الإطارات تحولت إلى سلاح المضربين المفضل لقطع الطرق الرئيسية بين المناطق اللبنانية

أسعارها شهدت «سوقا سوداء» عشية «الثلاثاء الأسود»

TT

اطارات السيارات في لبنان هي السلاح «السلمي» الأمضى في الاعتصامات والاضرابات والأحداث السياسية التي تركت بصمة في ذاكرة اللبنانيين منذ حرب الـ 1975 مرورا بحرب الـ 1982 واسقاط حكومة عمر كرامي عام 1992 وصولا الى التظاهرة التي نظمها الاتحاد العمالي العام أمام وزارة العمل احتجاجا على غلاء البنزين وتحولت حينها نيران اطارات السيارات الى وسيلة فعالة لقطع الطرق..... وكذلك لم يختلف هذا السلاح الثلاثاء الماضي يوم الاضراب العام الذي دعت اليه المعارضة اللبنانية بهدف اسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، اذ حولت اطارات السيارات المشتعلة التي استخدمها المعارضون المشاركون في التظاهرة الى يوم «احراق عام» على حد قول وزير الاتصالات اللبناني مروان حمادة، حول يوم الاضراب الى «يوم اسود».

الشائعات التي سرت عند اعلان قوى (8 آذار) عن موعد الاضراب العام وتمحورت حول افراغ الأسواق من اطارات السيارات، ونقل ردميات المباني التي سقطت في حرب (يوليو) تموز من منطقة خلدة في جبل لبنان الى بيروت لاستعمالها في اغلاق الطرق، ظهرت صورتها جليا من خلال التحركات التي قام بها المتظاهرون في هذا اليوم الطويل. السؤال الذي أصبح لسان حال اللبنانيين طوال يوم الثلاثاء وهم يشاهدون تحول نهارهم الى ليل في ظل الضباب الأسود الذي غطى سماء لبنان هو «من أين أتى المتظاهرون بهذه الكميات الهائلة من الاطارات وكم استغرق جمعها من الوقت ومن أخذ على عاتقه مهمة جمعها وتوزيعها؟» أسئلة بالتأكيد لن يتمكن سائلها من الحصول على اجابات شافية عليها في ظل رفض معظم تجار الاطارات الرد خصوصا أنه من المفترض أن يكونوا قد علموا بهذه الموجة وسمعوا عن تزايد الطلب على الاطارات. لا تختلف الاجابات كثيرا بين تاجر وآخر، وخصوصا هؤلاء الذين يجهرون بانتمائهم السياسي من خلال صور قادة أحزاب المعارضة المعلقة على جدران محلاتهم. جميعهم أجمعوا أن نسبة البيع لم تختلف قبل يوم الاضراب، وظلوا يقومون بأعمالهم كالمعتاد ويتلفون الاطارات التي لم تعد صالحة للاستخدام في مستوعبات النفايات أو يضعونها جانبا بانتظار حضور عمال «سوكلين» لنقلها، ويقول أحدهم «أخذوا من عندي فقط خمسة اطارات ليلة الاضراب».

مع العلم أنه شوهد عدد كبير من الفتيان كانوا يجولون على دراجاتهم النارية خلال ساعات نهار الاضراب في أحياء المناطق لجمع ما توفر من الاطارات المرمية على جوانب الطرق علها تساهم في القيام بالمهة. وليس غريبا مثلا أن بعض المتظاهرين في منطقة بعلبك في البقاع عمدوا الى تفكيك اطارات سيارات مركونة على جوانب الطرق من دون أن يتعرضوا لها بالكسر أو الأذى، فقط لأنها تحمل صورا للنائب سعد الحريري ورئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة. ولأن السياسة هي اللاعب الأبرز في هذه التحركات، ولأنه من الطبيعي أن يتحفظ مناصرو المعارضة عما يعرفونه من معلومات عن مصدر الاطارات، فالكلام يأتي على لسان الخصوم الذين يجودون بما خبروه عن كثب أو أعلمهم به أصدقاؤهم في المهنة. يرفع أحد تجار الاطارات في بيروت صورة كبيرة لرئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، ويقول لـ«الشرق الأوسط» بعد أن يطلب عدم الافصاح عن اسمه، «ربما صورة الحكيم هي التي منعت المتظاهرين من الاقتراب من محلي أو طلب الحصول على كميات من الاطارات، مع العلم أنني أعطيت تعليماتي للموظفين بعدم اعطاء أي اطار اذا طلب منهم ذلك». ويؤكد كغيره من التجار من مناصري المعارضة عند سؤالهم عن مصدر الكميات الهائلة من الاطارات أن هناك في لبنان مجمعاً واحداً للاطارات المرمية يقع في منطقة الكرنتينا، وبالتالي ليس هناك من صعوبة للحصول عليها، بل عليهم فقط نقلها وتوزيعها بشكل منظم». ويضيف «قيادة الجيش اللبناني طلبت قبل عشرة أيام من الاضراب عدم اخراج الاطارات وتركها في الداخل الى حين قدوم عمال التنظيفات لنقلها الى المكان المخصص لها».

ويقول هذا التاجر «علمت من أصدقائي التجار أن الطلب على الدواليب تحول ليلة الاضراب الى سوق سوداء بكل ما للمعنى للكلمة، اذ بدل اتلاف الاطارات ورميها في مستوعبات النفايات بيع الاطار الواحد بثلاثة دولارات، اضافة الى زيادة الطلب على الاطارات المستعملة التي تباع في الأيام العادية بحوالي سبعة دولارات ووصل سعرها يومها الى عشرة دولارات».

وعن صحة قول البعض عن استقدام المعارضة للاطارات «الفخمة» أي المقاومة للاطفاء، يقول: «الاختلاف هو بين اطارات السيارات العادية واطارات الحافلات الكبيرة، اذ أن الأخيرة مصنوعة من مادة الزفت يستمر احتراقها وقتا أطول ولا تخمد نارها بسهولة».