سعود الفيصل: نقاط مهمة في استراتيجية بوش .. وننتظر التوضيحات

أكد في مؤتمر صحافي مع داليما على العمل لقبول إيران بطريق التفاوض للملف النووي

TT

أكدت السعودية وايطاليا أمس على ضرورة قبول طهران بطريق المفاوضات، كخيار لحل أزمة برنامجها النووي.

وفي مؤتمر صحافي مشترك في الرياض مع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، قال ماسيمو داليما وزير الخارجية الإيطالي، إنهم قلقون من الخطر الممكن أن ينتج عن عزل إيران عن المجتمع الدولي، مشيرا إلى أن هذا الأمر استحوذ على جانب كبير من نقاشاته مع الأمير سعود الفيصل.

وردا على سؤال عن إمكانية استخدام السعودية لبترولها بصفة سلاح لموازنة اسعار النفط العالمية إذا ما استخدمته إيران كسلاح، قال الامير سعود الفيصل إن النفط ليس سلاحا، بل هو ثروة، لافتا إلى أن بلاده تعتمد في تعاطيها مع إنتاجها من النفط على مراعاة مصالح مواطنيها، ومراعاة الدول المنتجة والمستهلكة، مؤكدا في ذات السياق على سياسة بلاده النفطية، والتي تسعى لإحداث التوازن في السوق البترولية.

وأعرب الفيصل عن قلق بلاده الشديد، لبروز الملف النووي في المنطقة، وهو ما اعتبره تهديدا جديدا لأمنها واستقرارها.

وفي هذه الأثناء، أكد الفيصل على تطلع بلاده لحل هذا الموضوع عبر الطرق السلمية، وعدم استثناء إسرائيل من أي جهود وإجراءات في اتجاه خلو منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.

وفي إجابته على سؤال عن مغزى البرنامج النووي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وهل هو لتوجيه رسالة معينة لإيران قال «إن البرنامج النووي الذي أقره مجلس التعاون، فأعتقد ان من أهم الاسباب التي اتفق عليها مجلس التعاون في هذا الاطار ان يقوم بالدخول في هذه الصناعة الهامة والتي تشمل اهميتها ليس فقط الجانب العسكري ولكن الجانب السلمي ايضا... لتنشأ صناعة تحت روابط محكمة لا يمكن الخروج عنها لضمان سلمية اتجاهها ولعلها تكون مثلا لكل من يريد ان يتملك هذه الصناعة وليس له اي نية في تطويرها إلى جانب انشاء الاسلحة النووية... فهذا هو الهدف الذي تسعى إليه دول مجلس التعاون».

وفي نفس الموضوع وجه داليما دعوة لإيران، للعب دور إيجابي في حل المشكلات المفتوحة في المنطقة، وذلك للعلاقات التي تربطها بكثير من الدول المتأزمة في منطقة الشرق الأوسط، في حين اعتبر وزير الخارجية الإيطالي أن مساهمة طهران في إيجاد حل لتلك الأزمات، هي مساهمة «جوهرية».

من جانبه قال وزير الخارجية السعودي، إن منطقة الشرق الأوسط ، تمر بأجواء مفعمة بالتوتر، وخصوصا في ظل الأزمات المشتعلة في كل من: العراق، فلسطين، لبنان، وأفغانستان.

وفي الشأن العراقي أكد الامير سعود الفيصل أن الوضع هناك، بحاجة إلى منهج واستراتيجية جديدة لتحقيق أهداف الحفاظ على وحدة العراق واستقلاله وسيادته، ووقف التدهور الأمني ومواجهة الميليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية والحد من التدخلات الخارجية التي تشكل خطرا على أمنه واستقراره ووحدته الوطنية، معربا عن قلق بلاده من تدهور الأوضاع الأمنية في العراق.

ولفت الفيصل إلى أن بلاده، اطلعت باهتمام على استراتيجية الرئيس الأميركي الجديدة في العراق، رافضا إبداء أي موقف إزاءها، حتى يتم التعرف على الشروحات التفصيلية للاستراتيجية، والمنتظر أن تحملها وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في زيارتها للسعودية هذا الأسبوع.

