السنيورة لـ الشرق الاوسط: «باريس3» قضية مصيرية للبنان

قال إن اتهامه بخرق الدستور «زكزكة سياسية لن أضيع وقتي بالرد عليها»

TT

قال رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة لـ«الشرق الأوسط» في بيروت أمس، ان مؤتمر «باريس3»، هو قضية مصيرية للاقتصاد اللبناني، لأن لبنان لم يعد قادرا وحده على مواجهة مشاكله الاقتصادية والمالية، مبديا اطمئنانه للنتائج المرتقبة من المؤتمر، مؤكدا عزم الحكومة على المضي في الاصلاحات اللازمة لدعم نتائج المؤتمر.

وشدد عشية مغادرته بيروت للقيام بجولة عربية لحشد الدعم للبنان، ان المؤتمر«ليس جرعة دعم سياسية للحكومة، بل دعم اقتصادي ومالي لكل لبنان».

ووصف السنيورة العريضة النيابية التي وقعها نواب المعارضة، وتطالب بمحاكمته بتهمة «خرق الدستور» بأنها «زكزكة سياسية، لن أضيع وقتي في الرد عليها»، مؤكدا دستورية الحكومة وشرعيتها رغم غياب الوزراء الشيعة، ومعترفا في الوقت نفسه بوجود «نقص» فيها يجب معالجته ضمن اطار الدستور، الذي قال انه لم يعط لأي طائفة حق اسقاط الحكومة وحدها.

وقال السنيورة ردا على سؤال عما اذا كان متفائلا أو متشائما ازاء النتائج المتوقعة للمؤتمر: «التفاؤل أو عدمه حالة نفسية لا انظر اليها. ما اراه هو ان هناك امرا يجب ان تتوفر لدينا الارادة بشأنه ونحاول ان نحققه، وبالتالي لا دخل للتفاؤل والتشاؤم في الموضوع. لكن أنا أرى مقدار الحاجة الى هذا المؤتمر من أجل مساعدة لبنان على تخطي مشاكله. وأرى من جهة ثانية، ان هناك تقديرا لوضع لبنان ورغبة في المساعدة عربيا ودوليا. وهذا يجعلني مطمئنا ومثابرا ومصمما على تحقيق هذا الأمر».

> لصالح من هذا الدعم، هل هو «جرعة» دعم دولية للحكومة كما تقول المعارضة؟

ـ الحكومات تأتي وتذهب، ما نقوم به هو لمصلحة لبنان وليس لمصلحة الحكومة. نحن لا نقوم بهذا العمل من اجل «تزيين» وجه الحكومة، وللسعي الى بقاء الحكومة او عدم بقائها.. الجميع يعرف في لبنان اني لست رجلا طامعا او طامحا الى الاستمرار في منصبي. طالما انا في منصب رئيس الحكومة، أقوم بأفضل ما لدي لتحقيقه من أجلها، واذا لم أكن رئيسا للحكومة، فهذه ليست نهاية الكون ابدا. اقول هذا الكلام لأبرهن أني مثابر ومصمم تيمنا بقول الإمام على «أعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، وأعمل لآخرتك كأنك تموت غدا». انا أعمل كأني باق رئيسا للحكومة كل العهد، واذا لم يتحقق هذا.. فلا بأس.

هذا المؤتمر هو لمصلحة لبنان واللبنانيين جميعا، ولمصلحة الاستقرار الاقتصادي والنقدي في لبنان ولمصلحة النمو والاصلاحات الضرورية، ومن اجل تحسين مستويات عيش اللبنانيين. بدون هذا المؤتمر يصبح من الصعب على لبنان بقدراته الذاتية ان يعالج مشاكله. لبنان عليه ان يزاوج ما بين جهده الداخلي في عمليات الاصلاح وتحسين الوضع الاقتصادي والمالي، والتخلص من المشاكل التي تراكمت على مدى الـ30 سنة الماضية، وما بين التفتيش عن وسائل الدعم التي يستحقها لكون لبنان عاش كل هذه الفترة، يعاني من مشاكل تراكمت عليه بسبب حسناته وليس بسبب سيئاته.

> ... حسناته؟

ـ لأن لبنان شكل في هذه المنطقة الرئة التي تتنفس منها كل قضاياها، ولأنه كذلك دفع ثمنا باهظا.

> باريس3، هل هو قضية حياة أو موت للاقتصاد اللبناني؟

ـ أصبح عملية مصيرية.

