مسؤول عراقي: أبو درع المطلوب أمنيا موجود في إيران

بغداد تنفي أن تكون حملة اعتقالات أنصار جيش المهدي موجهة ضد تيار الصدر

TT

كشف مسؤول عراقي أن قياديا مهما في «جيش المهدي» التابع لرجل الدين مقتدى الصدر، مطلوب للسلطات العراقية والقوات الاميركية، موجود حالياً في ايران وليس في مدينة الصدر كما تعتقد القوات الاميركية. وأكد المسؤول لـ«الشرق الاوسط» أمس، أن القيادي الذي يحمل لقب «ابو درع» والمتهم بقيادة فرق الموت في بغداد موجود حاليا في إيران.

وأضاف المسؤول الشيعي، الذي طلب عدم نشر اسمه لأسباب أمنية، والذي يرتبط بعلاقات طيبة مع شخصيات ايرانية نافذة، قائلا ان «مسؤولين ايرانيين تحدثوا بصورة غير رسمية عن وجود ابو درع في إيران حفاظاً عليه، بعد ان اشتدت هجمات القوات الاميركية على مدينة الصدر من أجل اعتقاله».

يذكر ان ابو درع متهم بالتورط في اعمال قتل مذهبية الطابع، وغالباً ما يصدر الجيش الاميركي بيانات حول حملات دهم واعتقال تشنها قوة عراقية خاصة في مدينة الصدر او قربها.

من جهة أخرى، نفى الناطق باسم الحكومة العراقية الدكتور علي الدباغ، ان يكون التيار الصدري هو المستهدف بعينه من خلال حملة الاعتقالات التي شملت مقاتلين في ميليشيا «جيش المهدي» التي يقودها الزعيم الشيعي المتشدد مقتدى الصدر، في حين أعلن قيادي في جيش المهدي أن حملة اعتقالات واسعة نفذتها أجهزة الشرطة العراقية وبإسناد جوي للجيش الأميركي، طالت عددا غير قليل من أنصار «جيش المهدي» في مناطق ذات أغلبية شيعية، في الوقت الذي ندد فيه حسن الزرقاني المسؤول في التيار الصدري امس باعتقال المسؤول الاعلامي في التيار عبد الهادي الدراجي، معتبراً ان استمرار ذلك «حماقة كبيرة».

وقال الدباغ لـ«الشرق الاوسط» عبر الهاتف من بغداد، امس، ان «الاجراءات التي استهدفت بعض افراد جيش المهدي، لا تستهدف التيار الصدري، وانما هي إجراءات قانونية تلاحق من يشتبه بأنهم أخلّوا بالقانون وسيتعرضون للتحقيق والمساءلة». وأقر القبض على 400 شخص ضمن الحملة التي تلاحق من سماهم بـ«الخارجين عن القانون».

وأكد الدباغ انه «ليست للحكومة أية نية بمجابهة جيش المهدي، كما ان عناصر التيار الصدري يتصرفون بطريقة ضبط الأعصاب». ولكنه شدد على ان «خطة بغداد الأمنية لا تعطي حصانة لأي شخص او موقع بما فيها المساجد والحسينيات من التفتيش، وان أي ميليشيا مسلحة تحمل السلاح في الشارع سيتم مواجهتها عسكريا».

وقال الدباغ: «جيش المهدي ميليشيا معروفة، وهذا واقع، لكن من غير المقبول ان تحمل السلاح وتخرج الى الشارع تحت أية ذريعة كانت والجميع وصلتهم هذه الرسالة وفهموها»، موضحاً: «يجب تدقيق المعلومات قبل مداهمة أي مكان، ويجب التأكد من ان أي معتقل قد خالف القانون قبل القبض عليه وإلا فان المداهمات وحالات إلقاء القبض العشوائي ستسبب إحراجا للحكومة».

وحول اعتقال عبد الهادي الدراجي، الذي تتهمه القوات الاميركية بعلاقته مع «ابو درع»، قال الدباغ: «رئيس الحكومة (نوري المالكي) لم يعلم بموضوع القبض على الدراجي وسيتم اطلاق سراحه»، معقباً: «ذلك لا يمنع من إخضاع الدراجي للمساءلة والتحقيق بسبب شكوك تحوم حوله».

