بوش يدعو بلاده لإعطاء سياسته في العراق «فرصة جديدة» لمنع «كابوس» الهزيمة

الديمقراطيون يردون بقرار يرفض إرسال المزيد من القوات الأميركية إلى بغداد

TT

ربط الرئيس الاميركي جورج بوش ربطاً وثيقاً بين الحرب في العراق و«الحرب ضد الارهاب»، في محاولة لكسب تأييد أعضاء الكونغرس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون وامتصاص المعارضة المتزايدة لسياسته في العراق بين الاميركيين. وحاول بوش الاقتراب من الديمقراطيين المعارضين له في خطاب «حال الاتحاد» السنوي مساء أول من أمس، قائلا: «الكونغرس تغير لكن مسؤولياتنا لم تتغير»، إلا ان الكونغرس رد بقوة على خطابه بإقرار قانون غير إلزامي يرفض ارسال المزيد من القوات الاميركية الى العراق. وحظيت منطقة الشرق الاوسط بالنصيب الاوفر في خطاب الرئيس الاميركي السنوي، اذ قال بوش: «لا يوجد امر أهم في هذه المرحلة في تاريخنا من نجاح الولايات المتحدة في الشرق الاوسط ونجاحنا في العراق من أجل حماية أميركا من خطر» الإرهاب. وقال الرئيس بوش في خطابه السنوي، إن الولايات المتحدة ما زالت في «حالة حرب». وناشد أعضاء الكونغرس بعبارات قوية وعاطفية لدعم استراتيجيته الجديدة في العراق، قائلا: «بلادنا تخوض استراتيجية جديدة في العراق، وأطلب منكم إعطاءها فرصة للنجاح». وحذر بوش من ان انسحاب القوات الاميركية قبل ضمان أمن العراق سيؤدي الى سيطرة «المتطرفين» على البلاد. ولفت بوش الى خطورة اندلاع حرب أهلية بين «الشيعة المتطرفين المدعومين من ايران» و«السنة المتطرفين المدعومين من تنظيم القاعدة وأنصار النظام السابق»، مما سيؤدي الى «امتداد الفوضى لتشمل المنطقة كلها». واعتبر أن سيناريو حرب كهذه «كابوس بالنسبة للولايات المتحدة، بينما هي الهدف لعدونا». وأضاف: «الفوضى هي الحليف الاقوى للعدو في هذا النزاع». وقال إن واشنطن تعمل بالتعاون مع مصر والأردن والسعودية لدعم حكومة العراق، وإن المجتمع الدولي لن يسمح لإيران بالحصول على السلاح النووي. ووصف الرئيس الاميركي «الحرب على الارهاب» بأنها «صراع أجيال سيتواصل حتى بعد أن نسلم أنتم وأنا مهام مناصبنا للآخرين». وأضاف: «نحن متفقون على أن الطريقة الوحيدة لتحقيق النصر في الحرب على الارهاب تتلخص في نقل المعركة الى عدونا». وقال ان: «الشر الذي استوحى 11 سبتمبر (ايلول) 2001 واغتبط به ما يزال سائداً في العالم»، مضيفاً: «طالما استمر هذا الوضع، ستبقى أميركا في حالة حرب».

وفيما يخص الشأن الداخلي، شدد بوش على ان الادارة الاميركية والكونغرس يمكن ان يعملا سويا رغم خلافاتهما لتحقيق ما يرغب فيه الشعب الاميركي. وتطرق بوش الى قضية الرعاية الصحية والتعليم والطاقة، حيث دعا الى ضرورة إعادة النظر في انتاج الطاقة الكهربائية، وذلك باستعمال طاقة الفحم النظيفة وطاقة الرياح والطاقة النووية أيضاً. واقترح بوش خفض استعمال المشتقات النفطية بنسبة 20 في المائة خلال العشر سنوات المقبلة، وذلك لخفض 75 في المائة مما يستورد من مواد الطاقة من منطقة الشرق الاوسط. وطلب من الكونغرس العمل على مضاعفة الاحتياط الاستراتيجي للطاقة. ورد الديمقراطيون على خطاب بوش باتهامه بـ«التهور» في إقحام أميركا في الحرب في العراق، داعين أمس الى سحب القوات الاميركية من البلد. وصرح السناتور جيمس ويب في رد المعارضة على خطاب الرئيس أمام الكونغرس بالقول: «لقد تحمل هذا البلد بصبر حربا تتم ادارتها بشكل سيئ لمدة نحو اربع سنوات». وأضاف: «قادنا الرئيس الى الحرب بتهور»، مؤكداً أن «غالبية الشعب وغالبية الجيش لم تعد تؤيد الطريقة التي نخوض بها الحرب (...) نحن بحاجة الى توجه جديد».

