الحكومة الصومالية تأمر قناة «الجزيرة» و3 إذاعات محلية بوقف أنشطتها في مقديشو فورا

اعتبرت تغطيتها محرضة على العنف.. والصحافيون يعتبرون الإجراء قمعيا

TT

أمرت الحكومة الصومالية الانتقالية أمس قناة «الجزيرة» الفضائية القطرية وثلاث محطات إذاعية محلية بالتوقف فورا عن أي نشاط في العاصمة الصومالية مقديشو، وأمرت ممثلي هذه الأجهزة بالمثول اليوم أمام أجهزة الأمن لتلقي «تعليمات تتعلق بعملها».

وجاء في رسالة من وكالة الأمن القومي وقعها العقيد احمد حسن علي، قائد أجهزة الأمن في مقديشو «يجب على وسائل الإعلام المذكورة أن توقف عملياتها بدءا من 15 يناير (كانون الثاني) لدى تلقي هذه الرسالة».

ويشمل الإجراء إضافة الى قناة «الجزيرة»، إذاعة «شابيلا» وإذاعة «القرن الأفريقي» وإذاعة «صوت القرآن». وقد أوقفت هذه الإذاعات بث برامجها بعد ظهر أمس.

ولم تورد الرسالة أي تفسير لعملية المنع بحق وسائل الإعلام الأربع، لكن المتحدث باسم الحكومة عبد الرحيم ديناري برر القرار بتأكيده ان وسائل الإعلام المعنية بالمنع تقوم «بتغطية تحرض على العنف». وأضاف في تصريح لإذاعة «سيمبا» الصومالية «نحن لا نحجر على حرية التعبير لكننا نسهر على امن الشعب الصومالي. ان تغطية هذه المؤسسات الإعلامية غير مقبولة ولذلك قمنا بوقفها». ولم يورد المزيد من التفاصيل. وكان مسؤولون حكوميون اشتكوا في الماضي من تغطية الأزمة الصومالية من قبل بعض وسائل الإعلام، معتبرين ان التغطية كانت متعاطفة مع الإسلاميين.

وقالت إذاعة «شابيل» إنها لم تتلق أي تفسير بشأن دواعي إغلاقها. وقال محمد أمين، نائب رئيس المحطة، لوكالة الصحافة الفرنسية «لم نكن نتوقع ان تبدأ الحكومة الفدرالية الانتقالية (مهامها) بإلغاء الصحافة الحرة في مقديشو».

وأضاف «نشعر بخيبة امل وأسف شديدين لما جرى. انه تصرف ضد حرية التعبير والصحافة في هذه البلاد. نحن مستقلون وغير منحازون في تغطيتنا للأحداث في البلاد».

من جهته ندد الاتحاد الوطني للصحافيين الصوماليين بهذه الإجراءات وقال الأمين العام للاتحاد، فاروق عثمان «نندد بشدة بهذه الممارسة ضد حرية الصحافة. إن هذه الأفعال لا مبرر لها إطلاقا ونحن نطلب من الحكومة الانتقالية بسحب هذا المرسوم القمعي المخالف للدستور فورا وبلا شروط».

وفي غضون ذلك أطلق مسلحون صوماليون النار أمس على قافلة للقوات الإثيوبية في مقديشو في أحدث هجوم يستهدف القوات التي تدعم الحكومة الصومالية، مما أدى الى مقتل جندي إثيوبي وثلاثة صوماليين. وفي مسعى لضبط الفوضى وإعادة الأمن الى العاصمة قام الرئيس الصومالي عبد الله يوسف أمس بتعيين رئيس بلدية للمدينة وثلاثة مسؤولين جدد لإدارة الشؤون اليومية للعاصمة حيث طردت القوات الصومالية المدعومة من قبل قوات إثيوبية الإسلاميين في هجوم خاطف في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وقال يوسف «نرى ان المدينة في فوضى. انها ليست آمنة».

ووقع الهجوم في ساعة متأخرة من يوم الأحد في حي عرفات شمال مقديشو حيث ساعدت القوات الإثيوبية قبل ساعات قوات الحكومة الصومالية في مصادرة اسلحة ومتفجرات في مسعى لاستعادة النظام عقب هزيمة الإسلاميين.

