رحيل إسماعيل جيم «مهندس تحسين العلاقات التركية ـ اليونانية»

وزير الخارجية التركي الأسبق توفي متأثراً بالسرطان

TT

توفي وزير الخارجية التركي السابق إسماعيل جيم، أمس، إثر معاناة مع مرض سرطان الرئة، وكان قد عاد في الآونة الأخيرة الى تركيا من الولايات المتحدة حيث كان يخضع للعلاج.

ويعد جيم، 67 سنة، أحد ألمع الوجوه في مسرح السياسة التركية والأوروبية والشرق أوسطية خلال العقدين الأخيرين. وكان له دور مؤثر بصورة خاصة في تطوير العلاقات المتوترة تاريخياً مع اليونان، وعلاقات تركيا مع أوروبا. تلقى جيم، المولود لعائلة وجيهة ميسورة، تعليمه في كلية روبرت (الأميركية) الشهيرة في اسطنبول حيث تخرج عام 1959، ثم في معهد الحقوق بجامعة لوزان في سويسرا حيث حاز الإجازة في الحقوق عام 1963. ولاحقاً، تابع دراساته العليا المعمقة في معهد العلوم السياسية بباريس ومنه حصل على درجة الماجستير عام 1983.

وبعد العودة إلى تركيا من سويسرا عام 1963 عمل جيم في ميدان الصحافة والإعلام، وترقّى في سلم المناصب الإعلامية حتى أصبح رئيساً لتحرير صحيفة «ميلليت». وبين عامي 1971 و1974 تولى مسؤولية رئيس مكتب اسطنبول لاتحاد الصحافيين الأتراك، ثم بين 1974 و1975 عيّن رئيساً لمجلس إدارة شركة الإذاعة والتلفزيون التركية التابعة للدولة. انتقل جيم من رصد السياسة وتحليلها إلى خوض غمارها فعلياً عندما ترشح للانتخابات البرلمانية عام 1987 وفاز بأحد المقاعد النيابية عن مدينة اسطنبول. وتكرّر فوزه عن اسطنبول عام 1991، ثم انتخب نائباً عن مدينة قيصري بوسط الأناضول عام 1995.

وبعيد وفاة الرئيس التركي تورغوت اوزال عام 1993 رشح جيم نفسه لخلافته لكنه مسعاه بالرئاسة خاب. وخلال سنتين قرّر الانسحاب من حزب الشعب الجمهوري لينضم إلى حزب اليسار الديمقراطي. ولم يلبث أن عيّن وزيراً للثقافة. ثم أسندت إليه حقيبة وزارة الخارجية بين 1997 و2002، مما جعله رابع أطول وزراء الخارجية التركية شغلاً للمنصب، وخلال هذه الفترة برز جيم في المحافل الدولية كشخصية سياسية محنكة وفعالة. ولكن علاقات جيم مع زعيم حزبه، رئيس الوزراء بولنت أجاويد، ساءت مما دفعه إلى الاستقالة من حزب اليسار الديمقراطي قبيل انتخابات عام 2002، وبالفعل أسس يوم 20 يوليو (تموز) 2002 حزباً جديداً مع زميليه السابقين حسام الدين أوزكان وكمال درويش وانتخب زعيماً للحزب الجديد الذي سماه حزب تركيا الجديدة. غير أن الحزب الجديد لم يوفق في تلك الانتخابات.

بعدها أصيب جيم بالسرطان وأخذ يتلقى العلاج. وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2004 حلّ الحزب وعاد إلى صفوف حزب الشعب الجمهوري وصار مستشاراً لزعيمه دينيز بايكال. كما عمل محاضراً للشؤون التركية والسياسة الخارجية والعلاقات الدولية داخل تركيا في جامعة بيلجي باسطنبول، وخارجها حيث كان أحد الخبراء والمحاضرين المتعاونين مع حلقة «بينادور أسوشييتس» الأميركية ذات الصلات الوثيقة بالمفكرين اليمينيين ولا سيما من «المحافظين الجدد». ويشار أيضا الى أن جيم كان بين عامي 1989 و1991 ثم بين عامي 1993 و1997 نائباً لرئيس المجموعة الاشتراكية في مجلس أوروبا. ويوم أمس، توفي جيم ـ وهو متزوج وأب لولد وبنت ـ في مدينته اسطنبول بعدما غلبه المرض العضال.