وبينما كان بوش يلقي خطابه مساء اول من أمس، استعد الديمقراطيون الذين يسيطرون على الكونغرس للمرة الاولى منذ 12 عاماً لمعارضة العملية العسكرية في العراق، التي أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من ثلاثة آلاف جندي أميركي منذ بدئها في مارس (آذار) 2003.

وأعلن السناتور الديمقراطي جوزف بيدن، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي، أمس، أنه سيتم عرض قرار للتصويت على المجلس يهدف الى دفع الرئيس الاميركي الى التراجع عن استراتيجيته الجديدة في العراق، لكن سيتعين قبل ذلك تبني قرار غير ملزم يؤكد معارضة سياسة بوش. وقال بيدن: «سندرس قريباً وسائل أخرى تتيح لنا ان نحد بصورة فعلية ودستورية من (عمل) الرئيس».

ولكن في المرحلة الاولى، نجح بايدن بإقرار قانون غير ملزم يحظى بالحد الاقصى من التأييد السياسي ليقول لبوش «سيدي الرئيس، من فضلك، لا تفعل هذا»، أي لا ترسل 21500 جندي إضافي الى العراق، كما تنص خطة بوش الجديدة للعراق، التي أعلنها في 10 يناير (كانون الثاني) الجاري.

وصوتت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ أمس لصالح مشروع قرار غير ملزم، يعلن أن إرسال هذه القوات «يتعارض مع المصلحة الوطنية» للولايات المتحدة، بتأييد 12 سناتورا ومعارضة 9 آخرين.

واقترح عدد من المرشحين المحتملين عن الحزب الديمقراطي الى الرئاسة، وبينهم الأوفر حظاً بالترشيح هيلاري كلينتون وباراك أوباما، الذهاب أبعد من ذلك عبر تبني نص يأمر بتحديد سقف القوات عما كانت عليه في بداية السنة. وقال أوباما لشبكة «سي ان ان» ان الرئيس لم ينجح في إقناع ناقديه انه يسير في الطريق الصحيح. وقال: «معظم الأميركيين يعتقدون أن التصعيد لن ينهي الحرب في العراق بطريقة مسؤولة، لهذا اقترحت ليس فقط تحديد عديد القوات في العراق، بل كذلك سحب القوات تدريجياً للبدء في إعادة قواتنا الى البلاد». من جهتها، شككت الصحف الاميركية أمس في دعوات الرئيس الاميركي جورج بوش للتعاون بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي. ووصفت صحيفة «واشنطن بوست» بوش بأنه «مجروح سياسياً، ولكنه لم يقدم تنازلات في خطابه»، حيث انه «لم يقدم أي تنازل فيما يتعلق بقراره ارسال قوات إضافية الى العراق رغم الانتقادات الشديدة من الحزبين».

وجاء في افتتاحية الصحيفة أن خطاب «حالة الاتحاد» كان آخر فرصة لبوش بصفته رئيسا، لأن يصوغ السياسة، وانه في مثل هذا الوقت من العام المقبل ستكون الانتخابات الأولية لاختيار الأحزاب مرشحها لخوض سباق الرئاسة لعام 2008 على أشدها.

أما صحيفة «لوس انجليس تايمز»، فتساءلت في تحليل نشرته اليوم «هل يمكن إنقاذ الرئاسة الحالية؟»، مضيفة: «لقد أولى بوش اهتماما أكثر من السابق بالقضايا الداخلية» التي تلقى قبولا أفضل لدى المعارضة الديمقراطية التي تسيطر على الكونغرس. وأضافت «إلا أن خطط بوش قد تكون متواضعة جدا لدرجة لا تكفي لمواجهة التحدي الكبير الذي يواجهه وهو: كيف ينقذ الربع الأخير من رئاسته من التهميش ويصلح إرثه المتهالك».

وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» في افتتاحيتها: إن بوش لم يظهر إطلاقا في السابق «اي اهتمام بالعمل مع الحزبين، وقد وضع أجندته الداخلية قبل سنوات عديدة والتي تقضي بخفض كبير في الضرائب للأثرياء من الاميركيين، وجلبت دينا كبيرا على البلاد». وفي خطابه «لم يصدر عن بوش أي تلميح» بالتغيير، وعرض بدلا من ذلك «قائمة فاترة من الأفكار التي لن تحدث تغييرا كبيرا». وأضافت أن تصريحاته بشأن العراق «لم تضف شيئا لسياساته الفاشلة».

أما صحيفة «يو اس ايه توداي»، الأوسع انتشارا في البلاد، فقد رأت أن لهجة بوش «كانت أقل ثقة، كما أن وعوده كانت محدودة بشكل كبير».