ساترفيلد: استقرار المنطقة يعتمد على استقرار العراق.. وتخلي طهران عن مساعي الهيمنة

مستشار وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون العراق لـ«الشرق الأوسط»: العراقيون يتحملون مسؤولية استقرار بلدهم

TT

شدد كبير مستشاري وزيرة الخارجية الاميركية ومنسق الشؤون العراقية ديفيد ساترفيلد، على ضرورة عدم اندلاع مواجهة بين العراق وإيران، قائلا: «صف العراق ضد ايران ليست المعادلة لاستقرار المنطقة». وقال ساترفيلد في حديث لـ«الشرق الاوسط» في لندن أمس: «نأمل ان يستقر العراق من أجل العراقيين اولا ومن اجل المنطقة ثانياً، ونأمل ان ايران تتخلى عن محاولة فرض تأثيرها على المنطقة من خلال التخويف والتهديد والإرهاب». وأضاف ساترفيلد «لا نحتاج الى مواجهة بين العراق وإيران لتحقيق استقرار المنطقة»، موضحاً «خلق وضع في الخليج يعتمد على صراع عراقي ـ ايراني لم تكن معادلة تحقق الاستقرار في السابق، ولن تحققه في المستقبل». وتابع: «علينا تغيير ذلك، فنحن بحاجة الى عراق مستقر وإيران لا تصر على الهيمنة وتراعي مصالحها داخل بلادها».

وعن مخاوف دول منطقة الشرق الاوسط من تدهور الاوضاع في العراق، قال ساترفيلد: «نقدر مخاوف دول المنطقة، وبما فيها المخاوف من تنظيم القاعدة والعمل الايراني السلبي، ولكن افضل طريقة لمواجهة هذه المخاوف هو من خلال دعم المعتدلين في العراق وليس عزل ذلك البلد». وأضاف: «من خلال نجاح خطة بغداد ومواجهة كل من يدعم العنف وتعهد الحكومة العراقية بعدم التدخل في الخطة الأمنية، ستثبت الحكومة أنها حكومة وطنية وليست طائفية»، مما سيبدد مخاوف دول المنطقة ازاء الحكومة.

وحول قرار الادارة الأميركية مواجهة التدخل الايراني السلبي في العراق، قال ساترفيلد: «لن نقبل بالفعاليات الخطيرة لإيران في العراق التي تستهدف قواتنا والقوات المتعددة الجنسية والعراقيين، ولقد أوضحنا سياستنا لجميع الأطراف في العراق». وأضاف: «هناك تأثير إيراني مباشر في العنف المتصاعد في العراق، ولن نقف متفرجين على هذا الوضع وبغض النظر عن علاقتهم بالأطراف العراقية الخاصة بإيران، فالبعض قريب جداً منها وآخرون أقل قرابة، لن نقبل بوجود عملاء إيرانيين متورطين بالعنف». وتابع: «لقد جعلنا هذا الأمر واضحاً جداً وسنواصل سياستنا». ولفت ساترفيلد الى ان هناك «يدا إيرانية تدفع الكثير من عدم الاستقرار في المنطقة، ولكن هذا لا يعني ان ايران تتحمل مسؤولية جميع الظواهر، بما فيها حزب الله في لبنان أو النزاع الفلسطيني، إلا انها تلعب دوراً فيها»، مضيفاً: «هناك مواجهة بين المعتدلين الذين ـ بغض النظر عن رأيهم ـ يعتمدون طرقا سياسية، وبين المتطرفين الذين يعتمدون العنف، وهذه المواجهة تترجم بطرق مختلفة». وقال ساترفيلد، الذي كان نائب السفير الاميركي في العراق قبل توليه منصبه في أغسطس (آب) الماضي، ان «الطريق الى الأمام في العراق الذي أعلن عنه الرئيس (الأميركي جورج بوش) في 10 يناير (كانون الثاني) يعكس النقاشات المطولة التي أجريناها مع الحكومة العراقية والقادة العراقيين في الحكومة وخارجها والقادة العسكريين العراقيين والاميركيين لمعرفة الطريقة الافضل لاستقرار الوضع في العراق، مع التركيز على بغداد كونها نقطة الجاذبية للعملية السياسية والعنف الطائفي».

