واشنطن تتابع بارتياح التوجه الديمقراطي في غرب أفريقيا وترحب بتعاون دوله في الحرب على الإرهاب

الناخبون في بنين ساهموا في تمويل العملية الانتخابية

TT

قال مصدر في وزارة الخارجية الاميركية، إن واشنطن تتابع بارتياح التوجه نحو الديمقراطية في دول غرب افريقيا.

جاء ذلك في معرض تعليقه على ما ذكر من ان الولايات المتحدة ستزيد من دعمها للدول الافريقية، التي ستتبنى اصلاحات ديمقراطية. وأكد المصدر لـ«الشرق الاوسط»، ان واشنطن ستضاعف بالفعل من دعمها الى بنين، التي جرت فيها انتخابات رئاسية نزيهة، ساهم في تمويلها، في بادرة غير مسبوقة الناخبون أنفسهم. وعلى عكس المصاعب التي تواجهها واشنطن فى شرق افريقيا (الصومال مثلا)، فإن الاوضاع تختلف كثيراً مع شمال وغرب افريقيا، التي تتجاوب كثيراً مع السياسات الاميركية، وفي هذا السياق اشار المصدر الى ان الانتخابات التي جرت او ستجري في شمال وغرب افريقيا (الاشارة في شمال افريقيا الى انتخابات موريتانيا والمغرب هذه السنة). وكذا الى تعاون دول المنطقة مع ما تطلق عليه واشنطن «الحرب ضد الارهاب»، ونوه المصدر بتعاون هذه الدول في إطار مبادرات «تستحق التنويه» على حد قوله. واشار الى ما يقوم به عسكريون مغاربة لنزع الالغام المضادة للافراد في اقليم كازامانس في السنغال، الذي كان شهد حرباً أهلية انفصالية امتدت عدة سنوات. وبشأن انتخابات بنين، قال المصدر، إن الولايات المتحدة ستزيد ست مرات المساعدات التي كانت تقدمها الى هذه الدولة عندما كان يحكمها راديكاليون. وعلم هنا ان المساعدة الاميركية ستصل الى 75 مليون دولار هذه السنة.

واجهت بنين صعوبات في تنظيم انتخابات الرئاسة بسبب قلة امكانياتها المادية. وذكرت تقارير حول الظروف التي جرت فيها الانتخابات، أن بعض الناخبين تبرعوا بالمال وبعضهم قدموا للجان الانتخابات أجهزة كومبيوتر، في حين استعمل آخرون أضواء دراجاتهم النارية لاضاءة مراكز الاقتراع. هذا المبادرات غير المعتادة تبين ابتهاج الناس بالديمقراطية، في بلد كان يوصف في الماضي بانه «كوبا افريقيا». وبنجاح تجربتها الديمقراطية التي جرت العام الماضي، تنضاف بنين الى كل من غانا والسنغال وبتسوانا، التي تحولت خلال العقد ونصف العقد الماضي الى دول ديمقراطية. يقول برينستون ليمان رئيس البرنامج الافريقي في معهد العلاقات الخارجية في واشنطن «العملية الديمقراطية تسير قدماً وتبوأت بنين مكاناً متميزاً في تاريخ هذه العملية». لكن ليمان يرى إن الانتخابات وحدها ليست كافية، لانها تظل مهددة من طرف القادة، الذين لا يرغبون في التجاوب مع رغبات الشعوب.

في السنة الماضي جرت انتخابات رئاسية في الكونغو وتشاد واوغندا وتوغو. عبرت واشنطن صراحة عن دعمها لهذه الديمقراطيات الفتية، على الرغم من وقوع اعمال عنف او حدوث تجاوزات على نطاق واسع. وعلى الرغم من ان الرئيسين التشادي والاوغندي بادرا الى تعديل الدستور من أجل رئاسة مدى الحياة. في ابريل (نيسان) المقبل ستجري انتخابات في نيجيريا الجارة الغنية لدولة بنين، وهذه هي المرة الاولى التي ستتغير فيها الحكومة ديمقراطياً في هذا البلد، الذي يجمع بين ثلاثة معطيات متناقضة: اعلى كثافة سكانية في افريقيا (150 مليون نسمة). أغنى دولة بترولية في القارة، اكثر دولة تعرف فقراً وجريمة ايضاً. ومنذ الآن تعرف البلاد حملة اغتيالات وتفجيرات لها علاقة بالانتخابات.

قبل عشرين سنة كانت بنين واحدة من الدول الافريقية التي تسعى الى تأجيج الحرب الباردة في القارة، بسبب توجهاتها الماركسية، ومعظم تلك الدول كانت قد نالت استقلالها في الستينات من فرنسا وبريطانيا. وكانت السمة الاساسية للاقتصاد في هذه الدول هي الاقتصاد الموجه. مع انقلابات متتالية وموارد شحيحة لم تستطع تلك الدول الخروج من دائرة الفقر الطاحن. لكن ماثيو كيريكو رئيس بنين اقتنع بعد تجربة طويلة في الحكم إن نظامه لن يستمر، لذلك دعا الى مؤتمر وطني يضم القادة السياسيين والدينيين وزعماء الاحزاب السياسية، وطالب كثيرون بانتخابات ديمقراطية وتحديد مدة الرئاسة. واجرى الرئيس كيريكو انتخابات خسرها، لكنه ترشح بعد ذلك وفاز، ثم انتهت فترته الرئاسية العام الماضي وخسر، وانتخب رئيسان في المرتين من المعارضين، آخرهما الرئيس الحالي ياي بوني. وساعدت الخلفية المصرفية للرئيسين اللذين انتخبا بدلا من كيريكو الى تقوية اقتصاديات هذا البلد، كما ساعدت في اجتذاب استثمارات وخففت سيطرة الدولة على الاقتصاد. وعلى عكس معظم الدول الافريقية، اعتمدت بنين على السياحة واقتصاد مستقر يعتمد على الزراعة والخدمات، مع صحافة حرة. يتوقع الناس الكثير من الرئيس بوني، لكن كثيرين في العاصمة كوتونو، يرون أن رواجاً في الاسواق وتحسن الحياة سيقنعهم بجدوى المسار الديمقراطي.