مصدر عسكري أميركي: الكثيرون سيفاجأون بسرعة وتيرة العمليات العسكرية في العراق

تأكيد عراقي وأميركي أن المبنى المقتحم في أربيل ليس مقر «قنصلية»

TT

أكد مصدر عسكري اميركي مطلع على العمليات العسكرية في العراق أمس، ان القوات الاميركية تزمع مواجهة المسلحين من الميليشيات والمتمردين في العراق على صعيد أكبر وبوتيرة اسرع. وشرح المصدر، الذي طلب من «الشرق الأوسط»، عدم الكشف عن هويته، ان «الكثيرين سيفاجأون بسرعة عملياتنا المقبلة، وسيكتشفون قريباً ان الاستراتيجية الجديدة في العراق تتضمن عاملا اساسيا يعتمد على العمل السريع لاعادة الاستقرار الى العراق». واكد ان اقتحام القنصلية الايرانية في اربيل يأتي ضمن هذه الاستراتيجية، قائلا ان الادارة الاميركية وجيشها قررا العزم على «مواجهة الجهات التي تقود قتل المدنيين العراقيين والقوات المتعددة الجنسية والقوات العراقية». ويبدو ان احدى النقاط المثيرة في الاستراتيجية الجديدة في العراق، التي لم تذكر في خطاب الرئيس الاميركي بوش، تتضمن مواجهة القوات الاميركية للميليشيات والمسلحين، حتى اذا كان ذلك يعني، عدم اعلام الحكومة العراقية مسبقاً في ما يخص بعض هذه العمليات. وقال مصدر اميركي ان المسؤولين العراقيين لم يبلغوا مسبقاً بهذه العملية «لأننا لا نعلم أي طرف في الحكومة يمكن لنا ان نكشف له المعلومات العسكرية الحساسة». ورداً على سؤال حول عدم اعلام الجهات العراقية مسبقاً بعملية مداهمة القنصلية الايرانية، قال المصدر: «ما زلنا نحاول معرفة مع من يمكننا العمل في الحكومة العراقية، ولذلك الحين لن نعرض عملية عسكرية مهمة لخطر الفشل بالكشف عن معلومات سرية مهمة لجهة غير موثوقة». واضاف: «لا يمكن لنا ان ننتظر (رئيس الوزراء العراقي نوري) المالكي وحكومته للتحرك، فقد انتظرنا ذلك مسبقاً ولم تحقق ما يحتاجه العراقيون». ولكنه اردف قائلا: بالطبع، نريد من الحكومة العراقية والقوات العراقية ان تنضج وتتولى مسؤولية الامن على المدى البعيد، لأن هذا سيكون سر نجاحنا على المدى البعيد، مضيفاً: «حتى ذلك الوقت، هناك ادراك في الادارة الاميركية والجيش بأنه لا يمكن تحمل تكلفة الانتظار الباهظة، التي تؤدي الى مقتل العراقيين وقوات التحالف».

وفي ما يخص عملية الاقتحام الاميركية في اربيل، قال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري لوكالة الصحافة الفرنسية، أمس ان المعتقلين الخمسة يقيمون «بصورة رسمية ومقرهم هو مكتب ارتباط». وأكد الوزير ان المبنى الذي اقتحمته القوات الاميركية كان «مكتب ارتباط»، وقد تم «طلب لتحويله الى قنصلية» قبل فترة. واضاف «اتفقنا مع الايرانيين على افتتاح قنصليات لهم في اربيل والسليمانية مقابل افتتاح قنصليتين عراقيتين في مشهد والاهواز»، مشيرا الى ان «هذه الاجراءات لم تنته بعد لكنها تسير وفق خطوات قانونية».

