المتحدث باسم غوانتانامو: سجناء «القاعدة» لا يحتاجون واعظا وهم أعلم بأمور دينهم

الكوماندر روبرت ديورانت: مستشار ثقافي من أصول عربية لإرشاد مسؤولي المعسكر عن المفاهيم الدينية والثقافية للمعتقلين

TT

حاورت «الشرق الأوسط» منذ افتتاح معسكر غونتانامو في بداية عام 2002، وحتى الان ثلاثة من وعاظه، اثنان منهما عبر البريد الالكتروني وثالث وجها لوجه في مقر القوة 160 بغوانتانامو عند زيارة «الشرق الاوسط» الاولى للمعسكر، وهو النقيب سيف الاسلام ابو هنان الواعظ الديني لمعسكر «اكس راي» ذي الشمس الساطعة نهارا والاضواء المبهرة ليلا قبل ان يغلق ابوابه، وينتقل سجناؤه الى معسكر «دلتا» شديد الحراسة في كوبا. ولكن الاوضاع تغيرت اليوم، فمنذ محاكمة الكابتن يوسف يي بتهم التجسس والخيانة واقالته قبل ثلاث سنوات، لا يوجد بالمعسكر امام مسلم يتولى مهمة الوعظ والارشاد الديني لسجناء القاعدة وطالبان. وكانت محكمة عسكرية أميركية قد اسقطت جميع التهم الموجهة ضد إمام بالجيش الأميركي، وجهت إليه في شهر سبتمبر (ايلول) 2003 عدة تهم تتعلق بالتجسس والخيانة خلال فترة عمل قضاها بمعسكر غوانتانامو. لكن المحكمة ادانته بتهم اقل تتعلق بسلوكيات جنسية.

وتلقت «الشرق الاوسط» اول من امس رسالة الكترونية من الكوماندر روبرت ديورانت مدير الشؤون العامة في لجنة المهام المشتركة التي تشرف على جميع معسكرات الاسر والمتحدث باسم غوانتانامو، تحدث فيها عن اسباب عدم الحاجة الى واعظ مسلم في معسكر الاسر الذي يحتجز فيه نحو 400 من سجناء القاعدة وطالبان، ومهمة المستشار الثقافي للمعسكر، وهو مواطن مسلم من اصول عربية، وتفسيره لاجماع المفرج عنهم من سجناء معسكر «دلتا» عن مزاعم تعرضهم للتعذيب، خلال فترة احتجازهم هناك، وعن قادة القاعدة المحتجزين في المعسكرين الخامس والسادس الذي افتتح أخيرا. وجاء الحوار عبر البريد الالكتروني على النحو التالي: > هل يوجد في معسكر «دلتا» الان واعظ مسلم يتولى مهمة الارشاد الروحي لسجناء القاعدة وطالبان ؟ ـ يحصل السجناء من ادارة المعسكر على جميع الضروريات اللازمة لاداء العبادات اليومية من صلوات خمس وقراءة القرآن الكريم والصيام خلال شهر رمضان، والسجناء جميعهم متدينون، وهم اكثر علما من وجهة النظر الاسلامية، وهم يساعدون بعضهم بعضا في فهم الاسلام، او اذا التبس على بعضهم شيء من امور الدين، وفي داخل كل عنبر من عنابر معسكر دلتا، يوجد ائمة ومرشدون روحيون ووعاظ من بين السجناء، وعموما فان السجناء سواء كانوا من القاعدة او طالبان يرفضون الائمة والوعاظ العسكريين الغرباء عليهم. وعموما فان السجناء هم اكثر علما بشؤونهم الدينية. اما الوعاظ المسلمون الذين يعملون في مؤسسات الجيش فان عددهم في العادة يكون محدودا نسبيا، وبالتالي فان مجال عملهم ومسؤولياتهم يصبح اكبر لكي يتمكنوا من خدمة اكبر عدد من العسكريين من جنود وضباط. وقد حددت قوة المهام المشتركة المسؤولة عن المعسكر عددا من الائمة المسلمين العاملين في وحدات عسكرية اخرى للاستعانة بهم عند الحاجة. ويتم توفير الحاجيات الضرورية للسجناء لتسهيل امور العبادات اليومية بالنسبة من صلوات خمس وصيام خلال شهر رمضان. وتم تزويد السجناء بسجاجيد صلاة ومسابح ونسخ من القرآن باللغة التي يبغونها، بالاضافة الى الأذان الذي ينطلق خمس مرات يوميا من مكبرات صوت معلقة على اعمدة داخل المعسكر، مع وقت ملائم للصلاة بدون مقاطعة من الحراس. وهناك ائمة من بين السجناء اختاروهم بانفسهم من داخل العنابر والزنازين يؤمون السجناء خلال الصلوات الخمس او صلوات الجماعة. وجميع وجبات الغذاء التي تقدمها ادارة المعسكر للسجناء مطبوخة بموجب الشريعة الاسلامية، ويتم تعديل مواعيد تقديم الوجبات خلال شهر الصوم بما يتماشى مع موعد السحور والافطار، وهناك وجبات خاصة تقدم للسجناء خلال الاعياد الاسلامية مثل عيد الفطر والاضحى وخلال ايام رمضان، حيث تقدم وجبات خاصة يكون للتمر وحلويات البقلاوة نصيب منها. > ماذا تغير في معسكر غوانتانامو خلال خمس سنوات من تشييده ؟ ـ اهم حدث هو الافراج عن 377 من المعتقلين من سجناء القاعدة وطالبان، ويتبقى اليوم نحو 395 من السجناء ضمن اسوار معسكر دلتا والمعسكرات الرابع والخامس والسادس، ويمكن ملاحظة ان العدد المفرج عنه من السجناء يقترب الى حد كبير من العدد المحتجز الان، وهو ما يؤكد ان ادارة المعسكر لا تريد ان تحتجز سجينا ما اكثر مما هو مفترض.

