بغداد تتحول إلى مسطح مائي بعد يومين من الأمطار

في ظل غياب تام للخدمات العراقيون يعانون الأمرين

TT

فتحت مدينة بغداد عينيها صباح أمس بعد يومين من الأمطار الغزيرة على مشكلة «جديدة ـ قديمة»، تضاف الى مشكل الأمن؛ وهي غياب الخدمات البلدية ومشاكل الصرف الصحي، خاصة أثناء فصل الشتاء. وتحولت بغداد مع هطول الأمطار بغزارة الى بركة مائية كبيرة قد يستغرق تجفيفها عدة ايام. وتفتقر أمانة بغداد الى الاجهزة والمعدات الكافية لتنفيذ الاعمال المنوطة فيما يتعلق بمجال تصريف المياه، إضافة الى قضية الحركة في العاصمة التي تعاني أصلا من أزمة مرور خانقة؛ فعلى الرغم من الوعود التي قطعها المسؤولون الحكوميون المعنيون بقطاع الخدمات البلدية والتي تعهدوا فيها بإجراء تحسين نوعي وكمي في مستوى الخدمات وكثرة المشاريع الخدمية المخصصة من أجل رفع مستوى الخدمات الأساسية لكافة أحياء المدينة، إلا انه لم يطرأ أي تحسن إيجابي على مستوى تلك الخدمات. بل ان الأمر زاد تعقيدا بسبب «التخطيط السيئ للمشاريع المنفذة والفساد الاداري والمالي الذي صاحب تنفيذها»، حسب مصادر رسمية عراقية.

وأعرب عدد من أبناء المدينة عن معاناتهم التي تزداد يوما بعد آخر في ظل غياب شبه كامل للخدمات الاساسية. ويقول أحمد عبد الله، 36 عاما، «ان وزارات ومؤسسات الحكومة عاجزة تماما عن تقديم الخدمات للمواطنين، بسبب غياب الرقابة على تلك المؤسسات وكوادرها العاملة، اضافة الى الفوضى العارمة التي تشهدها كافة مفاصل الدوائر الحكومية». وأوضح عبد الله أن غالبية أحياء ومناطق مدينة بغداد تتحول الى مسطحات مائية وبرك في أوقات هطول الأمطار وتستمر على هذا الحال لحين تصريف تلك البرك والمستنقعات عن طريق حرارة الشمس، ونادرا ما يلاحظ تدخل بشري او آلي في تصريف تلك المستنقعات.

وأضاف عبد الله، وهو موظف حكومي في قطاع الاتصالات «نسبة كبيرة من الموظفين يتمتعون بإجازات طويلة سواء بعلم دوائرهم او من دون علمها بسبب المحسوبية المتفشية في معظم وزارات الدولة، والبعض الآخر منهم في بطالة مقنعة؛ فهم يتسلمون مرتباتهم من دون القيام بأي عمل مجرد الحضور الى الدائرة والانصراف منها في وقت مبكر من دون أدنى محاسبة من مسؤوليهم ولا من ضمائرهم».

وأشار عبد الله الى ان قطاع الاتصالات الذي يعمل فيه يتأثر تأثيرا كبيرا عند هطول الأمطار بعد ان تتعرض الكابلات الناقلة للخدمة الهاتفية الى عملية اختراق المياه لتلك الكابلات والكابينات الهاتفية، مما يؤدي الى عطل مستمر في خدمات الهاتف الارضي. وكانت بعثة الامم المتحدة العاملة في العراق (يونامي) قد انتقدت في تقريرها الاخير الذي تصدره حول حقوق الانسان، سوء ورداءة نوعية الخدمات المقدمة للمواطن العراقي من قبل الوزارات والمؤسسات الحكومية في البلاد، وأشارت الى المعاناة التي يتحملها العراقيون جراء النقص الحاصل في الخدمات المقدمة اليهم.

ووصف سعد رزاق، 57 عاما، من أهالي منطقة الزعفرانية جنوب بغداد، مدينته بالجزيرة العائمة على المياه الآسنة والبحيرات الزرقاء نسبة الى مياه المجاري الثقيلة التي تطفو عند هطول الامطار وتحول بعض أحيائها الى مستنقعات تنتشر فيها المياه الضحلة وتعيش فيها الجراثيم والبعوض. وقال رزاق وهو موظف في احدى دوائر أمانة العاصمة «منطقتنا حديثة الانشاء، لكن مجاري تصريف المياه الثقيلة فيها مغلقة تماما، ولا تمر في المنطقة سيارات الأمانة التي تعمل على تصريف وسحب مياه الامطار او حتى مياه المجاري التي تطفح باستمرار منذ فترة زمنية طويلة». وكشف رزاق عن تعرض الكثير من الأجهزة والمعدات التابعة لأمانة العاصمة والدوائر الحكومية الاخرى والمخصصة لتقديم خدماتها في هذا المجال، لعمليات النهب والسرقة من قبل جماعات مسلحة وفي بعض الأحيان بالتعاون مع موظفين داخل تلك الدوائر، مؤكدا ان أي عمليات ملاحقة او متابعة حقيقية لهذا الموضوع، لم تتحقق من قبل الجهات المسؤولة، مما نتج عنه نقص في الخدمات التي تقدمها تلك الدوائر. ويقدم المسؤولون على هذا القطاع أسبابا عديدة لهذا التقصير وسوء الخدمات الواضح في عمل دوائرهم، حيث يلقون باللوم على الظروف الأمنية والعمليات المسلحة التي تشهدها بعض المناطق الساخنة.