وتؤكد الجهات الاميركية ان المبنى الذي اقتحم ليس مبنى حكوميا رسميا. وبعد ان شدد الناطق باسم وزارة الدفاع (البنتاغون) على هذه النقطة، قال الناطق باسم الخارجية الاميركية شون مكورماك امس: «المعتقلون لم يحملوا جوازات سفر دبلوماسية بل جوازات سفر عادية، هذه البناية (المقتحمة) لم تكن قنصلية ولم تكن موقعاً دبلوماسياً». ومن جهة اخرى، صرح زيباري بأن الحكومة العراقية «تبذل جهوداً من اجل اطلاق سراحهم، فهم مقيمون بصورة رسمية». وأضاف ان «الحكومة العراقية اجرت اتصالات بالسفارة الاميركية في بغداد والقوات المتعددة الجنسيات بخصوص الموظفين الايرانيين»، موضحاً: سلمناهم جميع المعلومات المتوفرة لدينا حول طبيعة عملهم ومكانهم، وهم يعملون بموافقة الحكومة العراقية.

يذكر ان القوات الاميركية اعتقلت 6 اشخاص في «مكتب الارتباط»، لتعلن عن اطلاق احدهم لاحقاً. وقال المصدر العسكري الاميركي ان الخمسة نقلوا الى «مركز الاعتقال الاميركي الرئيسي في بغداد مباشرة بعد اعتقالهم». وأضاف ان المحققين العسكريين يقومون باستجوابهم وفحص الوثائق واجهزة الكومبيوتر، التي احتجزت من المبنى نفسه. ولم تخرج معلومات ملموسة حتى الآن حول هوية الايرانيين المعتقلين، الا ان زيباري اكد انهم «يعملون منذ عشر سنوات في اربيل». وقال المسؤول العسكري انه «تم الافراج عن الشخص السادس في اربيل بعد التأكد من عدم وجود ادلة تثبت تورطه باعمال العنف في العراق». وقد اعلنت ايران انها تنتظر من العراق ان يتحرك بسرعة لاطلاق سراح موظفيها. وتم استدعاء سفير العراق في طهران محمد مجيد الشيخ الى وزارة الخارجية، حيث قدم له مدير شؤون الخليج جلال فيروزنيان طلبا شديد اللهجة بهذا الخصوص. وقال فيروزنيان: مسؤولية اطلاق سراح الاشخاص المعتقلين تقع بالدرجة الاولى على عاتق السلطات العراقية والمسؤولين الاكراد. واضاف: الولايات المتحدة ستكون مسؤولة مباشرة عن هذه النتائج.

وحول وقائع العملية، قال شهود عيان، ان ست مروحيات حلقت فوق المبنى مدة ربع ساعة قبل انزال الجنود اثر وصول عربتين من طراز «همر» الى المكان. ولدى اقتراب الجنود من المبنى طلبوا، عن طريق مكبرات الصوت، من الموجودين داخله الاستسلام، ومن ثم القوا عددا من القنابل الصوتية قبل ان يقتحموا المقر. واضاف شهود عيان لوكالة الصحافية الفرنسية، انه لم تحدث اشتباكات بين 100 من قوات الامن الكردية، التي كانت تحرس المبنى او تلك التي تحمي مقر مجلس الوزراء، الذي يبعد حوالي 200 متر عن الموقع وانسحبت القوة بعد ساعات وبرفقتها اشخاص كما انزلت العلم الايراني. ومن جهته، قال فؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة اقليم كردستان امس، ان قوات اميركية قامت بعملية انزال شاركت فيها ثماني مروحيات قرب مطار اربيل فجر أمس قبل ان تتوجه مفرزة منها لاعتقال الايرانيين. واضاف لوكالة الصحافة الفرنسية: حدثت العملية فجراً، حيث تكون الحركة منعدمة في الشوارع، الامر الذي مكنهم من تنفيذها بسهولة. ولكنه استدرك قائلا: القوات الاميركية ليست ممنوعة من الحركة في كافة ارجاء العراق بامكانها التحرك وقتما تشاء.

وبالنسبة لما تردد عن اشكال بين المفرزة الاميركية والامن الكردي، اوضح حسين «شعر افراد عناصر جهاز الامن الكردي (آسايش) بان هناك امرا غير عادي يحصل، وشاهدوا عربات اميركية تقل المعتقلين الى مكان المروحيات قرب عينكاوة فحاصروهم، لكن الامر انتهى بصورة سلمية تجنبا لوقوع اشتباكات تؤدي الى تدهور الاوضاع».