مقتل 6 أشخاص وإصابة العشرات في اشتباك أمام مقر إقامة الرئيس الصومالي في مقديشو

جنود أميركيون يتفقدون موقع الغارات.. وعيديد يؤكد استمرارها لتصفية فلول المحاكم وعناصر القاعدة

TT

قتل 6 أشخاص على الأقل وأصيب العشرات بجروح أمس في تبادل إطلاق نار أمام القصر الرئاسي في مقديشو بين أنصار للرئيس عبد الله يوسف احمد وعناصر ميليشيا تابعة لبعض أمراء الحرب السابقين الذين كانوا يجتمعون مع الرئيس حيث حاولت مليشيات أمراء الحرب دخول القصر الرئاسي لكن حرس القصر منعها من ذلك مما أدى الى مواجهات دامية بين الطرفين. فيما تفقدت وحدة صغيرة من الجنود الاميركيين موقعا في جنوب الصومال تعرض الاثنين الماضي لغارة اميركية، وذلك في محاولة لتحديد هوية الضحايا الذين سقطوا خلال العملية.

وجاءت هذه الاشتباكات التي وقعت في بوابة القصر الرئاسي بالعاصمة مقديشو خلال اجتماع الرئيس الصومالي مع 6 من أمراء الحرب الذين طردتهم المحاكم الإسلامية من العاصمة قبل 6 أشهر وهم: موسى سودي وقانيري أفرح وبوتان عيسى وعمر فنيش، وهؤلاء لا يزالون يحتفظون بعضويتهم في البرلمان على الرغم من إقالتهم من مناصبهم الوزارية التي كانوا يشغلونها في الحكومة الصومالية، اضافة الى كل من عبد نوري زياد وعبد قيبديد وهما من أعضاء تحالف مكافحة الإرهاب المنهار الذي كانت تدعمه الولايات المتحدة.

وقد حاولت مليشيات أمراء الحرب الدخول الى القصر الرئاسي لكن حرس القصر رفضوا ذلك وحدث تلاسن بين الطرفين أعقبه تبادل لإطلاق النار بينهما في بوابة القصر وقد تدخلت القوات الإثيوبية الموجودة حول القصر الرئاسي لمنع مليشيات أمراء الحرب من دخول القصر.

وأبلغ مسؤولون في الحكومة الصومالية «الشرق الأوسط» أن الوفد الأميركي الذي يضم عناصر من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ووزارة الدفاع (البنتاغون)، وصل بالفعل إلى المكان الذي استهدفته الطائرات الأميركية، لمعرفة ما إذا كانت هذا الغارات قد حققت أهدافها في قتل ثلاثة على الأقل من عناصر تنظيم «القاعدة» الذين يعتقد أنهم حظوا لفترة طويلة بحماية المحاكم الإسلامية في الصومال قبل انهيارها.

ورفض حسين عيديد نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الصومالي، تأكيد أو نفي التقارير، التي تحدثت عن تواجد عسكري أميركي في الصومال، وقال في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من العاصمة الصومالية مقديشو: لا أستطيع تأكيد أو نفي هذه التقارير، ومن المبكر الإفصاح عن هذه المعلومات. لكن عيديد في المقابل قال إن الغارات التي تشنها الطائرات الاميركية على أهداف محتملة للإرهابيين من عناصر «القاعدة» وفلول المحاكم الإسلامية، ستستمر إلى أجل غير مسمى وإلى حين نجاح هذه الضربات الجوية في تصفية أي وجود لهؤلاء، الذين اتهمهم بتوريط الصومال وجعله ممر «ترانزيت» لتنظيم «القاعدة» في منطقة القرن الأفريقي.

وقال عيديد، إن التقرير الذي قدمه وزير الدفاع الصومالي إلى أعضاء حكومته ليلة أول من أمس، لم يتضمن أي إشارة إلى تواجد قوات أميركية. وكشف عيديد النقاب عن أن هناك جرحى وأسرى عرب وأجانب لدى القوات الصومالية والإثيوبية، وقال إن حكومته مستعدة لتبادل كل المعلومات بشأنهم مع حكومات بلدانهم المعنية عبر القنوات الرسمية والشرعية وفقا لاتفاقية جنيف، موضحاً أنه لا يستطيع في الوقت الحالي حصر عدد هؤلاء وتحديد جنسياتهم بالنظر إلى أن حكومته تتلقى يوميا معلومات متواترة في هذا الإطار، وأضاف: هم يخضعون حاليا للتحقيقات، ومن سنجده بريئا منهم سنطلق سراحه وسنحاكم الآخرين. معتبراً أن الفوضى السياسة والأمنية التي شهدتها البلاد منذ انهيار نظام حكم الرئيس المخلوع سياد برى عام 1991 هيأت لإرهابيين من مختلف أرجاء العالم فرصة للتمتع بملاذ آمن، لكون البلد بلا حكومة أو «فيزا» للدخول.

