زيارة رئيس البرلمان الفرنسي للجزائر تجدد الأمل في توقيع معاهدة الصداقة المتعثرة

TT

جددت الزيارة التي يقوم بها رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) الفرنسية جان لويس دوبري، الى الجزائر، الأمل في توقيع معاهدة الصداقة المتعثرة. فقد ذكر رئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري عمار سعداني ان مشروع معاهدة الصداقة يمكن أن يرى النور قبل نهاية ولاية الرئيس الفرنسي جاك شيراك في مايو (أيار) المقبل.

واضاف سعداني، حسبما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية، قوله ان توقيع معاهدة صداقة بين البلدين «ممكن إذا بذلت فرنسا جهودا»، من دون تقديم ايضاحات، لكن العبارة تشير على ما يبدو الى ضرورة قيام فرنسا تقديم اعتذار عن جرائم الفترة الاستعمارية (1830-1962)، وهو طلب يلح عليه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة شخصيا، ويعتبره رئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم شرطا لتطبيع كامل للعلاقات بين البلدين. وكان سعداني يتحدث خلال زيارة لمنطقة جانت الأثرية (1500 كلم جنوب العاصمة)، قام بها رفقة رئيس «الجمعية الوطنية» الفرنسية دوبري الذي بدأ أول من امس زيارة للجزائر تدوم ثلاثة ايام. وذكر سعداني لما سئل عن احتمال إحياء المشروع، المتعثر بسبب شوائب الماضي وأثرها على الحوار السياسي بين البلدين: «أعتقد أن الفرصة فريدة»، مشيرا إلى أن الجزائريين «يثقون بالرئيس شيراك وإذا لم توقع هذه المعاهدة قبل نهاية عهد شيراك وقبل الانتخابات التشريعية الجزائرية (مايو (أيار) المقبل)، فإن التوقيع سيؤجل لوقت طويل». وتابع سعداني قائلاً: «إن شيراك وبوتفليقة رجلان عاقلان ويعتبرهما الجزائريون رئيسين تاريخيين».

وأفاد مصدر قريب من الحكومة الجزائرية لـ«الشرق الأوسط» بأن السلطات تعتقد أن الفرنسيين «غير مهيئين نفسيا لمشروع مهم مثل إقامة صداقة مبنية على تقاسم المنافع والندية»، مضيفا أن «مجرد تنقل شخصية قريبة من شيراك (دوبري) إلى الجزائر، لا يعني إطلاقا أن شروط المعاهدة أصبحت متوفرة».

والتقى دوبري صباح أمس بالرئيس بوتفليقة على انفراد، لأكثر من ثلاث ساعات قبل أن تتوسع المحادثات إلى الوفدين البرلمانيين الجزائري والفرنسي. وتحاشى المسؤولان عقب اللقاء الرد على أسئلة الصحافة التي تناولت معاهدة الصداقة. واكتفى دوبري بالقول إنه سلم «رسالة صداقة إلى الشعب الجزائري، وجهها الرئيس شيراك إلى الرئيس بوتفليقة»، مشيرا إلى أن المباحثات تطرقت للتعاون البرلماني بين الجزائر وفرنسا.

وكانت الصحافة الفرنسية قد تنبأت برفع الجمود عن المشروع، قبل بدء الزيارة وتركت تصريحات دوبري حول الموضوع، الانطباع بأن شيراك كلفه التحدث مع بوتفليقة حول إمكانية توقيع المعاهدة قبل أن يرحل من قصر الإليزيه. لكن لا شيء في الجزائر يوحي بأن المسؤولين على استعداد للتعاطي مع القضية بسبب عدم توفر إشارات إيجابية تدفع إلى الاعتقاد أن الحساسية التاريخية بين البلدين زالت. وكان البلدان يترقبان توقيع المعاهدة في نهاية 2005، لكن الجانب الجزائري أبدى تحفظه بسبب قانون أصدره البرلمان الفرنسي مطلع تلك السنة، يتحدث «عن جوانب إيجابية في الاستعمار». ثم دخل المشروع مجدداً نفقا مظلما بعد الضجة التي أثارها اليمين الفرنسي عندما رفض استشفاء الرئيس بوتفليقة في فرنسا نهاية نفس السنة.