السفير السعودي لـ«الشرق الاوسط» : الحديث عن عودة موسى إلى بيروت لا يزال مبكرا

الجامعة اللبنانية تقرر تفتيش الطلاب والأساتذة بحثا عن أسلحة... والدروس معلّقة

TT

لا تسمح «المعطيات اللبنانية» حتى الآن بفسحة تفاؤل، ولو بمشروع حلحلة على درب الحل للازمة القائمة في ظل تشبث الاطراف المعنية بمواقفها السابقة ـ المعلنة وغير المعلنة ـ ما دفع بالسفير السعودي في بيروت عبد العزيز خوجة الى وضع القيادات اللبنانية امام «مسؤولية تاريخية لإنقاذ لبنان... قبل الفتنة والمجهول» ـ كما قال لـ«الشرق الاوسط» امس ـ منبهاً الى «ان الابواب لا تزال مسدودة. ومن المبكر الحديث عن عودة (الامين العام لجامعة الدول العربية) عمرو موسى الى بيروت».

وفيما تركزت الاهتمامات الداخلية على ضبط تداعيات الاحداث الاخيرة التي شهدتها بيروت الخميس الماضي، سُجِّلت «اندفاعة دبلوماسية» في اتجاه القيادات اللبنانية لاستطلاع المواقف وإبداء الاستعداد للمساهمة في «ما ينقذ لبنان من التأزم».

غير ان هذه الخطوات لم تبلغ بعد حد اشاعة الطمأنينة التي قد تسمح بعودة الطلاب الجامعيين الى مقاعد الدراسة غدا الاربعاء كما هو مقرر، وخصوصا في الجامعة العربية التي شهدت شرارة الاشكال. في حين اصدر رئيس الجامعة اللبنانية زهير شكر مذكرة طلب فيها من المسؤولين عن الامن والحراسة في فروع الجامعة كافة «اخضاع الطلاب والسيارات للتفتيش، وكذلك التأكد من سيارات الاساتذة، خوفا من ادخال اسلحة او خلافه الى حرم الكليات». وتردد ان هناك اتجاها لاستمرار اقفال الجامعات، والاكتفاء بفتح ابواب المدارس غدا الاربعاء.

وشهد الوضع السياسي الداخلي المزيد من «المراوحة في التأزم» بعد المعلومات التي ترددت في بيروت عن ان ايران حملت رسالة الى الجانب السعودي من قيادات المعارضة اللبنانية تطلب فيها تأجيل البحث في موضوع المحكمة الدولية الى ما بعد صدور تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي سيرج براميرتز. وهو ما ترفضه الاكثرية بقوة.

وقد رفض السفير خوجة التعليق على هذه المعلومات. وقال لـ«الشرق الاوسط» ان المحادثات مع ايران «تتعلق بمواضيع ثنائية بين البلدين. لكن الملف اللبناني طرح خلالها» مشيرا الى «افكار نقلها الايرانيون الى السعوديين حول مطالب اصدقاء ايران في لبنان ورأيهم في موضوع تشكيل المحكمة الدولية ودور حكومة الوحدة الوطنية». وأوضح السفير السعودي ان المملكة تسعى الى ايجاد تقارب في وجهات النظر وصولا الى حل معقول يرضي الاطراف كافة ويريح البلاد من الوضع الحالي.

ورأى خوجة «ان كل الاطراف اوضحت موقفها من الازمة. لكن ابواب الحلول ما زالت مسدودة» محذرا من «ان استمرار اقفال الابواب سيؤدي بلبنان الى المجهول». وقال: «الفرصة تضيق امام المسؤولين اللبنانيين للوصول الى حل، وإلا ذهب لبنان الى الفتنة. وسيتحملون المسؤولية امام الله والناس والتاريخ».

واعتبر انه من المبكر الحديث عن عودة الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى الان في ظل هذا التأزم بعدما اعلن بنفسه صراحة انه لن يأتي لمجرد ان يتكلم. وقال: «الامور لا تزال قيد البحث. ونحن نسعى الى ايجاد صيغة للتقارب حتى تكون الامور جاهزة لعودة موسى... لكن الامور غير مشجعة بعد».