وكان مصدر قيادي في جيش المهدي، فضل عدم ذكر اسمه، قد اكد أن «حملات مداهمة واعتقالات لعناصر من جيش المهدي استمرت خلال اليومين الماضيين». وأكد «عدم حدوث أي ردة فعل من قبل أتباع جيش المهدي، وذلك أن جميع مكاتب التيار الصدري كانت قد تسلمت توجيهات تنص على عدم مقاومة أجهزة الأمن العراقية والقوات الأميركية التي يمكن أن تتصرف بهدف الاستفزاز ومن ثم جرها إلى مواجهات لا تصب في مصلحة الاستقرار الأمني في الكثير من المناطق». من جهته، ندد الزرقاني باعتقال الدراجي، قائلا لوكالة الصحافة الفرنسية: «نعتقد أن مسألة اعتقال الشيخ عبد الهادي الدراجي خطأ كبير، ولن نسكت على ذلك». واعتبر استمرار اعتقال الدراجي «حماقة كبيرة».

وأكد الزرقاني: «التيار الصدري سيلجأ الى القنوات الاعلامية والدبلوماسية والسياسية من أجل إطلاق سراح الدراجي». وقد اعتقلت قوة عراقية خاصة بدعم اميركي فجر الجمعة، قيادياً في جيش المهدي مقربا من «ابو درع»، لكن مصادر امنية عراقية وأخرى في التيار الصدري، اكدت ان الشخص المعني هو الدراجي. وكان بيان أميركي قد أعلن ان المعتقل، الدراجي، هو «مسؤول لجنة العقاب في مجموعة مسلحة متورطة في عمليات خطف منظمة وتعذيب وقتل عراقيين أبرياء»، مشيراً الى اعتقاله في منطقة البلديات (شرق بغداد).

وأكد البيان الأميركي أن «المشتبه به متورط في اغتيال عدد من المسؤولين العراقيين الأمنيين والحكوميين، كما انه قريب من أبو درع وغيره من قادة فرق الموت». وحول اعتقال المزيد من قياديي التيار الصدري بعد اعتقال الدراجي من قبل القوات الاميركية، قال نصار الربيعي، نائب عن التيار الصدري في البرلمان الربيعي: «نستبعد ان تعمل مثل هذه الاعتقالات على جر التيار الصدري الى مناوشات مسلحة او شيء من هذا القبيل، لأن الصدريين لديهم تعليمات من السيد مقتدى الصدر بضبط النفس والتهدئة وعدم الانجرار الى الاستفزازات الاميركية بهذا الخصوص».

وبشكل عام، تباينت ردود الفعل لدى النواب والسياسيين العراقيين حيال الخطة الامنية المزمع تطبيقها قريباً لحماية بغداد، والتي صاحبها اعتقال الناطق الرسمي للتيار الصدري عبد الهادي الدراجي.

واعتبر سليم عبد الله، الناطق باسم «جبهة التوافق»، انه يجب ان تكون هذه الخطة «موضوعية وحيادية وتتماشى مع الشعارات التي اطلقتها الحكومة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة ان الاستراتيجية الاميركية جاءت على خلفية خطة اميركية في البلاد، وإذا ارادت الحكومة العراقية استنساخ جميع ما موجود في الاستراتيجية فانها ستكون في موقف حرج».

وعن إمكانية فشل الخطة الامنية الجديدة، لفت عبد الله الى ان «فشل الخطة الامنية يمكن ان يؤدي الى آثار سلبية وقد تعصف بكيانات سياسية بل وحتى في الحكومة». وأضاف: «إذا ما قسنا المأزق الحرج الذي وقعت فيه الحكومة والفشل الأميركي في البلاد، فاننا نتوصل الى ان نجاحها مهم جداً بالنسبة للحكومة التي باتت أمام تحديات عديدة أهمها الميليشيات التي أحرجتها كثيراً في الآونة الأخيرة».

وقال الربيعي، من التيار الصدري، ان نجاح الخطة الامنية تعتمد على جدية القوات الامنية في تنفيذ الخطة. وأكد لـ«الشرق الأوسط»: «الفشل والنجاح لا يعتمدان على الخطة المدروسة فقط إنما يتوقفان على أداء هذه القوات أثناء عملية التنفيذ، والحكومة العراقية أبلغتنا بعدم درايتها وعدم علمها باعتقال الدراجي ولا تتوقع ان يكون لها يد في ذلك». وفي السياق ذاته، قال فرياد راوندزي، عضو التحالف الكردستاني: «من الصعوبة الحكم على نجاح الخطة او فشلها»، وتابع «لكن بشكل عام يتوجب ان تكون الخطة شاملة وتعيد الأمن الى بغداد للسيطرة على بؤر التوتر والمناطق الساخنة».