دول جنوب شرق آسيا ترسم ملامح مستقبلها.. على الطريقة الأوروبية

«آسيان» توقع لأول مرة اتفاقاً لمحاربة الإرهاب.. وتبرم اتفاق صداقة مع فرنسا

TT

تعهدت دول جنوب شرقي آسيا، التي بدأت أمس عقد قمتها السنوية، بتعزيز مكافحة الإرهاب وتعجيل إنشاء سوق مشتركة وتوقيع شرعة موحدة، في اطار مشروع مستقبلي طموح شبيه بمشروع الوحدة الأوروبية.

فقد تبنى قادة الدول العشر الاعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، خلال قمتهم المنعقدة في سيبو بوسط الفلبين، ميثاقا جديدا لمكافحة الإرهاب ينص على تعاونها بهدف «التصدي للإرهاب بكل أشكاله ومظاهره والوقاية منه واجتثاثه». وبموجب هذه الوثيقة، تصبح الدول العشر (ماليزيا واندونيسيا والفلبين وسنغافورة وتايلاند وبروناي ولاوس وفيتنام وكمبوديا وبورما) ملزمة تنسيق جهودها لكشف مصادر الأموال المشكوك فيها وتسهيل عمليات الترحيل الاقليمية. وكانت «آسيان» اكتفت في السابق بالتنديد الشفوي بالارهاب ولم تنشئ عام 2005 سوى موقع الكتروني هدفه تبادل المعلومات الاستخباراتية. واتخذ الموضوع أهمية خاصة اثر سلسلة الاعتداءات بالقنبلة التي قتلت الاربعاء الماضي سبعة اشخاص في جنوب الفلبين المضطرب.

كذلك، حققت «آسيان» تقدما في ملف سياسي حساس، عبر الموافقة على مشروع شرعة مشتركة يهدف الى اضفاء قوة القانون على قرارات الرابطة التي تحيي في أغسطس (آب) المقبل الذكرى الاربعين لتأسيسها، وتتهم غالبا بالافتقار الى الحزم. وهذا المشروع بمثابة دستور مصغر تمثلا بالاتحاد الاوروبي، وسيمنح الكتلة الآسيوية بعدا قانونيا ونوعا من وحدة تتجاوز اختلاف الأنظمة بدءا بسلطنة في بروناي مرورا بنظام شيوعي في فيتنام وانتهاء بعاصمة مالية رأسمالية هي سنغافورة.

وقد تنطوي الشرعة في صيغتها النهائية على طابع ملزم عبر السماح بطرد أي من الأعضاء «في حالات استثنائية»، الامر الذي تطالب عواصم غربية عدة بتطبيقه منذ اعوام على بورما لمعاقبة المجلس العسكري في رانغون على انتهاكاته المتكررة لحقوق الانسان. ومن شأن تبني الشرعة التي ستخضع لمفاوضات شاقة، أن يشكل تخليا عن ثقافة التسويات وعدم التدخل التي هيمنت على الكتلة منذ إنشائها عام 1967، خصوصا ان الرابطة تعمل استنادا الى تفاهم غير رسمي، وهو أمر تذرعت به دائما لعدم معاقبة شريكها البورمي.

من جهة اخرى، وعد القادة الآسيويون بتركيز جهودهم لإنشاء منطقة واسعة للتبادل الحر بحلول عام 2015، اي قبل خمسة اعوام من الموعد المحدد اصلا. وقالت رئيسة الفلبين غلوريا ارويو إن «آسيان التزمت تطوير منطقتها الاقتصادية بهدف اقامة اكبر كيان تجاري في العالم». وتضم دول «آسيان» 567 مليون شخص، ويناهز إجمال ناتجها المحلي التراكمي 876 مليار دولار. كذلك، تعهد قادة «آسيان» بتوفير مزيد من الحماية للعمال الأجانب في دولهم، ووقعوا إعلانا لحماية حقوق الانسان والحريات الاساسية للعمال المهاجرين. ويلزم هذا الاعلان الدول المستقبلة للمهاجرين بتعزيز حماية العمال ودفع أجور ملائمة لهم وتوفير ظروف عمل وحياة كريمة لهم. ويدعو الاعلان لتوفير حرية الوصول إلى النظامين القانوني والقضائي بالنسبة للعمال المهاجرين الذين قد يتعرضون للتمييز وإساءة المعاملة والاستغلال والعنف.

وعلى صعيد العلاقات مع الخارج، أصبحت فرنسا أمس أول دولة اوروبية يربطها بالكتلة الآسيوية اتفاق صداقة وتعاون، بناء على رغبة الرئيس جاك شيراك، الذي اعتبر هذا الاتفاق «جسرا» بين باريس وجنوب شرقي آسيا. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الوزيرة الفرنسية المكلفة الشؤون الاوروبية كاترين كولونا قولها امس، ان «حدث اليوم يشكل بداية تعاون نأمل ان يتسم بعمق اكبر وفي مختلف الحقول». واضافت ان «الاشارة واضحة، فآسيان بالنسبة الينا جزء من هذه الاركان التي لا غنى عنها للتوازن الآسيوي»، ولم تستبعد ان تكون فرنسا حاضرة في القمم المقبلة لجنوب شرقي آسيا، مؤكدة ان «هذا الامر يمكن ان يتم».

ومن المقرر ان تختتم قمة آسيان اليوم الاحد، على أن تليها يوم غد قمة لتكتل شرق آسيا، الذي يضم دول الكتلة الجنوبية الشرقية والشركاء الرئيسيين الستة (الصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند واستراليا ونيوزيلندا).