لقاء أبو مازن ـ مشعل يدور حول «الالتزام» أو «الاحترام» واستعدادات لاستئناف الحوار بشأن الحكومة غدا

إسرائيل غير راضية عن الاجتماع مهما كانت النتائج

TT

بعد اكثر من أسبوع من التكهنات والنفي والتأكيد، يفترض ان يكون الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) قد عقد الليلة الماضية في دمشق، اجتماعا مع خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس. ويفترض ان يكون النقاش قد دار في هذا الاجتماع حول كلمتي «الاحترام» و«الالتزام»، وهما آخر نقاط الاتفاق بعد التوافق حول الحقائب السيادية. واذا ما أقنع احدهما الآخر برأيه، فان حكومة الوحدة الوطنية سترى النور في القريب العاجل.

لكن مصدرا في حركة فتح توقع في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» ألا يحل الاجتماع الخلافات بشأن تشكيل الحكومة لا سيما الخلاف حول نص كتاب التكليف، وتوقع استمرارها، لأنها تتعلق بالبرنامج السياسي لكل من فتح وحماس وعلى وجه الخصوص الاعتراف بإسرائيل وقرارات الشرعية الدولية. وحسب المصدر، فإن ابو مازن لن يقبل بغير كلمة «الالتزام» بقرارات الشرعية الدولية، بينما ستتمسك حماس بكلمة «احترام»، وهي الكلمة، حسب مصادر في حماس، التي قبل بها ابو مازن في «كتاب المحددات».

يذكر أن الخلاف حول الحقائب السيادية لا سيما الداخلية والمالية والخارجية، فقد وافقت حماس، حسب مصادر فلسطينية على تعيين سلام فياض وزير المالية بعد معارضة شديدة، كما وافقت على تعيين وزير داخلية، شريطة أن يتم ذلك بالتوافق بين الطرفين، وان يكون الوزير عسكريا محسوبا له بالوطنية. وقبلت فتح بهذا الشرط. وبالنسبة لوزارة الخارجية، فيبدو انه ليس هناك ممانعة لدى حماس ان تسند هذه الحقيبة للنائب المستقل زياد ابو عمرو الذي يلعب دورا اساسيا في الوساطة. ويشار هنا الى ان ابو عمرو مقرب من الرئيس ابو مازن، واحتل منصبا وزاريا خلال رئاسة عباس للحكومة عام، 2003 وهو في الوقت نفسه، وصل الى المجلس التشريعي كمستقل تؤيده حركة حماس.

ويأتي هذا اللقاء الذي ظل مسؤولو فتح ينفون إمكانية حدوثه، بينما يؤكده قادة حماس، ثمرة للجهود الدبلوماسية التي بذلتها القيادة السورية، لعقد مثل هذا الاجتماع الذي مجرد حدوثه، سيصب في خدمة الحكومة السورية ودورها الاقليمي. اضافة الى الجهود التي بذلها قادة الفصائل الفلسطينية الذين التقاهم ابو مازن.

وأكد مصدر فلسطيني أن السوريين شعروا بالحرج الشديد عندما لم يتم تنظيم اللقاء بين مشعل وابو مازن الليلة قبل الماضية كما كان متوقعاً. وحسب المصدر فان السوريين استثمروا جهودا كبيرة في محاولة للتقريب بين وجهات نظر الطرفين. ولم يستبعد المصدر ممارسة السوريين ضغوطاً مباشرة على الطرفين لانجاح جهود الوساطة.

وكان ابو مازن قد عقد الليلة الماضية اجتماعا مع نظيره السوري بشار الاسد، كما عقد جلسة مباحثات أمس مع فاروق الشرع، نائب الرئيس، كما أجرى سلسلة من الاجتماعات مع عدد من قادة الفصائل الفلسطينية منهم الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي ونائب الامين العام للجبهة الشعبية القيادة العامة.

وقال الدكتور رمضان عبد الله شلح الامين العام للجهاد الاسلامي بعد اللقاء الذي تم الليلة قبل الماضية «بحثنا سبل جسر الهوة بين الاخوة في حركة فتح والاخوة وحماس، وما زال هناك استعداد لدى الطرفين للوصول الى التوافق الذي سيفضي انشاء لله الى حكومة وحدة وطنية. ما زال هناك بعض القضايا العالقة ولكنها قضايا مهمة وليست هناك جدول زمني يضعه الاخوة في حماس او فتح للوصول الى اتفاق».