ورداً على سؤال عما يقال من ان «التنسيق» السعودي ـ السوري يساهم في تخفيف التأزم في لبنان او يقرِّب الافكار للخروج من المأزق، افاد خوجة: «هذا التنسيق غير موجود بعد. والأمور جامدة على هذا الصعيد». وكان السفير السوداني جمال الدين محمد ابراهيم زار امس رئيس الجمهورية اميل لحود وتحدث عن شعوره بوجود «فرصة كبيرة لاستئناف المساعي العربية مجدداً». ولم يستبعد «ان يحضر الامين العام للجامعة العربية والموفد الرئاسي السوداني الى بيروت لمواصلة مساعيهما». وزارت السفيرة البريطانية فرانسيس ماري غي رئيس مجلس النواب نبيه بري. وقالت عقب اللقاء انها اعربت له عن اهتمام حكومة بلادها الشديد بما يجري في لبنان ولتسأله عن سبب اعلانه انه لا يزال متفائلا بالمستقبل كما ورد في بعض وسائل الاعلام اللبنانية. وأضافت: «لقد شرح لي بعض المحادثات التي حصلت والتي تشيع بعض الامل في حل هذه الازمة. وأعربت عن املي في ذلك». واشارت الى «ان الوضع لا يزال معقدا للغاية».

اما السفير الروسي سيرغي بوكين فقد زار رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، مبديا اسف بلاده وقلقها «للاحداث التي حصلت في لبنان يومي الثلاثاء والخميس الماضيين». وقال: «نحن نعتقد ان لا مفر من اقامة الجسور بين الافرقاء اللبنانيين من خلال جهودهم اولا. ونعتقد انه لا بد الآن وباسرع ما يمكن من ايجاد صيغة مقبولة للجميع لبدء الحوار الوطني اللبناني ـ اللبناني اولا، وضرورة بذل الجهود الجماعية الخارجية لمساعدة اللبنانيين للاستمرار في الحوار».

وفي المواقف رأى وزير العمل المستقيل طراد حمادة (حزب الله) «ان ما جرى الخميس الماضي في بيروت هو عمل مافيا حقيقية». واتهم «قوى السلطة» بـ«ممارسة الاغتيال بواسطة سرايا الموت التي ارسلت الى شوارع بيروت وعلى اسطح الابنية». وأكد عضو كتلة التحرير والتنمية النيابية النائب علي خريس وقوف حركة «امل» في وجه «اي فتنة مدمرة، وأنها ستمنع وقوعها». وهاجم النائب علي بزي (حركة امل) «كل من حاول ان يشعل الفتنة». وقال: « نحن لا نريد ان ننتصر على شركائنا اللبنانيين... ونحن لا نريد ان ينتصر فريق ويهزم آخر. شئنا ام ابينا، نحن محكومون بالديمقراطية».

من جهته، رأى النائب وائل ابو فاعور (كتلة النائب وليد جنبلاط) ان «حزب الله تعمد، ويا للاسف، في اليومين الماضيين اطلاق اتهامات بلغت اقصى مداها بكلام الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله» مؤكدا على ضرورة «البعد عن الاتهامات التي لا تساعد على تنفيس الاحتقان في البلاد «. وقال: «الكلام عن نصب كمائن والكلام في هذا الاطار، اعتقد ان من ينصب كمينا فعليا لحزب الله هو النظام السوري. واخشى ان يكون حزب الله آخر ضحايا هذا النظام». وبدوره استنكر النائب نبيل دو فريج كلام مسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» نواف الموسوي في دعوته اهالي شهداء الطريق الجديدة الى الانتقام «اذا ارادوا من رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط». وقال: «هذا الكلام يذكرنا بحملات التحريض على الرئيس الحريري قبل اغتياله». وتساءل عن «التناقضات الحاصلة في المواقف، فمن جهة نسمع خطاب السيد حسن نصر الله يطلب فيه من اهالي الشهداء عدم الانتقام والعض على الجرح لان الانتقام يخدم مصلحة اسرائيل. وهذا صحيح. ومن جهة اخرى وبعد اقل من ساعة نسمع السيد نواف الموسوي يدعو اهالي الشهداء الى الانتقام اذا ارادوا من النائب وليد جنبلاط».