وزير شؤون مجلس الوزراء السوداني لـ«الشرق الأوسط»: أخطر قرار اتخذه المجلس هو رفض دخول القوات الدولية لدارفور

كمال عبد اللطيف: الرئيس البشير يدير المداولات بصبر وقبول للرأي الآخر

TT

يطالع السودانيون على مدى سنوات، انعقاد مجلس الوزراء مرتين في الأسبوع، الاحد والاربعاء، ويعقب ذلك اعلان قرارات ووضع سياسات واتخاذ مواقف أو اجازة قوانين. وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء كمال عبد اللطيف يمسك بملفات عديدة مكلف بها من جانب مجلس الوزراء، وتحدث لـ«الشرق الأوسط» عن أخطر قرار اتخذه مجلس الوزراء عام 2006، وهو رفض دخول القوات الدولية لإقليم دارفور مع اتخاذ اجراءات لمواجهة التداعيات، وتناول القرار الحزين الخاص بإرجاء مشروع حيوي خاص بالتعليم في السودان، ومتابعة المجلس للجوانب الخاصة بتطبيق اتفاقية السلام، وتطبيق مشروع الحكومة الالكترونية وآلية تنفيذ القرارات، وكيفية ادارة الرئيس عمر البشير لمداولات مجلس الوزراء وكيفية مواجهة الحوادث الطارئة، وفيما يلي حواره مع «الشرق الأوسط»:

* كيف يصنع القرار في مجلس الوزراء؟

ـ صناعة القرار على مستوى الوطن تستلزم التريث، وتنأى عن العجلة، فالعاجل قاتل، ويبدأ بالوزارة المعنية بالقرار، حيث ينال نصيبه من الدراسة والبحث ويعدها لمجلس الوزراء، وعندما يدخل مجلس الوزراء يخضع لأربعة مستويات، مستوى اللجان الفنية ويتكون من وكلاء الوزارات والخبراء ذوي الاختصاص، القطاع الوزاري المعني ويتكون من 10 وزراء، وبعدها يطرح على مجلس الوزراء مجتمعا للبت والقرار.

* ولكن ماذا يفعل مجلس الوزراء في حالة القضايا الملحة والأحداث الكبيرة؟

ـ مجلس الوزراء يتعامل ويتفاعل مع الأحداث والتطورات السياسية بشكل فوري، حيث عادة يتم الدعوة لاجتماع عاجل وطارئ، وقد حدث ذلك في أحداث الاثنين أول اغسطس (آب) 2005 في أعقاب سقوط طائرة النائب الأول الدكتور جون قرنق، وقبلها كان الرئيس عمر البشير، قد دعا في الصباح المبكر لاجتماع طارئ للوزراء المعنيين، الداخلية والأمن ووالي الخرطوم واتخذت بعدها القرارات الفورية للسيطرة على الاحداث، واعادة الأمور الى نصابها الطبيعي، وحتى على مستوى الأحداث في دول الجوار او الدول الشقيقة، فإن مجلس الوزراء يتداول حولها بعد تقديم تقرير او تنوير عنها، ومنها احداث لبنان ونزول المعارضة الى الشارع واحتمال وقوع مواجهات بين انصار الحكومة والمعارضة، فإن الرئيس البشير قدم تنويرا لما تلقاه من تقارير وبعدها اتصل برئيس وزراء لبنان سنيورة، ونقل اليه وقوف السودان مع استقرار ووحدة وسلامة لبنان واهله، وان مبعوثه الدكتور مصطفى عثمان، سيكون في بيروت لبذل مساعي التقارب بين الحكومة والمعارضة.

* وهل يقدم الوزراء قضايا أو مذكرات عاجلة غير جدول الأعمال المجهز مسبقا؟

ـ نعم، وبشكل مستمر، وينظر فيها المجلس بنفس الاهتمام للقضايا المطروحة امامه، ولم يحدث للمجلس أن طلب ارجاء البت في مسألة عاجلة.

* ما هو اخطر قرار اتخذه مجلس الوزراء؟

ـ أخطر قرار اتخذه مجلس الوزراء في عام 2006، قرار رفض دخول القوات الأممية لمنطقة دارفور، استنادا لقرار مجلس الأمن رقم 1706، واعتمدت حيثيات الرفض على موضوعية تامة، لأن القرار 1706 يجعل منطقة دارفور تحت السيطرة الاممية، بما فيها القضاء ويجرد الدولة من السيادة، وكان مجلس الوزراء يعرف جيدا تبعات وتداعيات ما ينجم عن الرفض، ولذلك استنفر كافة أجهزة الدولة لمواجهة مطلوبات القرار، واعتبره قرارا تاريخيا وقويا جدا لأنه حفظ للسودان سيادته وكرامته، وأدى التمسك الحاسم به في نهاية الامر الى صيغة مقبولة للسودان بتوفير الدعم المطلوب لقوات الاتحاد الافريقي لضبط الاوضاع في دارفور، وتوفير السلام والطمأنينة لأهله.