وأكد ساترفيلد أن «استقرار العراق لا يعتمد على عدد القوات الاميركية في البلاد أو الدولارات التي تصرف، بل على القرارات العراقية والتصرفات العراقية والمسؤولية العراقية»، مضيفاً «العراقيون مسؤولون عن مستقبل بلدهم، ليس الولايات المتحدة، على الرغم من اننا لدينا مصالح معينة في العراق التي تناسب معظم دول المنطقة». وأوضح «بسبب تلك المصالح، نحن مستعدون للاستثمار في العراق، ولكن نجاح ذلك (الاستثمار) يعتمد على العراقيين». ونفى ساترفيلد أن يكون البيت الابيض قد حدد موعدا لرئيس الوزراء العراقي لاستقرار العراق، قائلا: «المالكي لم يسمع منا موعدا محددا، ولكن قلنا للجميع أن الصبر بدأ ينفد».

واعتبر ساترفيلد أن هناك «خللا حقيقيا من الجانب العراقي» لتحمل المسؤولية والعمل على استقرار البلاد ودفع عملية المصالحة وتنفيذ ميزانية البلاد. ولكنه أضاف: «نعرف أن هناك عقبات حالية أمام توزيع الثروة العراقية من خلال الميزانية الحالية، ولذلك نحن مستعدون لإقناع الكونغرس لتزويدنا بالدعم المادي لسد الفجوى بين الاحتياجات الحالية وجهود استقرار البلاد والسنوات المقبلة، حيث سيكون على العراقيين أخذ مسؤولية (ادارة) البلاد». وتابع: «نؤمن بإمكانية نجاح هذه العملية، ولكن ذلك يعتمد على العراقيين؛ الحكومة العراقية والقيادة العراقية ككل». وقال ساترفيلد إن الادارة الاميركية «أوضحت لجميع الأطراف الذين نتحاور معهم في العراق، انه يجب ان يكون هناك تعهد اجماعي حقيقي بنبذ العنف، وان يشاركوا في العملية السياسية، على رغم الاختلافات السياسية المشروعة، وليس الاعتماد على الشارع». وأضاف: «على الجميع، بما في ذلك المجلس الاعلى للثورة الاسلامية، نبذ العنف ورفض صريح للاطراف المرتبطة به ومتورطة في العنف والتخويف، مثل العناصر في فيلق بدر المتورطة بالعنف، او جيش المهدي أو غيره». وتابع: «على المدى البعيد يجب ان تكون هناك برامج لنزع سلاح الميليشيات وإدخال عناصرها مجدداً في المجتمع، ولكن حتى ذلك الوقت الأولوية تقع لعزل الميليشيات المتورطة بالعنف ومواجهتها ووقفها عند حدها». وعن التحاور مع مسلحين في العراق وأعضاء من حزب البعث المنحل، قال ساترفيلد: «الحكومة العراقية ونحن (في الادارة الاميركية) مستعدون للتحاور مع من هو مستعد للتخلي عن العنف وتبني مبدأ مفاوضة مبني على السياسة، ولكن للأسف الذين تحدثنا اليهم لم يظهروا قابلية على وقف العنف في الشارع». وأضاف: «لقد أظهروا رغبتهم في التحاور، ولكن لم تكن هناك نتيجة فعلية للحوار في تقليل نسبة العنف ضد قواتنا والأبرياء العراقيين». وتابع: «لكن الباب ما زال مفتوحاً للذين يريدون الحوار». وأوضح أن الجهات التي دخلت الولايات المتحدة في مفاوضات معها شملت «عناصر لها علاقات مع التمرد، ومسؤولين سابقين في الجيش العراقي السابق، والبعض لديهم علاقة بحزب البعث، ولكن بالطبع لم نتحاور مع تنظيم القاعدة». وأضاف: «هناك قنوات مباشرة وغير مباشرة في هذا الحوار المتواصل، ولكن مع الأسف لم يجلب نتيجة حتى الآن». وأبدى ساترفيلد تفاؤله لمستقبل العراق، قائلا: «الشعب العراقي حصل على حريته من عنف واضطهاد صدام حسين وعائلته ونظام مبني على التخويف... وبغض النظر عن العنف في العراق اليوم، الذي لا يوافق عليه احد، الشعب العراقي أمامه اليوم مستقبل افضل من ذلك الذي كان أمامه قبل مارس (آذار) 2003»، أي قبل سقوط النظام السابق.