اما بالنسبة للحياة المعيشية بالنسبة للسجناء فقد تحسنت بصورة مطردة، فمن معسكر «اشعة اكس»، الذي استخدم لمدة اربعة شهور فقط خلال عام 2002، حيث تم نقل السجناء بعدها الى معسكر دلتا، وكان اكثر حداثة من جهة الانشاء والتشييد، اما المعسكران الخامس والسادس فكلاهما مكيف الهواء. وفي مكتبة معسكر غوانتانامو هناك نحو 6 الاف كتاب متاح للاعارة من قبل السجناء، ومن المقرر ان يصل عدد كتب المكتبة خلال العام الجاري الى 20 الف كتاب، واغلبها باللغة العربية وبالبشتو، وهناك برامج لمحو امية السجناء، والطعام متوفر بانواع مختلفة. > هل يوجد في معسكر غوانتانامو مستشار ثقافي يساعد قوة المهام المشتركة على فهم المسائل الثقافية والاسلامية التي تخص السجناء ؟ ـ نعم، لدينا مستشار ثقافي وهو من اصول عربية اسلامية، ومهمته نصح ادارة المعسكر في المسائل التي تتعلق بالسجناء من الجهة الثقافية والاسلامية، وهو في القوت ذاته يلتقي السجناء من حين لآخر ليناقش معهم ما يستجد من امور تهمهم من الجهة الاسلامية او الثقافية، ويمكنه الاتصال بالسجناء في أي وقت. >ما تعليقكم على تصريحات اكثر الذين افرج عنهم من معسكر غوانتانامو والذين زعموا انهم تعرضوا لانتهاكات وتعذيب؟ ـ لم يحدث على الاطلاق وجود شكوى حقيقية من التعذيب او مزاعم الانتهاكات في معسكر غوانتانامو ، بالرغم من انه قد تم التحقق من 12 حادثة اساسية. فحصت 35 الف استجواب، كان اخرها التحقيق في مزاعم تقرير شميت فارلو الذي تحدث عن انتهاكات بمعسكر دلتا، ولكن لم نجد ادلة واضحة تؤيد تلك المزاعم. وتم العثور على حوادث ثانوية، وادين الذين تورطوا فيها من الضباط والجنود ووقع عليهم العقاب المناسب. لم نعذب احدا في كوبا، والحقيقة ان سجناء القاعدة يحفظون فصولا من موسوعة الجهاد الكبرى، التي تعرف باسم وثائق مانشستر، وتطالبهم بالكذب واختلاق القصص عن التعذيب وتبرر لهم ذلك عند الضرورة او اثناء التحقيقات، واستغلال المحامين وممثليهم القانونيين لتمرير تلك القصص الى اجهزة الاعلام، وخلق حالة من التعاطف معهم، كنوع من الضغط لتأمين الافراج عنهم. يذكر ان موسوعة الجهاد الكبرى، التي تعرف عند المحققين الاميركيين باسم «وثائق مانشستر»، وبين الاصوليين باسم «دراسات عسكرية في الجهاد ضد الطواغيت»، مكونة من 18 فصلا، وعثرت عليها شرطة مكافحة الارهاب البريطانية في منزل ابو انس الليبي بمانشستر، المتهم بتفجير السفارتين عام 1998، وتضم الموسوعة تفاصيل للمقاتلين حول استخدام المتفجرات وتصنيع السموم واستخدامها، كما تشمل عددا من النصائح، من بينها الكذب على المحققين وادعاء التعرض للتعذيب خلال التحقيق. ويتعلق الفصل الاخير من الموسوعة بكيفية تعامل سجناء القاعدة مع المحققين عند أسرهم.

