السفير السعودي في بيروت ينفي وجود «مبادرة مستقلة» وأوساط بري تتحدث عن تحرك «في إطار النصيحة»

مصدر رئاسي: لحود سيتخذ خطوات «في وقت ما» للخروج من الأزمة

TT

نفى السفير السعودي لدى لبنان عبد العزيز خوجة امس ما تناقلته اوساط السياسيين اللبنانيين وبعض الصحف الصادرة في بيروت عن وجود مبادرة سعودية للخروج من الازمة السياسية القائمة التي تزايدت التحذيرات من امكانية انفجارها قريباً اذا لم يتم التوصل الى حلول. وهو ما عبر عنه تلميحاً رئيس الجمهورية اميل لحود بقوله امس انه «سيأتي اليوم الذي يتم فيه تصحيح الخلل الكبير في الحياة السياسية والوطنية» في لبنان. لكن مصدراً في الرئاسة اللبنانية نفى، في اتصال اجرته معه «الشرق الاوسط» ان يكون الرئيس لحود في صدد اعلان الحكومة مستقيلة، مفسراً ما قاله الرئيس لحود بانه يعني ان هذا الوضع لا يمكن ان يستمر الى الابد. وقال: «لا بد في النهاية ان يأخذ (الرئيس) خطوات، لكن متى؟... لا احد يعرف».

وانتقد لحود في احاديث وردت في بيان لمكتبه الاعلامي «تصلب بعض الفرقاء السياسيين ورفضهم التجاوب مع المبادرات المحلية والعربية الهادفة الى انهاء الازمة الضاغطة التي ترزح البلاد تحت ثقلها» ملمحاً الى ارتباط هذا التصلب بـ «مخططات لانهاك لبنان ليصل الى وقت لا يعود في استطاعته مواجهة تنفيذ مخطط التوطين». واعتبر «ان هذا التعنت يمكن ان يؤدي الى مضاعفات تزيد الامور تعقيداً وتدفع بالبلاد الى واقع لا يرغب اي مخلص في ان تصل اليه لأنه سيكون من السهل املاء الشروط على لبنان والتي نعتقد ان ابرزها هو التوطين». وقال: «انطلاقاً من ذلك، فان كل طرف يعرقل الوصول الى حلول سريعة للوضع السياسي المأزوم في البلاد، يكون عملياً يخدم الجهات الاقليمية والدولية العاملة على توطين الفلسطينيين في لبنان والتي واجهناها خلال السنوات الماضية وسنستمر في مواجهتها مهما كانت الظروف لاننا نرى ان التوطين خطر على اللبنانيين والفلسطينيين على حد سواء».

ورأى الرئيس لحود «ان استمرار حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في انتهاك الدستور واتفاق الطائف وميثاق العيش المشترك يؤذي وحدة لبنان وشعبه ومؤسساته ويقطع الطريق امام محاولات التقريب بين اللبنانيين والتوافق على ما هو لمصلحة بلدهم». وقال: «سيأتي اليوم الذي يتم فيه تصحيح هذا الخلل الكبير في الحياة السياسية والوطنية في البلاد، فتستقيم الامور مجددا وتستعيد كل الفئات اللبنانية دورها في المشاركة في القرارات المصيرية وفي عملية النهوض بلبنان». من جهته، قال السفير السعودي لـ«الشرق الأوسط»: «من الطبيعي ان ازور القيادات اللبنانية لان علاقتي جيدة مع الجميع. ومعالي وزير الخارجية (السعودي) سمو الامير سعود الفيصل اكد تأييد المملكة للمبادرة العربية التي طرحها الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى. فهل نأتي بمبادرة للتعطيل عليها؟». وأضاف: «ان اساس تحركي هو ان يجلس القادة في لبنان مع بعضهم البعض. وهذه رغبة المملكة وأمنية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز»، مشيراً الى ان السعودية تؤمن تماماً بأن الحل لا يكون الا بجلوس اللبنانيين معاً». وعلى صعيد ذي صلة، تحدثت مصادر رئيس مجلس النواب نبيه بري امس عن تحرك سعودي «لا يزال في اطار النصيحة للمسؤولين اللبنانيين بضرورة ايجاد حل وتقريب وجهات النظر». وقالت ان هذه الاتصالات «لا تزال في اطار جس النبض» نافية ان تكون للامين العام لجامعة الدول العربية مبادرة خاصة به، انما هو تبنى افكار الرئيس فؤاد السنيورة حول «الوزير الملك».