* وما هو القرار الحزين؟

ـ حزنت لمشروع خاص يجعل مادة الحاسوب الزامية في مناهج المدارس السودانية، وكان المشروع مهما وحيويا في مسار التعليم السوداني، لكن مجلس الوزراء رأى بضرورة اعداد وتوفير البيئة السليمة وتوفير اجهزة الحاسوب لكافة المدارس قبل جعل مادة الحاسوب الزامية في المنهج، وكنت أتمنى لو ان وزارة التعليم قد اكملت كافة الدراسات واوفت بما هو مطلوب قبل ان تقدم مشروعها الى مجلس الوزراء.

* كيف يدير الرئيس البشير اجتماعات ومناقشات مجلس الوزراء؟

ـ متابعتي له منذ عام 2001 والى عام 2006، تظهر ان الرئيس البشير يمتلك قدرا كبيرا من الصبر والحنكة والخبرة في ادارة الاجتماعات والمناقشات ويتيح الفرصة لكل وزير لإبداء رأيه، موافقة أو معارضة، ولا يتدخل اطلاقا اثناء المناقشة ليحول دون التأثير على آراء الآخرين، لكنه في نهاية الأمر يجمع خيوط الآراء في حزمة واحدة، ويطرح الخلاصة التي تسهل الوصول للقرار المستوعب للتدخلات المختلفة، ويتخذ القرار بما يشبه الاجماع، واحيانا يكون له رأي مغاير او مخالف او تحفظا، لكنه يلتزم بما يتفق عليه المجلس ويحرص على تنفيذه.

* هل هناك آلية لتنفيذ قرارات مجلس الوزراء؟

ـ هنالك ادارة كاملة للمتابعة والتنفيذ، فعندما يصدر القرار يبعث به على الفور الى الجهة المعنية أو الجهات المختصة وتتم المتابعة، لأن الأمانة العامة، ووزارة مجلس الوزراء تقدمان تقريرا شهريا للرئيس ولمجلس الوزراء لما نفذ، وما لم ينفذ من القرارات، ولذلك يصعب ان يتأخر تنفيذ أو تطبيق لقرار اتخذه مجلس الوزراء.

* وماذا عن القرارات ذات الصلة باتفاقية السلام الموقعة بين الحكومة والحركة الشعبية؟

ـ اتفاقية السلام تأخذ حيزا مهما وكبيرا من حكومة الوحدة الوطنية، وهي محكومة بفترة زمنية، ست سنوات، وقد مضى عامان على توقيع الاتفاقية وتبقى أمامها أربع سنوات، ولاتفاقية السلام مستحقات يتعين تنفيذها، ومنها مسألة القوانين حيث تتطلب التعديل للتوافق مع دستور الفترة الانتقالية، وتم تكليف نائب الرئيس لمتابعة تنفيذ اتفاقية السلام، وتمكن مجلس الوزراء من اجازة عدد كبير من القوانين، وأهمها قانون مفوضية حقوق الانسان، وقانون الأحزاب السياسية، وقانون الخدمة المدنية ورفعت للمجلس الوطني (البرلمان) لمناقشتها واجازتها.

* هل اكتمل تنفيذ مشروع الحكومة الالكترونية؟

ـ يستهدف مشروع الحكومة الالكترونية ربط أجهزة الحكومة وحكومات الولايات (الاقاليم) عبر الشبكة الالكترونية، وقد بدأ التنفيذ في مطلع عام 2004 وانجزنا نحو 70% من العمل فيه وجدول أعمال مجلس الوزراء يتم الآن عبر الشبكة الالكترونية، والمعاملات بين الوزارات بالبريد الالكتروني، لم تعد هنالك ثمة أوراق (لا ورق) في معظم المعاملات الرسمية.

* أنت مكلف بعدد من الملفات، ما هو أهم ملف نفذ بالفعل؟

ـ اعتقد أن الأهم هو اقامة دار للوثائق القديمة السودانية، وبمستوى متقدم من التقنيات الحديثة، فقد تمت الاستفادة من النظام العالمي الحديث لحفظ الوثائق وبتقنية عالية، وبدأنا بالفعل في نقل الوثائق من الدار القديمة الى الدار الحديثة، ويبلغ مجموع هذه الوثائق أكثر من ثلاثين مليون وثيقة تحفظ في الأجهزة الحديثة، وتم ربط دار الوثائق الحديثة بشبكة الكترونية مع الجامعات لتسهيل وصول الخدمة الوثائقية لها، وكذلك اقامة ورشة ذات كفاءة عالية لترميم وصيانة الوثائق، ليس لدار الوثائق، وانما لكل الجامعات والمؤسسات والمنظمات والافراد، وستكون هذه الخدمة الوثائقية المتقدمة بالمجان وذلك للتشجيع على ترميم وصيانة الوثائق، سواء على المستوى العام أو المستوى الخاص، في العاصمة أو في الولايات السودانية.