أوروبا تقاوم ضغطا أميركيا لوقف التحويلات المالية وتجميد أصول شركات إيرانية

18 مليار دولار ضمانات قروض حكومية لطهران من شركائها الأوروبيين

TT

قال مسؤولون أميركيون وأوروبيون، إن الحكومات الأوروبية تقاوم مطالب أميركية بوقف دعم الصادرات الى إيران، ووقف التحويلات المالية اليها وتجميد أصول بعض الشركات الإيرانية.

ويأتي ذلك فيما أبدت الدول الغربية، وعلى رأسها واشنطن، شكوكا في دعوة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الى تعليق مؤقت ومتزامن لتخصيب اليورانيوم من جانب ايران وتطبيق العقوبات من جانب المجتمع الدولي. في المقابل، عبرت روسيا، حليفة طهران وشريكتها التجارية، عن تفاؤلها بالوصول «الى حل سياسي للأزمة».

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين في الإدارة الأميركية، قولهم ان تحركا أميركيا جديدا لخفض الصادرات الى إيران وقطع تحويلاتها المالية يهدف الى فرض المزيد من العزلة الاقتصادية على طهران في ظل إشارات أولى على ان الضغط العالمي أضر بإنتاج النفط وبالاقتصاد الإيرانيين.

وكان مجلس الأمن قد تبنى بالإجماع في ديسمبر (كانون الأول) الماضي قرارا بفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على إيران بسبب رفضها وقف تخصيب اليورانيوم. وتقول الولايات المتحدة ان ايران تستخدم برنامجها النووي غطاء لإنتاج أسلحة نووية، وهو ما تنفيه طهران التي تؤكد أنه مخصص للأغراض السلمية. ويتم حاليا بحث مسألة تطبيق القرار في ظل مقاومة أوروبية لمناشدات أميركية بتسريع وتيرة العمل. وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية «نبلغ الأوروبيين أنهم بحاجة الى الذهاب أبعد مما فعلوا لممارسة أكبر قدر من الضغوط على إيران». وأضاف «كان الرد الأوروبي على الصعيد الاقتصادي ضعيفا». وقالت الصحيفة ان المطالب الأميركية والردود الأوروبية قدمت من قبل عشرة مسؤولين من بينهم مؤيدون ومعارضون للمقاربة الأميركية. وقال مسؤولون أميركيون وأوروبيون ان من السخرية في مسألة الضغوط إن عددا من المصارف الأوروبية بادرت الى خفض تحويلاتها الى إيران، وذلك بشكل جزئي بسبب الحظر الذي فرضته الخزانة الأميركية على استخدام الدولار في الصفقات التي ترتبط بمصرفين إيرانيين كبيرين. وأضاف المسؤولون ان الضغط الأميركي على الحكومات الأوروبية كان أقل نجاحا مقارنة بالبنوك الأوروبية.

وقال مسؤولون أميركيون ان الضغوط الأميركية تستهدف بشكل محدد: ايطاليا وألمانيا وفرنسا واسبانيا والنمسا وهولندا والسويد وبريطانيا، وهي دول ترتبط بمشاريع أعمال كبيرة مع إيران، وبشكل خاص في مجال الطاقة، مع ذلك فقد استجابت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل التي تترأس الاتحاد الأوروبي للطلبات الأميركية.

وتقول الإدارة الأميركية ان الحكومات الأوروبية أمنت لإيران 18 مليار دولار على شكل ضمانات قروض حكومية في العام 2005. وقال مسؤولون أميركيون وأوروبيون ان الرقم انخفض في العام التالي، ولكن ليس كثيرا. وتشير وثيقة استخدمت في المحادثات الأوروبية الأميركية حول هذه المسألة الى ان اكبر مزودين لهذه القروض في أوروبا كانوا في عام 2005: ايطاليا 6.2 مليار دولار، وألمانيا 5.4 مليار دولار، وفرنسا 1.4 مليار دولار، واسبانيا والنمسا مليار دولار لكل منهما. وقال مسؤولون أميركيون ان الحكومات الأوروبية ربما تكون قد سهلت أعمالا محظورة، وان على هذه الحكومات العمل على وقف هذه التحويلات.

وقال وزير الخزانة الأميركي هنري بولسون، ان الولايات المتحدة تقاسمت مع الأوروبيين أسماء 30 شركة على الأقل متورطة، فيما تعتقد واشنطن، بأعمال الإرهاب وبرامج الأسلحة.

وقال مسؤول أميركي «أبلغنا الأوروبيون أنهم لا يمتلكون الأدوات». وأضاف «كان ردنا: احصلوا على الأدوات». وقال مسؤول أوروبي «نريد الضغط على إيران». وأضاف «لكن هناك درجات متفاوتة من الإرادة السياسية في أوروبا.لا يمكن للاتحاد الأوروبي ان يفعل ما تطلبه أميركا ببساطة». وقال مسؤول أوروبي آخر «سنكون حذرين جدا إزاء ما تريد الخزانة الأميركية منا ان نفعله. يمكن رؤية بنوك تبطئ أعمالها مع إيران. لكن لأن هناك مصالح أعمال ضخمة يجب ان نكون حذرين جدا».

من ناحيته، قال وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي في مقال له نشر أمس في صحيفة «لوموند» الفرنسية، ان رفض ايران طريق الحل الدبلوماسي للأزمة الناتجة عن ملفها النووي، يعرضها «لخيارات أخرى». وقال «على السلطات الايرانية أن تفهم انها برفضها حلا دبلوماسيا، فان تفتح بنفسها الطريق أمام خيارات أخرى»، في وقت تزداد التساؤلات عن الهدف من تعزيز الوجود العسكري الأميركي في الخليج. وقال دوست بلازي إن «الحل الوحيد القائم على التفاوض الذي تدافع عنه فرنسا، يمكن ان يتجاوب مع مصالح الجميع»، مشيرا الى ان على المجتمع الدولي «ان يكون حاسما»، بشأن «المبادئ» انما «منفتح أيضا على الحوار» مع طهران.