السعودية تدعو «الرباعية» لإعطاء الأولوية للقدس والحدود واللاجئين الفلسطينيين

مبعوث سعودي إلى إيران لدراسة ما يمكن أن تقدمه لحل الأزمة اللبنانية

TT

دعت السعودية أمس، على لسان وزير خارجيتها الأمير سعود الفيصل، اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط، والمقرر أن تعقد اجتماعا في أوائل فبراير (شباط) المقبل، لإعطاء موضوعات: هوية القدس والحدود بين فلسطين وإسرائيل وقضية اللاجئين الفلسطينيين، الأولوية في المباحثات المقرر أن تعقدها اللجنة.

وقال الفيصل للصحافيين في مؤتمر مشترك عقده مع نظيره المغربي محمد بن عيسى، «نتمنى أن تستفيد اللجنة الرباعية في اجتماعها المقبل من الدروس الماضية»، مبديا في السياق ذاته عن أمله في أن تتبنى اللجنة موقفا يدعو للعودة إلى المفاوضات على أساس إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية.

وشدد الفيصل على ضرورة أن تركز اللجنة الرباعية في اجتماعها، على الموضوعات الرئيسية، وأن تبتعد قليلا عن الموضوعات الجانبية. وفي سعي منه إلى عدم التقليل من أهمية خريطة الطريق، قال الأمير سعود الفيصل «نحن لا نقول إن خريطة الطريق موضوع غير مهم، ولكن هناك موضوعات أهم يجب التطرق لها».

وأكد الفيصل أنه لم يكن متفائلا طيلة سنوات خدمته كوزير للخارجية في موضوع إحياء السلام في المنطقة كما هو اليوم، مؤكدا استعداد بلاده للمساعدة في الوصول إلى السلام. وقال إنها المرة الأولى التي يكون هناك إجماع دولي على الدفع بعملية السلام وحل هذه المشكلة التي تسببت في كثير من الفوضى للمجتمع الدولي.

وأوضح الفيصل في هذا الموضوع، أن بلاده لا تزال في انتظار الموعد الذي سيتفق عليه الفلسطينيون لعقد هذا الاجتماع الذي كان موضع ترحيب من الأطراف المختلفة.

إلا أن وزير الخارجية السعودي، شدد على ضرورة المسارعة إلى عقد الاجتماع قبل تفاقم الأمور وتصاعدها على الساحة الفلسطينية، التي شهدت خلال الأيام القليلة الماضية توترا شديدا في ظل حالة الاقتتال التي سادت خلال تلك الفترة، في حين أكد على أهمية ترجمة استجابة الأطراف الفلسطينية لدعوة الملك عبد الله، بالوقف الفوري للاقتتال حقنا للدم الفلسطيني العربي المسلم.

وفي رده على سؤال حول ما إذا كانت هناك مبادرة سعودية ستقدم على طاولة المجتمعين الفلسطينيين في مكة، أفاد الفيصل بأن دعوة الملك عبد الله كانت واضحة في هذا الصدد، حيث أكدت على ضرورة أن يتم الاجتماع دون أي تدخل خارجي، مشيرا إلى أنه ليس هناك من يعلم بخافي القضية الفلسطينية أكثر من الفلسطينيين أنفسهم.

غير انه لم يستبعد أن تقدم بلاده أفكارا للمجتمعين الفلسطينيين في حال رغبوا بذلك، وقال إن هذا الأمر يتوقف على رغبة الأطراف الفلسطينية المجتمعة. كما نفى الفيصل في سياق متصل، أن تكون دعوة الملك عبدالله للأطراف الفلسطينية المتناحرة «مشروطة». وقال «إن هذه الدعوة غير مشروطة، بل هي دعوة شفافة»، معربا عن رغبة بلاده في جمع الأطراف الفلسطينية بجوار بيت الله الحرام «ليتصارحوا ويتكاشفوا ويصلوا إلى الحلول التي تجنبهم المزيد من المآسي وسفك الدماء وتعود بالمسار الفلسطيني إلى وحدة الصف والوصول إلى السلام، حتى انتهاء الصراع وتحرير الأرض».

من جانبها، عبَرت الرباط عن تطلعها للموعد العاجل الذي سيحدد لعقد اجتماع الفرقاء الفلسطينيين في مكة المكرمة. ووصفت المغرب على لسان وزير خارجيتها محمد بن عيسى، دعوة الملك عبد الله للأطراف الفلسطينية أنها حدث جديد وتاريخي، مبديا أمل بلاده في أن تتوصل الأطراف الفلسطينية إلى التوافق ولمّ الشمل وبناء الدولة.