وقال مصدر حكومي ان ثلاثة صوماليين قتلوا في اطلاق النار وأضاف أن «قافلة اثيوبية هوجمت قرب مستشفى عرفات. وأصيبت شاحنتان اثيوبيتان، وأعقب ذلك قتال عنيف استمر 30 دقيقة وسقط قتلى من الجانبين». وقال ادن محمود جيدي، وهو شاهد عيان «كانت هناك أربع شاحنات، وعندما مرت واحدة منها بدأ المسلحون في إطلاق النار نحو الثلاث الأخرى. وقتل جندي إثيوبي واحد على الأقل. وقتل الإثيوبيون رجلا لم يلتزم بأوامرهم بالتوقف».

ويخشى السكان من انزلاق مقديشو مجددا الى الفوضى التي أمسكت بخناق المدينة منذ عام 1991 وينتظرون ليروا ما اذا كان يمكن للحكومة ضمان الاستقرار النسبي الذي شهدوه خلال حكم الإسلاميين على مدى ستة اشهر.

واتفق زعماء الحرب يوم الجمعة على ادماج قواتهم في جيش وطني جديد للقضاء على الفوضى. وتريد الحكومة الصومالية نشر قوات حفظ سلام افريقية في اسرع وقت ممكن. ووصل مسؤولون من الاتحاد الأفريقي الى الصومال في مطلع الأسبوع لوضع اللمسات الأخيرة على خطط نشر تلك القوة. ووافق مجلس الأمن والسلام التابع للاتحاد الأفريقي الأسبوع الحالي على زيادة عدد القوات عن 8000 ودعا المجتمع الدولي الى تمويل بعثة حفظ السلام. وأعلنت أوغندا استعدادها لإرسال الكتيبة الأولى من القوات لكنها في انتظار صدور الموافقة من برلمانها. وأوفدت كينيا رئيس منظمة الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق افريقيا (ايقاد) مسؤولين كبار الى عدد من الدول الأفريقية للحصول على دعم للقوة. وفي اديس ابابا ذكر بيان لوزارة الخارجية الإثيوبية أن ستة وفود حكومية بدأت زيارات إلى عدة دول أفريقية لتسليم رسائل من رئيس الوزراء الإثيوبي ملس زيناوي إلى قادة تلك الدول بشأن تطورات الأوضاع السياسية الراهنة في الصومال وإجراء مناقشات معهم.

وفي بروكسل اعتبر شيخ شريف حسن رئيس البرلمان الانتقالي الصومالي، خلال لقائه مع المفوض الأوروبي المكلف بشؤون التنمية والمساعدات الإنسانية لوي ميشيل، أن الضربات الأميركية لبلاده لا تأتي ضمن الأولويات التي تتحدث عنها الحكومة حالياً، والتي تنحصر في إطلاق العملية السياسية، وقال «طلبنا من الأميركيين مساعدتنا باعتبارهم قوة ديمقراطية عالمية».

من جهته اعتبر ميشيل، أن الغارات الأميركية الأخيرة على الصومال «غير مقبولة»، لأن «الضربات العسكرية توقع ضحايا وأضرار مدنية»، معرباً عن «قلق» مجموعة الاتصال الدولية بشأن الصومال تجاه التصرف الأمريكي. وشدد على «ضرورة نشر قوات دولية لحفظ السلام والاستقرار في الصومال، بناء على طلب من الحكومة الانتقالية». وأكد ميشيل ضرورة البدء بعملية مصالحة وطنية بين كافة الفرقاء الصوماليين، وبعدها العمل على إقرار الأمن قبل التفكير بإعادة إعمار البلاد.

ووعد ميشيل، الذي أعلن عن معارضته لكل «أشكال التطرف والأصولية»، بتقديم مبلغ 36 مليون يورو إضافية خلال عام 2007 من أجل دعم العملية السياسية والتنموية في الصومال، كاشفاً النقاب عن خطة أوروبية لرصد مبالغ تصل إلى 265 مليون يورو في الفترة الواقعة بين 2008 و2013 للصومال، وقال «نعد بكل هذا شريطة أن يلتزم الصوماليون العمل من أجل المصالحة الوطنية والأمن وإعادة الإعمار، كما أننا على استعداد لزيادة هذه المبالغ بنسبة 25 إلى 30 في المائة في حال أثبت الصوماليون حسن الإدارة».

أما رئيس البرلمان الانتقالي الصومالي، فقد أعلن من جهته التزام الحكومة الانتقالية بالعمل على تحقيق المصالحة.