> هل سنحتاج إلى باريس4؟

ـ أنا ضد تسمية باريس3. انا مع تسمية مؤتمر دعم لبنان، لأننا لا نريد ان نذهب لأشقائنا وأصدقائنا كل مرة ونقول لهم ساعدونا للمرة الأخيرة. يجب أن نذهب وان نعمل على الاستفادة المثلى من هذا الدعم. نحن، وبغض النظر عن المؤتمر، هناك حاجة للبنان ان يعالج مشاكله. وأن يقوم بعمليات اصلاح وأن يقوم بتحديث اقتصاده وأن يقوم باستعمال الموارد المتاحة له بأفضل طريقة ممكنة، وان يعزز الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمالي والنقدي. بعد كل هذا التراكم من المشاكل التي فاقمتها الحرب الأسرائيلية الأخيرة، اصبح هذا الجهد غير كاف للمعالجة. ولبنان بحاجة الى ان يدعم بجهد عربي ودولي.

> الأزمة السياسية مستمرة، فهل هناك افق لحلحلة ما ان لم يكن حلا؟

ـ يجب ان ندرك جميعا ان الوضع لا يستقيم بهذا الاسلوب. ولا تحل المشاكل في لبنان عبر الشارع والتظاهرات. الاعتصامات هي للتعبير، ويجب ان تتوقف بعد ذلك. الامور لا تحل بهذه الطريقة ولا يجوز ابقاء البلد تحت هاجس او سيف مسلط على رأس الناس.

> الى أي مدى يتحمل لبنان هذا الوضع؟

ـ يجب ان ندرك ان هذا لم يعد يقدم شيئا، لا للذين يقومون به ولا للذين يتم التظاهر ضدهم. يجب ان ندرك جميعا انه في هذه العملية يجب ألا يكون هناك من خاسر أو رابح. اما الكل يربح او الكل يخسر.

> الأمور بدأت تمس فعليا المؤسسات الدستورية، هناك فريق يشكك بشرعية رئيس الجمهورية وآخر بشرعية الحكومة ومجلس النواب معطل.. وفريق يحاول أن يجمع المجلس بدون رئيسه، الا تشعر بخطر يداهم هذه المؤسسات؟

ـ يجب ألا نتوتر ولا ان نستسهل الامور. الحكومة دستورية وشرعية، لكن وضعها غير طبيعي اذ ينقصها فريق لبناني، وهذا يجب ان يعالج بالطريقة التي تحفظ لنا احترام الدستور الذي ينظم العلاقة بين اللبنانيين. نحن في نظام ديمقراطي برلماني، يجب ان ندرك هذا الواقع، لأنه يأخذنا الى نتائج دقيقة جدا. القصة ليست قصة حجم بل قصة تمثيل، فإذا اعتمدنا هذا المنطقة يكفينا ان يستقيل وزير واحد يمثل الاقليات في لبنان ليطيح الحكومة. لو اراد الدستور ان يعطي لطائفة معينة القدرة على ان يكون غيابها سببا لاستقالة الحكومة، لقال انه يقتضي ان يستقيل 20 في المائة من الوزراء لتسقط الحكومة، فيصبح لكل طائفة من الطوائف الكبرى حق اقالة الحكومة. هذا الأمر يجب أن يعالج بالحكمة ولا يمكن له الاستمرار. أما مؤسسة رئاسة مجلس النواب، فيجب ان تفعل لأنها المؤسسة الأم. وانا اعتقد ان الرئيس بري وهو برلماني عتيق يدرك انه في النهاية لا يمكن ابقاء مجلس النواب في معزل عما يجري. هل هناك «حشرة» اكثر مما نحن فيه؟ اذا لم نتح لمجلس النواب وهو المؤسسة الدستورية الاساس ان تشارك في صناعة الحل، فمتى يشارك؟ ان القول بأننا نريد أن ننأى بهذه المؤسسة عن الدخول في اشكالات الخلاف الموجود، نكون نعطل المجلس.

أما في موضوع رئاسة الجمهورية، فالكل يعلم كيف تم التمديد، ومن الطبيعي أن يعالج هذا الأمر. وهناك توجهات لمعالجة مبكرة. كل هذه الأمور لا يمكن ان نستسهلها، ولا أن نهول بشأنها في الوقت نفسه. طريق المعالجة معروف، ولا يوجد حتى الآن حلول جدية غير ما تم اقتراحه من قبل الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى. ولهذا يجب أن لا نقفل الطريق لا على المبادرة ولا على أية افكار جديدة تطرح حلولا للأزمة.

> هل من جديد على صعيد المبادرة العربية؟

ـ كلا. هناك تواصل مع الفرقاء المعنيين.

> المعارضة قدمت عريضة نيابية تتهمك بـ«خرق الدستور»، بماذا ترد على هذا الاتهام؟

ـ أولا على أن أسأل إذا كانوا يعترفون بشرعية الحكومة، إذا كانوا يعترفون بشرعيتها ننزل إلى مجلس النواب، وهو من يحدد ما اذا كنت قد خرقت الدستور. واذا لم يعترفوا بها ـ وهم مخطئون ـ فماذا سأفعل؟ هذه عملية «زكزكة» سياسية، ولذلك لن أضيع وقتي بالزكزكات.