> في معظم السجون يظهر بين النزلاء قادة، هل ينطبق هذا الامر على معسكر غوانتانامو حيث يحتجز سجناء القاعدة وطالبان ؟ ـ في المعسكر يوجد بين سجناء القاعدة فقهاء شرعيون، ومسؤولون سياسيون، وحاملو رسائل، ورجال مفتولو العضلات، ومسؤولون عن الامن والاستخبارات، ومقاتلون عادون ، وهناك قادة من طالبان وعناصر تتشابه مع عناصر القاعدة من جهة الاهمية، واخرون جاءوا من المنطقة القبلية الحدودية. > كم عدد المعتقلين في المعسكر السادس الذي افتتح أخيرا، وهل المعسكر مخصص لاحتجاز قادة القاعدة ؟ ـ توجد بالمعسكر 222 زنزانة، وهو معسكر شديد الحراسة، ويوجد به حاليا 178 معتقلا من القاعدة، ولا استطيع ان اكشف عن هوية المعتقلين داخل المعسكر. >طبقا لتقارير اعلامية تبث من حين لآخر، نرى ان عدد المضربين عن الطعام بين السجناء في حالة ازدياد مستمر، ما الاجراءات التي اتخذتموها لمواجهة هذه الحالة؟ ـ يجب ان اعترف ان عدد المضربين عن الطعام من السجناء قد زاد، ولكنها ليست حالة عامة في معسكر غوانتانامو، فضمن 395 معتقلا هناك حاليا 15 حالة اضراب عن الطعام، وعدد المضربين تفاوت خلال الشهور الستة الاخيرة ما بين ثلاث حالات الى 20 حالة. وشهد المعسكر اكبر عدد من المضربين، وكان لفترة قصيرة شهر مايو (ايار) 2006. ويعتبر السجين مضربا عن الطعام، اذا رفض تسع وجبات غذائية متعاقبة، ويقدم للسجناء جميع انواع التغذية الحلال المناسبة لهم، وهناك وجبات خاصة بالحمية، ووجبات اخرى مصممة خصيصا لمرضى السكر او لمن يريد انقاص وزنه، ووجبات اخرى للنباتيين، واخرى قليلة الدهون، او قليلة الصوديوم. وهناك سجينان اضربا عن الطعام منذ اغسطس (اب) الماضي، ويتم تغذيتهما منذ ذلك الحين عبر الانابيب، وهما بحالة جيدة، ويقوم فريق طبي متكامل من قوة المهام المشتركة بالاشراف على حالة المعتقلين المضربين عن الطعام. وبالنسبة لحالة السجينين المضربين عن الطعام منذ اغسطس (اب) الماضي، فوزنهما يسجل نحو 20 رطلا زيادة عن وزنهما قبل الدخول في الاضراب عن الطعام. وبصفة عامة فان معظم السجناء سجلوا زيادة في الوزن، منذ وصولهم الى المعسكر، تقدر في المتوسط بنحو 19 رطلا، وجميعهم يتمتع بالرعاية الصحية الفائقة، وهو ما لم يتوفر لهم عند اعتقالهم في ارض المعركة.