وأكد عيديد، الذي يحمل الجنسية الأمريكية، أنه جار حاليا البحث المكثف عن عناصر «القاعدة» في إطار بالتعاون بين وكالة المخابرات الأميركية والمخابرات الصومالية، مجددا مطالبته الولايات المتحدة بإرسال قوات خاصة مدربة على مكافحة الإرهاب لتعقب فلول «القاعدة» في قرية رأس كامبوني في المنطقة الحدودية بين الصومال وكينيا التي لاحظ أنها ليست جزءاً من العملية العسكرية والأميركية الإثيوبية والأميركية الراهنة في الصومال.

في المقابل أعرب الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيلة، عن رفضه واستيائه الشديدين من الغارات الأميركية، وقال في تصريحات بثتها وكالة الأنباء الجيبوتية إنه لم يمنح القوات الأمريكية المتمركزة في بلاده الضوء الأخضر لشن أية غارات عسكرية، انطلاقا من الأراضي الجيبوتية ضد أهداف معينة في الصومال. وأكد جيلة أنه لم يكن على علم بهذه الغارات، التي قال إنها أوقعت خسائر كبيرة بين المدنيين الصوماليين، مشيرا إلى أن تواجد القوات الإثيوبية في الصومال، لا يخدم المساعي الرامية إلى استتباب الأمن والاستقرار هناك.

وكانت الحكومة قد وعدت بتنفيذ خطة لنزع السلاح الموجود لدى الأفراد والقبائل وكذلك أمراء الحرب لتحسين الوضع الأمني في العاصمة الا أن هذه الخطة لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن وعلى الرغم من إنهاء المحاكم الإسلامية لقوة أمراء الحرب في العاصمة الا أن عددا منهم لا يزالون يحتفظون بأسلحتهم التي فروا بها الي مناطق قبائلهم او الى ملاجئهم في اثيوبيا وقد عادوا بهذه الأسلحة من جديد بعد هزيمة المحاكم الإسلامية علي يد القوات الإثيوبية.

الى ذلك قال الناطق باسم الحكومة الصومالية عبد الرحمن ديناري ان زعماء الحرب الرئيسيين في مقديشو وافقوا على تسليم اسلحتهم الى الحكومة الانتقالية وضم عناصرهم الى القوى الامنية. وقال ديناري متحدثا في مقديشو ان «زعماء الحرب الرئيسيين الذين كانوا يسيطرون على قسم من العاصمة الصومالية قرروا تسليم اسلحتهم الى الحكومة الفدرالية الانتقالية بعد اربع ساعات من المحادثات مع الرئيس» عبد الله يوسف احمد. وتابع انهم «وافقوا ايضا على اصدار اوامر الى مسلحيهم بالالتحاق بالجيش الوطني، وقد وافقت الحكومة» على ذلك خلال اجتماع عقد في مقر الرئاسة في مقديشو.

وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» امس ان وحدة صغيرة من الجنود الاميركيين تفقدت موقعا في جنوب الصومال تعرض الاثنين الماضي لغارة اميركية، وذلك في محاولة لتحديد هوية الضحايا الذين سقطوا خلال العملية. وتعد هذه الزيارة الاولى من نوعها لجنود اميركيين في الصومال منذ مقتل 18 من زملائهم في مقديشو عام 1994.

واستندت «واشنطن بوست» الى مصادر اميركية مجهولة ولم تحدد ما اذا كان الجنود الاميركيون لا يزالون في الصومال.

ويطارد الاميركيون خصوصا فضل عبد الله محمد (من جزر القمر) والكيني صالح علي صالح نبهان وابو طلحة السوداني الذين تعتقد واشنطن بضلوعهم في تفجير سفارتيها في كينيا وتنزانيا عام 1998.

الى ذلك اعلن السفير الاميركي في كينيا مايكل رانبرغر في مقالة صحافية نشرت امس ان بلاده «تسعى الى الاستقرار في الصومال» حيث شنت واشنطن غارة جوية الاثنين على عناصر يشتبه بانتمائهم الى القاعدة.

ويطارد الاميركيون فضل عبد الله محمد من جزر القمر وصالح علي صالح نبهان من كينيا المتورطين حسب الولايات المتحدة في الاعتداءين على السفارتين اللذين أوقعا 224 قتيلا في 1998، وأبو طلحة السوداني خبير المتفجرات القريب من اسامة بن لادن.

وفي اديس ابابا ناشد وزير الخارجية الاثيوبي سيوم مسفن المجتمع الدولي والدول المانحة دعم الحكومة الصومالية والجهود الرامية لإحلال الأمن والاستقرار من خلال عملية المصالحة الجارية بين مختلف الاطراف في الصومال.

وحث الوزير في لقاء له امس مع سفراء الدول المانحة المعتمدين في البلاد وممثلي الجهات الدولية المانحة على ضرورة تقديم الدعم اللازم لنشر قوات حفظ سلام أفريقية في الصومال.