سبتة تستكمل إجراءات تمتيعها دستوريا بصفة المنطقة المستقلة

مشروع الحكومة المستقلة يلتف على المسألة اللغوية

TT

تستكمل حاليا في مدينة سبتة التي تحتلها إسبانيا في شمال المغرب، الإجراءات القانونية الرامية إلى تمتيع المدينة دستوريا بصفة المنطقة المستقلة، على غرار الجهات الإسبانية الأخرى، التي توجد بها حكومات مستقلة تتولى تسيير الشأن المحلي، متحررة في حدود كثيرة، من سلطة ووصاية الحكومة المركزية في مدريد.

وكانت سبتة التي يعتبرها المغرب جزءا مغتصبا من ترابه الوطني، قد حصلت على حق تشكيل حكومة ينتخبها برلمان محلي عام 1995، بصلاحيات أقل من تلك المخولة لباقي الحكومات المستقلة الموزعة على عموم التراب الإسباني، تجنبا لإثارة مشاعر المغرب واندلاع ردود فعل محتملة. وظلت مطالب السكان المحليين المعمرين قائمة بشأن معاملة مدينتهم بالتساوي مع مثيلاتها، إلى أن استجابت الحكومة الاشتراكية الحالية أخيرا لمبتغاهم بضغط من القوى المحافظة محليا ووطنيا، حيث أعد الحزب الشعبي اليميني الحاكم في المدينة، الذي يتوفر على 19 مقعدا في البرلمان المحلي من مجموع 25، مشروع القانون التنظيمي لتغيير الوضعية القانونية للمدينة في أفق تحريرها من هيمنة حكومة مدريد.

ومن الأشياء اللافتة للنظر التي احتوت عليها صيغة المشروع الذي أعده الحزب الشعبي، عدم إشارته كلية إلى المكون العربي في المدينة، الذي يجب الحفاظ عليه والعناية به، بل يترك في عبارات مبهمة للحكومة المستقلة إمكانية تمويل ما يسميه المشاريع الثقافية. وسبق لحزبي المعارضة اللذين يعبران عن وجهة نظر المغاربة المقيمين في المدينة، أن اعترضا على توجه الحزب اليميني الحاكم، وانسحبا من اللجنة المكلفة مشروع تغيير وضعية سبتة.

ولم يتفق الحزبان الإسبانيان الرئيسيان أي «الاشتراكي العمالي» الحاكم على الصعيد الوطني، و«الشعبي» المعارض الذي يرأس حكومة سبتة المحلية، على الصيغة الأولى للمشروع، لكن التعديلات التي أدخلت أبقت على الغموض فيما يتعلق بالحضور الثقافي العربي في المدينة ماضيا وحاضرا، لكنه (مشروع القانون) يوصي باحترام التعدد الثقافي لسكان المدينة، مشددا على أن الإسبانية هي اللغة الرسمية الوحيدة فيها.

وبنوع من المداراة القانونية، يلتف المشروع على المسألة اللغوية، فيشير إلى أن الغنى الثقافي للمدينة، يتأتى من تعايش لغات تنطق بها المجموعات المغربية واليهودية والهندية، من دون أن يذكر بالاسم اللغة العربية، بل يضعها في مرتبة لهجات تتكلمها مجموعات هندية ويهودية قليلة العدد، إذا ما قورنت بالوجود السكاني الكثيف للمغاربة.

تجدر الإشارة إلى أن ممثلي المغاربة في الهيئات السياسية والمنتخبة في سبتة، يتشبثون بالمطالب التي تميزهم كهوية ثقافية ولغوية ودينية، وليس من باب المناداة بعودة المدينة إلى التراب المغربي.

إلى ذلك، يمنح مشروع القانون الذي كان يفترض أن يتم إقفاله أمس، صلاحيات أخرى واسعة للمدينة، بخصوص تدبير الشأن المحلي وتحصيل الجبايات، وأكثر من ذلك يخولها حق الطعن في القوانين التي تصدرها الحكومة المركزية، وذلك عبر آلية الاحتكام إلى المجلس الدستوري في حالة التنازع بين الحكومتين المحلية والوطنية. ومن شأن هذا الإجراء، رغم طابعه الشكلي في الظاهر، في حالة إقراره، أن يذهب بعيدا بالمدينة عن كل صلة وارتباط بالمغرب، ويسلخها منه بكيفية لا رجعة فيها.