المستهلكون والشركات في أميركا يدركون المخاطر أخيرا

الاحتباس الحراري.. أولوية مؤجلة

TT

اخيرا يبدو المستهلك الاميركي مستعدا لخفض استهلاكه من الطاقة بصفة دائمة، ولكن الامر احتاج لنشوب حرب وهبوب أعاصير مدمرة واعتدال استثنائي لدرجات الحرارة في فصل الشتاء.

حذر علماء البيئة من أن الاحتباس الحراري شارف مرحلة اللاعودة التي سيستحيل عندها تجنب ارتفاع منسوبات البحار وانتشار القحط.

ورغم صعوبة تغيير الصورة المعتادة للاميركي البدين الذي يجوب الطرق السريعة بسيارات رياضية تحرق كميات هائلة من البنزين، يقول اقتصاديون وكبار رجال أعمال ان المستهلكين اصبحوا أكثر وعيا بالاضرار البيئية التي يسببها الوقود ومخاطر الامن القومي وهم على استعداد للتحرك لمواجهة ذلك.

وذكرت شركة جنرال موتورز كورب لصناعة السيارات أن مبيعات السيارة همر الرياضية الضخمة التي أصبحت عنوانا لاهدار البنزين انخفضت بنسبة 10.9 في المائة في ديسمبر (كانون الاول)، وذلك حسب تقرير لرويترز.

كذلك من المقرر أن تعرض هوندا موتور كورب اعلانا في وقت الذروة اثناء اذاعة مباراة نهائي مسابقة كرة القدم الاميركية للمحترفين للدعوة لترشيد استهلاك الوقود في تحول مهم عن موقفها قبل عام حين سوقت الشاحنات ريدجلاين.

ويقول كن جولدستاين الاقتصادي بكونفرنس بورد في نيويورك ان المستهلكين اصابتهم صدمة عقب الاعصارين كاترينا وريتا اللذين تسببا في ارتفاع أسعار البنزين فوق ثلاثة دولارات للغالون عام 2005 وهو مثلا الثمن الذي اعتادوا دفعه منذ عام 1990.

وارتفعت الاسعار مرة اخرى في الصيف الماضي لكنها سرعان ما تراجعت ليقترب البنزين الآن من دولارين للغالون فهل سيعود المستهلكون للسيارات الرياضية والشاحنات الكبيرة.

ويقول جولدشتاين «لا. لقد ولَّى زمن البنزين الرخيص ولن يعود مرة أخرى».

ويتخصص روب تريجينزا في قطاع النقل في شركة ايكون كالتشير لابحاث اتجاهات المستلهكين في منيابوليس، وهو يقول ان سلوكات القيادة لدى المستهلكين تغيرت بشكل كبير بعد كاترينا، وان التغيرات تبدو دائمة وستؤثر في نوع السيارات التي يشتريها الناس وكيفية استخدامها.

وقال «يعدل المستهلكون فعليا الكيفية التي ينتقلون بها من النقطة أ الى النقطة ب»، مشيرا لتزايد الطلب على خدمات المشاركة في حجز سيارات لاستخدامها عند الحاجة.

وبدأت الشركات الاميركية التي تتحمل الجانب الاكبر من اللوم لتسببها في زيادة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الولايات المتحدة تقود التحرك فيما يخص القضايا البيئية واعترفت بأن ترشيد استهلاك الوقود يمكن ان يخفض التكلفة ويحقق دعاية طيبة. وانضمت عشر شركات اميركية كبرى، من بينها عمالقة الصناعة جنرال الكتريك وكاتربيلر لجماعات بيئية في وقت سابق من الشهر للضغط من اجل تقييد انبعاثات ثاني اكسيد الكربون.

وتسعى متاجر التجزئة وول ماركت وهي هدف دائم لأنصار البيئة الذين يتهمونها بابتلاع المناطق الخضراء لاقامة متاجر ضخمة لتسويق مصابيح كهربائية تقلص استهلاك الطاقة. ووعد الرئيس التنفيذي للشركة باستخدام الطاقة المتجددة فقط والتخلص من الفاقد منها.

وتتابع وول ستريت منذ فترة طويلة العلاقة القوية بين أسعار البنزين وتراجع المبيعات في متاجر وول مارت التي تخدم مستهلكين ذوي دخل أقل وأكثر حساسية لتكلفة الطاقة. لكن هذا الاتجاه توقف في الخريف الماضي، اذ لم تنتعش المبيعات مرة أخرى حتى مع تراجع أسعار البنزين واعترفت وول مارت ذاتها بأن عادات المستهلكين تغيرت.

ويرى ادم باركر رئيس مجموعة كونسيرفيشن سيرفسيز دليلا على تغير الاوضاع في زيادة مبيعات شركته بنسبة 20 في المائة سنويا، ويرجع ذلك بصفة اساسية لزيادة الطلب على ترشيد استهلاك الطاقة في المنازل.