ولبنانيا، قال الأمير سعود الفيصل «إن لبنان عمل له الشيء الكثير، وأبدى العالم كله حرصه على استقراره»، فيما اعتبر أن الدعم الدولي المادي لمؤتمر باريس3، مؤشر حقيقي لما يلقاه لبنان من تأييد دولي. وفي سؤال حول نتائج الاتصالات السعودية الإيرانية الرامية إلى حلحلة الوضع المتأزم في لبنان، قال الفيصل إن الحوار بين الرياض وطهران في هذا الشأن بدأ منذ زيارة المبعوث الإيراني للسعودية خلال الأسبوعين الماضيين، لافتا إلى أن طهران أبدت رغبتها في التعاون لدرء المخاطر عن المسلمين وبخاصة الفتنة الطائفية التي تنذر باستشرائها بين الشيعة والسنة. وأكد الفيصل أن بلاده لا تضمر لمساعي طهران إلا الخير والمودة والرغبة في التعاون، إلا أنه أكد على ضرورة أن يعبر عن تلك المساعي بخطوات فعلية.

وقال الفيصل إن مبعوثا لديها موجود حاليا في طهران لدراسة ما يمكن أن تقدمه إيران في هذا الصدد. وبدا الفيصل متفائلا حيال حل قادم يلوح في الأفق للأزمة اللبنانية الحالية، وقال «إن كل مشكلة لها حل»، رابطا هذا الأمر بترجيح المصلحة الوطنية، والابتعاد عن المجابهات، وعدم الالتفات للتدخلات الخارجية، والعودة إلى طاولة الحوار من جديد.

وفي تعليقه على تعيين عادل الجبير سفيرا للرياض في واشنطن، رحب الفيصل بهذا الأمر. وقال في رده على سؤال حول تعيين شخص من خارج العائلة المالكة في هذا المنصب الذي يعد رأس الحربة في الدبلوماسية السعودية، «إن أي سفير يعتمد في تعيينه على مدى قدرته بالنجاح في مهمته، وليس هناك تفريق في هذا الأمر، ولا عبرة أيضا في مستوى التمثيل، فابن العائلة المالكة أو غيره من أفراد الشعب متى ما عين سفيرا، فهو ممثل في كلا الحالتين لخادم الحرمين الشريفين، لهما نفس الواجبات، وعليهما الحقوق ذاتها».

وعن مساعي الرياض المبذولة لضمان عدم تغيب أي من قادة وزعماء الدول العربية عن اجتماع القمة العربية والمقرر عقده في مارس (آذار) هذا العام، قال الفيصل «نحن نعمل جاهدين ليكون الحضور شاملا في هذه القمة، ونرحب بالجميع، غير أن مسألة الحضور تعود لرئيس كل دولة».وفي جانب الزيارة المرتقبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين للسعودية، قال الفيصل إن هذه الزيارة ستسهم في تعزيز التعاون بين البلدين عبر اتفاقيات سيتم التوقيع عليها في المجالين الاقتصادي والسياسي.

وذكر وزير الخارجية السعودي أن مبعوثا من بلاده موجود في موسكو، لينظر في الترتيبات التي سيتم العمل بها، وليستعرض التجهيزات والاستعدادات للزيارة بما فيه الاتفاقات التي سيتم التوقيع عليها بين الدولتين التي ستساعد في دفع التعاون السياسي والاجتماعي بين البلدين.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية أمس عن مصدر رسمي سعودي، قوله إن الأمير بندر بن سلطان الأمين العام لمجلس الأمن القومي يزور موسكو حاليا، لترتيب برنامج الزيارة القادمة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى الرياض في 11 و12 فبراير (شباط) المقبل.

وأوضح دبلوماسي روسي في الرياض أن زيارة الأمير بندر إلى موسكو تهدف أيضا إلى البحث في صيغة اتفاقية للتعاون الأمني بين الرياض وموسكو في مجال مكافحة الإرهاب، فيما توقع أن يتم التوقيع على هذه الاتفاقية خلال زيارة بوتين إلى السعودية «إذا ما تم الاتفاق على بنودها خلال زيارة الأمير بندر». وذكر وزير الخارجية السعودي أن نزيف الدماء المستمر في العراق الذي لا يزال يزهق المزيد من الأرواح البريئة دون أي وازع ديني أو إنساني، يشكل مصدر قلق للجميع. وقال «كلنا أمل أن تحقق الجهود القائمة نتائجها في وقف التدهور الأمني بالتعامل مع جميع مصادر العنف والإرهاب والميليشيات المسلحة، وتحقيق الوحدة الوطنية بين جميع العراقيين بكافة فئاتهم وأعراقهم وأطيافهم السياسية على مبدأ المساواة والتكافؤ بين الجميع، والحفاظ على استقلال وسيادة ووحدة أراضي هذا البلد العريق بتاريخه وحضارته وتراثه العربي الأصيل».