وأكد مسؤول العلاقات الاعلامية في «حزب الله» حسين رحال ان «المسعى السعودي او الرغبة السعودية جدية بالوصول الى حل» قائلاً ان هذا ما لمسه وفد «حزب الله» خلال زيارته الى المملكة العربية السعودية اخيراً «لكن في النهاية اي رغبة من دول عربية او غير عربية قد توفر مناخات، انما الحل الحقيقي هو في يد الاطراف الداخلية اذا ارادوا ان تكون لديهم ارادة ذاتية على الحل وعدم الاستماع الى وسوسات الاجنبي والأميركي خصوصاً» مشيراً الى ان الاتصالات لم تنقطع مع المملكة العربية السعودية.

وشدد رحال، في حديث تلفزيوني، على ان موقف «حزب الله» دائماً لم يكن موقفاً انفعالياً، وقال: «نحن اعتمدنا منطق الحوار العقلاني مع كل الاطراف. وابتعدنا عن المهاترات والسجالات... وأبقينا خطوط الاتصالات مفتوحة مع كل الاطراف. واعتقد ان الجو مع المملكة العربية السعودية يجب ان ينعكس ايجاباً على الوضع الداخلي في لبنان». وقال: «المطلوب من كل الاطراف تسهيل الامور، وخصوصاً اطراف السلطة... انا اعتقد ان الاتصالات ايجابية، ولكن المطلوب هو تقدم بالبنود العالقة». وعن امكان حصول لقاء بين قياديين في «تيار المستقبل» و«حزب الله» لفت رحال الى انه «ليس المهم حصول الاتصال لمجرد الاتصال. المطلوب شيء منتج. هل يمكن ان يكون هناك حوار مثمر ولقاء مثمر؟ ثم اننا لسنا لوحدنا، نحن نريد الدخول في حوار كجزء من فريق المعارضة». وأكد ان «حزب الله مستعد عندما تقتضي المصلحة الوطنية ان يقلب الصفحة وان يقوم باتفاق وطني عام يشمل الجميع لا يكون محاصصة بين طرف وآخر وانما يكون لمصلحة وطنية».

وأكد وزير التربية خالد قباني امس، ان السعودية «لم تتقدم بمبادرة بمعنى المبادرة، لكنها لم تتوقف منذ بداية هذه الازمة عن بذل كل مساعيها الطيبة من أجل المساعدة لإيجاد حل لهذه الازمة وهي كانت دائما على تواصل مع كل القوى السياسية المعنية بهذا الموضوع لتسهيل الامور ولجمع الفرقاء حول طاولة مستديرة من اجل الحوار لحل هذه المشكلة، لان المملكة العربية السعودية تجد نفسها معنية بلبنان وسلامه وأمنه. لذلك لم تتوقف يوما واحدا عن بذل مساعيها الطيبة لإيجاد الحل الذي يرتاح اليه اللبنانيون». بدوره قال وزير الاعلام غازي العريضي «ان ليس ثمة مبادرة سعودية» مشيراً الى ان «ما يقوم به السفير السعودي في بيروت عبد العزيز خوجة هو ترجمة لموقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الحريص على وحدة لبنان ولتوجهاته بالسعي الى تقريب وجهات النظر بين اللبنانيين». ورأى انه «لا بد من السعي الى حوار بناء وجدي بين الفرقاء حول كل المسائل الاساسية لكي نصل الى صيغة نتفاهم فيها على كيفية الخروج من المأزق الذي نعيشه». وكان بري التقى امس نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان الذي قال بعد اللقاء: « «التصريحات التي تعلن ونقرأها في الصحف والإنذارات التي أعلنها دولة الرئيس بري جعلتنا نعيش القلق والخوف، مع العلم ان الرئيس بري يعتبر القابض على زمام الأمور والذي يتحرك في كل اتجاه لحل المشاكل ولجمع الكلمة. من اجل هذا جئنا اليه لنستنجد به مرة ثانية ونقول له: تحرك والله معك، ولبنان معك والشعب اللبناني معك كله».

ورأت «حركة التجدد الديمقراطي» التي يرأسها النائب السابق نسيب لحود «ان هذه الازمة طالت اكثر مما ينبغي. وان استمرارها اصبح اكثر ضرراً على الاطراف الوازنة داخل المعارضة، وتحديداً على حزب الله، من اي مكسب اضافي يمكنهم تحقيقه عبر اطالتها. ففضلا عن التعطيل المتواصل للاقتصاد والمؤسسات والحياة اليومية للناس، يتساءل المواطنون: أي مصلحة لأي فريق لبناني اساسي بالتمادي في الظهور بمظهر المعرقل لقيام المحكمة الدولية ومن ثم لمؤتمر باريس ـ3 وهاتان القضيتان هما من القضايا التي كان يجب على كل الاطراف منذ البداية ان يتوخوا الحرص في اظهار التزامها وتسهيل تحقيقها».