الذي يبدو أنه المرشح الأوحد وغير المنازع للحزب.

وكان شيراك ودو فيلبان قد حاولا لعب ورقة وزيرة الدفاع ميشال أليو ماري لدفعها لمنافسة ساركوزي داخل الحزب. غير أن الأسابيع الثلاثة المنصرمة بينت لها استحالة ان تقف بوجهه إذ أن الأغلبية الساحقة من المحازبين «بايعته» مرشحا طبيعيا ما دفعها الى الانسحاب من المنافسة الداخلية من غير أن تتخلى عن التنافس من خارج الحزب. لكن ثمة احتمال ضئيل جدا أن تعمد أليو ماري الى الترشح لأنها لم تجد لها «مساحة سياسية» تقف عليها وتتميز بها حقيقة عن ساركوزي. ولذا فالكثيرون يرون أنها «تزايد» لتحصل على «ثمن» لانسحابها من المنافسة. وربما يكون ذلك انتخابها رئيسة للبرلمان باعتبار أن المرشحين لرئاسة الحكومة في حال فوز ساركوزي بالرئاسة كثر وبينهم اثنان بارزان: وزير الشؤون الإجتماعية الحالي جان لوي بورلو ووزير التعليم والتربية السابق والمستشار السياسي لساركوزي فرنسوا فيون.

يقول المثل الفرنسي: «لا يجب بيع جلد الدب بل قتله». ولذا يبدو توزيع المناصب، يمينا، أمرا مبكرا إذ يتعين بداية أن يفوز ساركوزي بالانتخابات الرئاسية. والحال أن استطلاع الرأي المذكور سابقا يفيد أن المرشحة الاشتراكية تتقدم عليه في الدورة الثانية في حال جرت الانتخابات اليوم. وبحسب هذا الاستطلاع، فإن سيغولين تتفوق على ساركوزي في الدورتين الأولى والثانية. ففي الأولى تنال رويال 27 بالمائة (مقابل 25 بالمائة لوزير الداخلية) وتنال في الثانية 50.5 بالمائة (مقابل 49.5 لـ ساركوزي). ويتقاسم المرشحون الآخرون الأصوات الباقية فيحل مرشح اليمين المتطرف جان ماري لوبن في الموقع الثالث (12 بالمائة) ونيكولا هولو، الإعلامي والمدافع عن البيئة (غير المرشح حتى الآن) في المرتبة الرابعة مع 11 بالمئة من الأصوات. وفي أي حال، ما زال من المبكر التنبؤ بهوية رئيس الجمهورية الفرنسية القادم. ويراهن أنصار ساركوزي على «انطلاقة» قوية بعد تكريسه مرشحا لليمين وبعد أن تزول علامات الإستفهام حول مواقف شيراك ودو فيلبان وأليو ماري. وفي هذا الوقت، فإن المرشحة الاشتراكية ما زالت تعمل على «صقل» صورتها الخارجية الدولية. وتندرج زيارتها للصين وقبلها الى الشرق الأوسط في هذا الإطار تاركة اليمين لتمزقاته ونزاعاته الداخلية.