وجاء الاعلان عن لقاء ابو مازن ـ مشعل، على لسان صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، الذي قال عقب اجتماع ابو مازن ـ والشرع أمس «سيعقد هذه الليلة بإذن الله اجتماع بين الرئيس ابو مازن ورئيس المكتب السياسي في حركة حماس».

وأعلن هذا التأكيد بعد وقت قصير من تصريحات اكد فيها موسى ابو مرزوق نائب مشعل أن كل جهود الوساطة التي بذلت لتأمين قمة بين مشعل وابو مازن في العاصمة السورية باءت بالفشل. وحمل أبو مرزوق، في تصريح لوكالة «قدس برس»، ابو مازن مسؤولية إفشال عقد اللقاء. وقال ان ذلك يعود الى «تعنته ومحاولته فرض أجندة سياسية تتناقض والثوابت الفلسطينية»، وقال «بكل أسف أستطيع أن أؤكد أنه لن يكون هنالك لقاء بين عباس ومشعل، بسبب عدم التوافق على الموضوع السياسي».

وأضاف «لقد قام وسطاء بجهود كبيرة، لكنَّ تبايناً كبيراً بشأن خطاب التكليف (لحكومة الوحدة) أجهض كل هذه الجهود»، موضحاً أن جوهر الخلاف «بين ما نقوله وما يقوله الأخ أبو مازن يدور حول الوصول بشأن معنى الاعتراف بالكيان الصهيوني، والمساس بما نعتقد أنه ثوابت فلسطينية». واستطرد أبو مرزوق القول: «لا أعتقد أن استمرار التعنت لأكثر من ستة أشهر هو استمرار عفوي، وأغلب الظن أنه مقصود». وأشار إلى أن إحدى أهم غايات هذا التعنت يعود إلى الرغبة في إفشال تجربة حركة «حماس» في الحكم لصالح حركة «فتح».

ونفى أبو مرزوق أن يكون هذا الفشل دلالة على الوصول إلى نفق مسدود في الحوار بين الطرفين، وقال: «إن عدم التمكن من إجراء هذا اللقاء يعني استمرار الحوار في أماكن أخرى للوصول إلى رؤية متفق عليها لحكومة الوحدة الوطنية». ويوافقه الرأي رباح مهنا، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ان فشل عقد لقاء بين ابو مازن ومشعل، لن يؤثر على ما تم إقراره في الداخل، بشأن بدء الحوار غدا. وأوضح مهنا، أنه جرى التوافق على آليات بدء الحوار، وستقوم لجنة المتابعة هذا اليوم، بترسيم هذه الآليات على الأرض. وقال إن الحوار الوطني الشامل على أساس وثيقة الوفاق الوطني لتشكيل حكومة وحدة وطنية مستمر، وعلى وشك الالتئام في غزة، وإن اللقاءات التي تمت خلال الأيام الأخيرة، اتخذت عدة قرارات تمهيدية مثل تشكيل لجنة تحقيق وتفعيل المكتب المشترك، تمهيداً لبدء الحوار.

الى ذلك، أبدت اسرائيل معارضتها لفكرة اللقاء بين ابو مازن ومشعل. ونقلت صحيفة «يديعوت احرونوت» عن مصدر في مكتب رئيس الوزراء، قوله إن أي لقاء وبغض النظر عن نتائجه سيمثل ضربة قوية لصدقية أولمرت أمام الرأي العام الإسرائيلي، لأن هذا الاجتماع سيأتي بعد تحويل مبلغ 100 مليون دولار لأبو مازن، من أموال الضرائب الفلسطينية المحتجزة. وبحسب الصحيفة، فإن أولمرت يعي أن لقاءً كهذا بين عباس ومشعل قد يدفع باتجاه إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير في قطاع غزة «جلعاد شليط» من جهة، لكنه قد يلحق ضرراً بمكانة حكومة إسرائيل غداة تحويل الأموال.