الخرطوم: لجنة دولية تتقصى بـ«تكتم شديد» أوضاع المحاكمات بشأن جرائم دارفور

إيقاف طرابلس تحويل 50 مليون دولار للقوات الأفريقية في الإقليم يسبب أزمة

TT

بدأت لجنة خماسية للتقصي حول الأوضاع في دارفور شكلها مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة، أول اجتماعاتها بجنيف، وفي ذات الوقت بدأ فريق من محكمة الجنايات الدولية التي تتخذ من لاهاي مقرا لها، التقصي بتكتم شديد في الخرطوم حول المحاكمات التي أجرتها الحكومة السودانية بشأن مرتكبي الجرائم ضد الانسانية في دارفور، تمهيدا لرفع تقرير نهائي للمحكمة الجنائية الدولية التي ترتب لتقديم أولى قضاياها. فيما كشفت مصادر مطلعة في الخرطوم، أن إيقاف ليبيا لتحويل مبلغ 50 مليون دولار للقوات الأفريقية العاملة في دارفور بشكل مفاجئ الاسبوع الماضي، مؤشر لوجود أزمة حقيقية في ملف العلاقات بين الخرطوم وطرابلس. وتشمل اجتماعات الفريق المسؤولين في وزارتي العدل والخارجية والجهات ذات الصلة بملف دارفور. وقالت مصادر مطلعة إن الوفد سيبقى في البلاد مدة غير محددة يجري خلالها تقييما شاملا لأداء المحاكم الخاصة الى جانب التحقيقات الحكومية في الجرائم والمسارات التي اتبعها والتأكد من مدى جدية المسؤولين السودانيين في تقديم المطلوبين للعدالة الدولية الى القضاء السوداني. وقال سفير السودان بهولندا أبو القاسم عبد الواحد، ان زيارة وفد محكمة لاهاي تأتي في إطار ما ذكره المدعي العام للمحكمة في تقريره الاخير، وأضاف أن الوفد هو ذاته الذي سبق ان زار السودان عدة مرات، وذكر ان الفريق على وشك الانتهاء من إكمال تحقيقاته، ومضى انه سيقدم تقريرا شاملا للمحكمة الجنائية يحوي التطورات كافة وما توصلت اليه المحكمة من معلومات.

وأبلغ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة رسميا بعثة السودان في جنيف، بقائمة أعضاء بعثته المتوقع وصولها للبلاد خلال الفترة المقبلة بغرض التحقيق في تزايد الانتهاكات ضد المدنيين في دارفور، غير ان المجلس لم يحدد موعدا قاطعا لزيارة البعثة للبلاد. وقالت مصادر مطلعة في الخرطوم إن ثلاثة من أعضاء البعثة يتوقع وصولهم الى جنيف بغرض عقد أول اجتماع بين اللجنة وسكرتارية المجلس بغية وضع خارطة للعمل وتحديد موعد مغادرتها الى الخرطوم وعودتها لجنيف لإعداد تقريرها الذي سترفعه للمجلس في دورة مارس (آذار) المقبل. وكشفت المصادر أن رئيسة اللجنة الاميركية جودي وليامز ستصل الى جنيف اليوم برفقة كل من نائب المفوض السامي لحقوق الانسان الغيني برناد رامستون، والاستوني الخبير في الصراعات العنصرية مارت توت لينضم اليهم في جنيف السفيران بالأمم المتحدة الإندونيسي كريم ويبسوند والغابونية باتريس توندا.

الى ذلك، كشفت مصادر مطلعة في الخرطوم، أن إيقاف ليبيا لتحويل مبلغ 50 مليون دولار للقوات الافريقية العاملة في دارفور بشكل مفاجئ الاسبوع الماضي، مؤشر لوجود أزمة حقيقية في ملف العلاقات بين الخرطوم وطرابلس.

وأشارت المصادر، الى ان عدم مشاركة الرئيس عمر البشير في القمة العربية الخماسية وتجمع الساحل والصحراء في سرت، يصب في اطار الأزمة بين الخرطوم وطرابلس، رغم ان الخارجية السودانية أرجعت غياب البشير «لانشغاله بأمور داخلية« ووصفت الخطوة بـ«الطبيعية». ولكن المصادر توقعت حدوث لقاء بين البشير والزعيم القذافي على هامش القمة الأفريقية المنعقدة حالياً في أديس أبابا «ربما ساهم في طي الأزمة». وكشفت المصادر أن الخلافات بين الرجلين بدأت منذ رعاية القذافي لمحادثات بين الحكومة التشادية والمعارضة فيها دون التنسيق مع حكومة السودان التي منحت المعارضين اللجوء السياسي. وحسب المصادر، فان ليبيا تحمل البلاد مسؤولية فشل وساطتها للتوفيق بين الخرطوم ونجامينا لعدم جدية الأولى في الخطوة، وانها تحمل السودان فشل الوساطة في التوفيق بين الجانبين.

وفيما قالت مصادر موثوقة، ان السفير السوداني بليبيا باشر مهامه قبل يومين لتقصي صحة إيقاف تحويل مبلغ كانت طرابلس تعتزم منحه لقوات الاتحاد الافريقي في دارفور، نفت الجهات الليبية علمها بما أثير، واكتفى السفير الليبي في الخرطوم بالقول: «ما هكذا تورد الإبل».

وفي الخصوص نسبت صحيفة السوداني الى حيدر حسن أبشر الخبير الاستراتيجي في الشؤون العربية والأفريقية، القول إن هنالك عدة عوامل أدت الى عدم مشاركة البشير في القمة العربية الخماسية وتجمع الساحل والصحراء في سرت.

وأوضح ان الأزمة في العلاقات السودانية الليبية بدأت في التاسع من ديسمبر (كانون الأول) المنصرم عندما رعت ليبيا محادثات بين الرئيس التشادي ادريس ديبي وقيادات المعارضة التشادية، دون الاستشارة او التنسيق مع السودان، باعتبار ان أقطاب المعارضة التشادية أفراد يقيمون فيها كلاجئين سياسيين، وكانت للخطوة تداعيات أدت الى تصعيد العمليات العسكرية في دارفور الممثلة في جبهة الخلاص الوطني وفي شرق تشاد، وأدت بالتالي الى تصعيد الاتهامات بين الجانبين على الرغم من المقترحات الليبية لتأمين الحدود المشتركة بين السودان وتشاد. وقال حسن إن مجموعة من قيادات المعارضة رفضت الجلوس في المحادثات دون مشاركة دول الجوار ومجموعة (س، ص) والاتحاد الأفريقي.