وقال الامير سعود الفيصل «لفت انتباهي في حديث الرئيس الاميركي بعض النقاط ... كالحديث عن معالجة وضع المليشيات في العراق والتوجه للمصالحة الوطنية والعمل السياسي في العراق . . فهذه نقاط مهمة . . ونحن في انتظار الشروحات التي ستفسر هذه الاستراتيجية التي نأمل ان نستمع إليها عند زيارة وزيرة الخارجية . . فنحن بانتظار هذه التوضيحات حتى نعرف مرامي هذه السياسة . . هناك بديهيات بأن وحدة العراق واستقلال العراق ضروري وايضا اضفاء السلم على العراق ضروري ومن الواضح ان هذه الأمور لم تتحقق حتى الآن فبالتالي من الواضح انه يجب ان يكون هناك تغيير في نهج السياسة المتبعة تجاه العراق . . أما في السياسة الحالية فنحن بانتظار الشروحات التي ستقدمها الحكومة االاميركية».

ومن وجهة نظر روما، فإن الحل في العراق، يكمن بوضع حد لتمرد المليشيات الدينية ونزع سلاحها، وإدماج كامل للطوائف السنية في الحياة المدنية والسياسية في العراق الجديد، وفقا للمصطلح الذي ذكره وزير الخارجية الإيطالي.

وقال داليما، إن المصلحة المشتركة، تدفع بلاده للمساهمة في أن يحل الاستقرار في العراق، وأن يتم تجنب توسع العنف الديني على الأراضي العراقية. مؤكدا على التزام بلاده في دعم وإحلال السلام، وإحداث واقع جديد وديمقراطي في العراق، والذي لن يأتي إلا بتقوية وتعزيز المؤسسات، لتشمل كافة مكونات الشعب العراقي، والمضي في تدريب قوات الشرطة العراقية.

وأكد وزير الخارجية الإيطالي، على التزام بلاده مع الرياض، على مواجهة ما أسماها الأزمات المأساوية الصعبة، التي يمر بها عدد من دول المنطقة العربية، مؤكدا أن هذا الأمر لن يتم إلا بدعم من المجتمع الدولي، في ناحية عزل الإرهاب، ومواجهة القضايا المفتوحة، وتجنيب أن يلقى الإرهاب تأييدا من شعوب تعاني من المهانة والذل والحقد.

وفي الشأن الفلسطيني، اتفقت الرياض وروما على أن مفتاح السلام في منطقة الشرق الأوسط، يكمن في حصول حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وشدد وزير الخارجية الإيطالي في هذا الجانب، على ضرورة المضي قدما في تطبيع العلاقات بين إسرائيل وكافة الدول العربية، وفقا للمبادرة السعودية المقدمة في قمة بيروت 2003، والتي حصلت على إجماع عربي.

واشار داليما الى وجود مؤشرات إيجابية تلوح في الأفق لحل مرتقب في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مشددا على ضرورة أن تتوسع الهدنة بين الطرفين، لتمتد من غزة إلى الضفة الغربية، مؤكدا على الحاجة إلى فك الجمود بغية التسريع في عملية إحلال السلام. وأكد الفيصل هنا، على ضرورة إحياء عملية السلام على أسس السلام العادل والشامل.

وفي ذات الشأن، أعرب الفيصل عن أمل بلاده في استئناف الحوار الوطني الفلسطيني الرامي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، تزيل كل مظاهر التوتر والعنف في الشارع الفلسطيني، وتتمكن من إنهاء الحصار المفروض على الشعب والتخفيف من معاناته الإنسانية، واستعادة حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة على أسس السلام العادل والشامل القائم على مبادئ الشرعية الدولية وقراراتها ومبادرة السلام العربية وخطة خارطة الطريق.

وطلب المسؤول الإيطالي الرفيع من إسرائيل في الشأن ذاته، أن تتصرف بما يسمح في تحسين ظروف الحياة على الفلسطينيين، من خلال تخفيف الحصار، ورد الموارد المالية التي تحتفظ بها، وذلك عبر التطبيق الفعلي لاتفاقيات التنقل بحرية في الأراضي الفلسطينية.

ولبنانيا، أكد وزير الخاجية الإيطالي على دعم بلاده الكامل لحكومة فؤاد السنيورة، وقال، إن إيطاليا مستمرة في تقديم كافة أنواع الدعم لحكومة رئيس الوزراء اللبناني.

وأشاد الامير سعود الفيصل بالدور الإيجابي لإيطاليا على الساحة اللبنانية من خلال استضافتها لمؤتمر روما لوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان، وقيادتها لقوات اليونيفيل لحفظ السلام على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية تطبيقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701.

وأعرب الفيصل عن تطلع بلاده لإزالة التوتر الذي تشهده الساحة اللبنانية، وعودة الأمين العام للجامعة العربية للبنان بتجاوب من الأطراف اللبنانية مع وساطة الجامعة العربية التي تشكل مقترحاتها مخرجا ملائما للأزمة يجنب لبنان وشعبه المخاطر الجسيمة المحدقة به، ويحفظ أمنه واستقراره وسيادته.

وكان الأمير سعود الفيصل قال في بداية المؤتمر الصحافي إن زيارة داليما توجت امس بالتوقيع على اتفاقية الازدواج الضريبي بين السعودية وايطاليا.

وقال إن اتفاقية تفادي الازدواج الضريبي بين المملكة وايطاليا تأتي تعزيزا للروابط التجارية وتشجيعاً للاستثمارات في ظل حجم التبادل الاقتصادي والتجاري بين البلدين ونتطلع إلى استمرار هذا التعاون وتعزيزه والدفع به نحو افاق أرحب في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية كافة. ورحب بتعزيز التعاون الامني بين البلدين، مشيراً إلى ان وزير الخارجية الايطالي سيطلع من الجهات ذات الاختصاص على الجهود والإجراءات الامنية التي تقوم بها المملكة العربية السعودية في هذا المجال. كما رحب بالمشاورات التي تجري بين لجنتي الصداقة في مجلس الشورى والبرلمان الايطالي.

وعن الموضوعات التي تم التباحث حولها قال إن محادثاتنا تناولت تطورات الاوضاع في منطقة الشرق الاوسط المفعمة بالتوتر في العراق وفلسطين ولبنان إضافة إلى الوضع في افغانستان وبروز الملف النووي في المنطقة ليشكل تهديداً جديداً لأمنها واستقرارها.

واضاف إن المملكة العربية السعودية ما زالت تتطلع إلى حل هذا الموضوع عبر الطرق السلمية والتعامل معه بشمولية وعدم استثناء اسرائيل من اية جهود او اجراءات في هذا الشأن.

من جهته أشار داليما إلى أنه سوف يعقد في القريب مؤتمر باريس لاعادة اعمار لبنان الذي ستكون مساهمة المملكة العربيه السعودية فيه اساسية منوها بمساهمة المملكة الدائم والكبير في برنامج اعادة اعمار لبنان معتبرا السعودية داعما رئيسيا في عمليه احلال الاستقرار في لبنان، لافتا النظر إلى دعم الحكومة الإيطالية للحكومة اللبنانية وأملها أن ينتهي الصراع بين القوات المختلفة في لبنان وان تحل في اطار اتفاق وطني لحماية سيادة واستقرار لبنان. وبين أن هناك اتفاقا تاما وملتزما به بين السعودية وايطاليا على أهمية حل المسألة الأساسية ومفتاح السلام في المنطقة الواسعة وهي الصراع التاريخي بين اسرائيل وفلسطين، مفيدا أنه من خلال حل المشكلة الفلسطينية الإسرائيلية يجب أن يكون هناك سعي الى تطبيع العلاقات بين اسرائيل وجميع الدول العربية وفق الخط الذي حددته المبادرة والتي أعلن عنها بشكل ملموس في قمة بيروت، مشيرا إلى أن هناك مؤشرات ايجابية بعد اللقاء الذي جرى بين اولمرت وابو مازن إلى جانب أهمية تمديد وتوسيع الهدنة الجارية الآن من غزة الى الضفة الغربية .

وأكد دعم حكومته للجهود العربية لتشجيع تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية على أساس الظروف التي حددها المجتمع الدولي مطالبا اسرائيل بتبني ظروف تساهم وتسمح بتحسين ظروف الحياة للفلسطينيين ورد الموارد المالية الفلسطينية.